الاقتصاد الإسلامي والخصخصة

  • — السبت يناير 07, 2017

يقوم المنهج الاقتصادي الإسلامي في نظرته الفطرية الموضوعية والواقعية إلى الملكية على أساسين هما : الملكية الخاصة: هي الأساس وهي عصب النشاط الاقتصادي وتتفق مع غريزة الإنسان للعمل والكسب والتملك وتنمية المال.  الملكية العامة: وذلك بالنسبة للمشروعات والمؤسسات والهيئات العامة ذات النفع العام أو لدرء الضرر العام والتي لا يقبل عليها الأشخاص لأسباب شتى منها انخفاض أو انعدام الربحية.

وتتفاعل الملكية الخاصة والملكية العامة في إطار الضوابط الشرعية لكل منهما بما يحقق النشاط الاقتصادي المتزن والذي يحقق الحياة الطيبة الرغدة للناس والمجتمع في الدنيا والفوز برضا الله وثوابه في الآخرة، أي تحقيق الإشباع المادي لإعانة الإنسان على تحقيق الإشباع الروحي وهو عبادة الله عز وجل، وأساس ذلك قول الله عز وجل : {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ  مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ  إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ} سورة الذاريات: الآيات 56 – 58.

وتتمثل مسئولية الحكومة أو ولي الأمر في الدولة الإسلامية في المحافظة على الملكية الخاصة وتنميتها وكذلك المحافظة على الملكية العامة في ضوء المقاصد الشرعية التي من أجلها قد أنشأت، دون إسراف أو تبذير أو تبديد أو إهمال أو تقصير.

وتتمثل نظرة المنهج الاشتراكي للملكية في طغيان الملكية العامة على الملكية الخاصة ولقد فشل فشلاً ملحوظاً ونجم عن ذلك آثاراً سيئة اعترف بها أنصاره وليس هذا هو المقام لتعدد تلك المساوئ.

ولا يعني أن المنهج الاشتراكي قد فشل في نظرته إلى الملكية أن المنهج الرأسمالي قد حقق النجاح المنشود، بل نجد فيه العديد من المساوئ من أبرزها أن الحكومة قد تركت بعض الأنشطة الهامة ذات النفع العام تحت هيمنة وسيطرة واحتكار الأفراد والمشروعات الخاصة وهذا بدوره أضعف من سلطة ولي الأمر على السياسات الاقتصادية والمالية ونحوها، وربما سيطرة حفنة أو شرذمة من اليهود على اقتصاد أمريكا وتأثيراتهم الملحوظة على سياستها الخارجية والداخلية واضحة رؤيا العين أمام العالم.

ويمكن التعرف على موقف الاقتصاد الإسلامي من عملية الخصخصة وتقليص دور القطاع العام من خلال دراسة المسائل التالية:

أولاً : وظائف الدولة:

موضوع الخصخصة هو عنصر في موضوع أكبر وهو وظائف الدولة أو دور الدولة في المجتمع، وخاصة في المجال الاقتصادي. فكثيراً ما نطالع أثناء نظرنا في موضوع الخصخصة إشارات واضحة إلى انعكاس ذلك على دور الدولة أو وظائف الدولة. ومن الإشارات ما يفيد أن الخصخصة إن هي إلا تهميش لدور الدولة، واختزال لوظائفها، ومنها ما يفيد أن المسألة لا تعدو أن تكون إعادة هيكلة لهذا الدور ولتلك الوظائف دون أن يكون لها علاقة بقوة وضعف، وحجم هذا الدور، بل إن البعض ليذهب إلى أن الخصخصة هي في الحقيقة مزيد من التفعيل والتقوية لدور الدولة، حيث تباعد بينها وبين الانشغال والاستنزاف في أعمال وأدوار لا تمثل قمة الدور أو الوظائف المنوطة بها، وانشغالها بذلك. فيه المزيد من الإنهاك والضغط وعدم وجود الفرصة أو القدرة على ممارسة أهم وظائفها. وأيا كان الأمر فالذي لا شك فيه أن هناك ارتباطا وثيقا بين هذا وذاك. ومن ثم بات التعرف على وظائف الدولة في الاقتصاد الإسلامي مطلباً ضرورياً للتعرف ولو جزئياً على موقف الاقتصاد الإسلامي من الخصخصة.

في ظل الاقتصاد الوضعي تتحدد وظائف الدولة ومالها من دور من قبل المجتمع، في ضوء ما هو عليه من ثقافة وقيم، وما يعايشه من ظروف وملابسات، وأوضاع الاقتصادية. ولكون هذه المحددات متغيرة من زمان لزمان ومن مكان لمكان فإن وظيفة الدولة بدورها متغيرة، فنراها في الاقتصاد الاشتراكي مختلفة عنها في الاقتصاد الرأسمالي، بل نراها في داخل المجتمع الواحد والنظام الاقتصادي الواحد متغيرة من آن لآن، ولذلك وجدنا الدولة الحارسة ووجدنا الدولة المتدخلة ووجدنا الدولة المنتجة ووجدنا دولة الرفاهية. وكل دولة من هذه الدول ذات طبيعة ووظيفة مغايرة للأخرى. فأحيانا يخف الدور ويقل حتى لا يكاد يذكر كما هو الحال في الدولة الحارسة، وأحياناً يقوى الدور ويكبر حتى يكاد يبتلع ما عداه كلية، كما هو الحال في الدولة المنتجة التي أخذت على عاتقها مهمة القيام بالنشاط الاقتصادي، وأحيانا نجد الدور معتدلا متوسطا، كما هو الحال في الدولة المتدخلة ودولة الرفاهية.

وفي ضوء هذا التبدل والتطور في دور الدولة ووظائفها لا نجد في ظاهرة الخصخصة ما يثير الاهتمام بشكل مكثف في ظل الاقتصاد الوضعي، فما هي في النهاية إلا دورة من دورات التاريخ أو موجة من موجاته. فهل الأمر في الاقتصاد الإسلامي على هذا النحو أم له منحنى مغاير؟

إن الاقتصاد الإسلامي إلهي المصدر وإلهي المبادئ والقواعد يرتكز على النصوص الشرعية واجتهادات علماء المسلمين، واستقراء تلك المصادر وتدبرها يجعل الإجابة على السؤال المطروح بأن الأمر في الإسلام مغاير لما عليه في الاقتصاد الوضعي مغايرة تكاد تكون كلية في هذا الشأن.

ومنشأ هذه المغايرة اختلاف الركائز والمنطلقات، فهي هناك بشرية محضة، وهي هنا إلهية محضة، فلم يحدد المسلمون من عند أنفسهم وظائف ومهام الدولة الحاكمة لمجتمعهم، وإنما تم ذلك من قبل الإسلام، وما على المسلمين إلا الفهم والاستنباط ثم الصياغة في صورة مقولات فنية. فإذا قال الاقتصاديون الإسلاميون إن كفالة الحد الأدنى من المعيشة لكل أفراد المجتمع الإسلامي من وظائف الدولة ومهامها الأساسية فإنهم لم يبتدعوا ذلك من أنفسهم، وإنما هو الاهتداء والفهم والاستنباط من النصوص الشرعية؛ القرآنية والنبوية، وقس على هذا بقية الوظائف والمهام.

وحيث إن الأمر في الاقتصاد الإسلامي في هذه المسألة على هذا النحو فإن القضية لا تخضع للظروف والملابسات ولا للأهواء والتوجهات، وبالتالي تتبدل وتتغير من حين لآخر. وخاصة من حيث الحجم والقوة. وإن تطورت من حيث الشكل والصورة. وقد غاب عن البعض الفهم الدقيق لهذا الأمر فذهب إلى أن دور الدولة في الاقتصاد الإسلامي يعتريه التغير والتبدل من حيث النطاق والحجم والقوة والضعف، تبعاً لظروف وأوضاع المجتمع. إن مهمة الدولة في الإسلام تتجسد في أمر واحد هو رعاية المجتمع “فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته” والرعاية كما هو بارز في اسمها وكما فهمها العلماء هي منتهى الحفظ والصيانة، وتحقيق أكبر مصلحة ممكنة. ومعنى ذلك أنها لا تقل في حالات وتزيد في أخرى، ولا تضعف في حالات ولا تقوى في حالات. وقد تناول علماء المسلمين قديماً وحديثاً هذه الوظيفة الجامعة بالتحليل والدراسة والتفصيل فاشتقوا منها، عملاً بالنصوص، العديد من الوظائف النوعية. والمطلع على هذه الدراسات القديمة والحديثة يجدها كلها داخلة في إطار الرعاية. كما يجد التنوع في التقسيم والتفريع، وربما في الأولويات. فهناك من ينوع هذه الوظائف بشكل كبير يتجاوز بها السبع أو العشر، وهناك من يجمل ويدمج، وهناك من يبدأ بكذا ومن يبدأ بكذا. والكل منطلقة واحد، هو الإسلام بنصوصه وقواعده.

وفي ضوء هذا التمهيد يمكن الإشارة إلى ما نراه من وظائف للدولة في ظل الاقتصاد الإسلامي.  وترتيبنا لهذه الوظائف لا يعنى من قريب أو بعيد أنه يعكس الأهمية النسبية لها وهي كالتالي:

  • توفير الخدمات الأساسية للمجتمع، وعلى رأسها الدفاع والأمن والعدل، وتمتد لتشمل مختلف المرافق العامة ذات الخدمات الضرورية للعامة مثل الطرق والجسور والمواصلات والمياه والكهرباء، وغير ذلك من كل ما تمس حاجة المجتمع اليه، مثل التعليم الأساسي والصحة العامة. وقد أقسم عمر لعلي رضي الله عنهما على أنه لو ذهبت عناق بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة.
  • تأمين الحد الأدنى من المعيشة لكل فرد في المجتمع عجز عن توفيره بنفسه أو من خلال من تلزمه نفقته، بغض النظر عن عقيدته. إذ لا يتحقق مفهوم الرعاية مع عدم توفر ذلك المستوى المعيشي لكل فرد، والنصوص والتطبيقات الشرعية في ذلك عديدة. وتوفير ذلك يتطلب أن يكون لدى الدولة من الأموال ما يكفي لتغطية هذا الأمر. وقد وفر الإسلام للدولة الأدوات والأساليب التي تؤمن لها ذلك.
  • وضع الإطار الملائم للنشاط الاقتصادي؛ فالدولة مسؤولة عن رعاية مصالح العامة والحفاظ على مقاصد الشريعة. وتحقيق ذلك إنما يكون من خلال العديد من السياسات الاقتصادية وغيرها، مثل السياسة المالية والسياسة النقدية والسياسة التجارية والسياسة الداخلية. وكذلك ما يتعلق بوضع التشريعات التي تكفل حماية الحقوق لأصحابها وفض المنازعات، وكذلك توفير المعلومات والبيانات وكل ما من شأنه إقامة نشاط اقتصادي جيد، وبالاختصار إن الدولة مسؤولة عن توفير المناخ الصحي لإقامة نشاط اقتصادي كفء، لأنها مأمورة برعاية مصالح الناس التي هي حقوق للناس عليها بتعبير الإمام على رضي الله عنه (ولكل علي الوالي حق بقدر ما يصلحه). ومن الأمثلة الفذة على ذلك ما فعله عمر مع راعى الغنم عندما رآه يرعى في أرض أقل خصوبة فصاح عليه قائلاً: إني قد مررت بمكان هو أخصب من مكانك، وإن كل راع مسؤول عن رعيته.
  • الإشراف على القطاع الخاص ومداومة النظر في شئونه، ومهمتها هنا تتلخص في كلمتين لا ثالث لهما، الإعانة والتقويم. فعليها إعانته لينهض بدوره على الوجه الأمثل، ولها في سبيل ذلك العديد من الأدوات والصلاحيات المالية والتجارية وغيرها، وعليها من الناحية الأخرى أن تقومه وتجبره علي سلوك الجادة والحيلولة بينه وبين إلحاقه ضرراً بالغير. ويدخل في ذلك الربا والغش والاحتكار وكل أساليب اختلال التعامل والاستثمار والتوزيع والتصدير والاستيراد وتقديم خدمات على غير وجهها. ومعني هذا بوضوح أن ترك الحبل على الغارب للقطاع الخاص، يفعل ما يحلو له، وترك ما يريد، هو أمر مرفوض في الإسلام، فالقطاع الخاص قائم وله صلاحياته وحقوقه، ولكنه في الوقت ذاته محاط بعيون الدولة وتحت إشرافها تعينه وتدعمه من جهة، وتقويه وتأخذ على يده من جهة ثانية. فالاعتراف بالقطاع الخاص وحريته وحقوقه لا يتعارض مع الاعتراف للدولة حياله من إشراف ورقابة وتنظيم، تحقيقاً للإعانة والتقويم.
  • ضمان تشغيل الموارد والطاقات والعمل على تنميتها وعدم تبديدها. إن الإسلام ينهي عن إضاعة المال، وينهي عن الإسراف والتبذير، ويكف يد السفيه عن التصرف في ماله ويعتبر حفظ المال أحد مقاصده الكبرى، وإذا كانت هذه التكليفات والأوامر والنواهي تنصرف إلي الأشخاص فهي تنصرف كذلك إلي الدولة والقائمين علي أمور الأمة، فليس من الرعاية المأمورة بها وجود موارد معطلة أو مهدرة، لأن ذلك يحول دون تحقيق الكثير من العبادات، كما أنه يعد معصية لله سبحانه وتعالي. وتحقيقا لذلك قامت الدولة في صدر الإسلام بإحياء الموات، والإقطاع، ودفع الناس إلي ممارسة النشاط الاقتصادي، وحاربت البطالة
  • تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي. فإذا كان تأمين الحد الأدنى من المعيشة وظيفة للدولة الإسلامية فإن تحقيق التوازن بين الأفراد اجتماعيا واقتصاديا هو وظيفة أخرى للدولة. وتتضمن هذه الوظيفة عدالة التوزيع، ووضع ضوابط للتفاوت في الدخول والثروات وتقليل حدة التفاوت بينها. وكذلك ضرورة مراعاة الأجيال القادمة وحماية حقوقها في مصادر الثروة. فالتوازن المطلوب شرعا هو توازن أفقي وتوازن رأسي، أي هو توازن على مستوي الجيل الحاضر وتوازن على مستوي الأجيال، فلا يطغي جيل علي أخر. وخير برهان علي ذلك ما تفعله الدولة الإسلامية في أرض الفتوح زمن سيدنا عمر رضي الله عنه، حيث راعت في سياستها ومناهجها كل الأجيال المقبلة وحتى قيام الساعة.

هذه بعض مهام ووظائف الدولة في ظل الاقتصاد الإسلامي. ومن الواضح أن تحميل الإسلام للدولة للقيام بهذه الوظائف يتعارض تماما وفكرة الخصخصة بمفهومها الواسع الذي يمتد في نظر الكثير من المفكرين إلى تهميش دور الدولة في المجال الاقتصادي، وتخليها عن الكثير من مهامها إلى القطاع الخاص، والعودة بها إلى مفهوم الدولة الحارسة، بل إلى ما هو أبعد من ذلك ناهيك عن بقية الخدمات العامة. والقول بذلك لا ينافي القول بأن الإسلام يؤيد ويقر ما في الخصخصة من دعوة وعمل علي تعديل وتطوير الدور الاقتصادي للدولة، مع الإبقاء عليه فعالا وقويا، بل العمل علي المزيد من تفعيله وتقويته، بجعله يقتصر علي المهام الحقيقية وترك المهام المصطنعة، والتي كانت وبالا علي الدولة وعلي قيامها بوظيفتها في القيادة والإشراف والتوجيه والتنظيم وضبط الأمور والإيقاعات، والانشغال بأمور ليست من اختصاصاتها بل هي من شئون الأفراد والقطاع الخاص،  مثل الممارسات المباشرة للأنشطة الاقتصادية العادية، من زراعة وتجارة وصناعة وخدمات، يمكن للأفراد ان يقوموا بها من جهة ولديهم الرغبة في ذلك من جهة أخري.

خلاصة القول: إن دراسة متأنية لوظائف الدولة في الاقتصاد الإسلامي تؤدي بنا إلى التحفظ القوي، بل الرفض الصريح لبعض مضامين المفهوم الواسع للخصخصة، وبالذات ما يتعلق بتهميش دور الدولة في المجال الاقتصادي خاصة، والمجال الاجتماعي عامة. أما عن موقف الإسلام من الخصخصة بالمفهوم الضيق فإنه يتطلب دراسة مسائل أخري مثل نظام الملكية، ونظام استغلال الممتلكات العامة.

ثانياً : نظام الملكية:

من المعروف أن نظام الملكية من الأسس الكبرى لأي نظام اقتصادي، وهو أحد المعايير الأساسية للتمييز بين الأنظمة الاقتصادية. وقد أصبح من المعارف البديهية لدي دارسي الاقتصاد الإسلامي والباحثين فيه أن نظام الملكية فيه هو النظام المزدوج، الذي يجمع بين الملكية العامة والملكية الخاصة، وليس هناك أي خلاف بين الجميع علي ذلك، وإن بدى الخلاف فيما بعد ذلك حول طبيعة كل منها ونطاقها. وسوف نكتفي بالإشارة إلي بعض محاور الملكية العامة لتوضح ذلك:

  • المحور الأول: الأموال العامة متنوعة الطبائع، فمنها ما هو مصادر وموارد للثروة مثل الأراضي والمياه والمعادن ومصادر الطاقة.. الخ، ومنها ما هو ثروة منتجة في شكل سلع نهائية ومنها ما هو في شكل نقود. مثل أموال الخراج وأموال الزكاة وغيرها.
  • المحور الثاني: هذه الأموال الخاضعة للملكية العامة هي كلها تحت إشراف الحكومة وهي المسئولة عن التصرف فيها بالشكل الذي يحافظ عليها من جهة، ويجعلها تحقق أهدافها من جهة أخري. وبالبحث والتحري في المصادر الإسلامية يتضح أن هذه الأموال تنقسم قسمين من حيث مدي حرية الدولة أو الحكومة في التصرف فيها، ونطاق هذا التصرف، فبعضها يمتد نطاق التصرف فيه من قبل الدولة إلي كل جوانب التصرف الممنوحة للمالك على ملكه من بيع واستغلال وتبرع.. الخ، وبعضها يقف حق التصرف المعطي للدولة فيها إلى حد معين، أقل من الحدود السالفة، فلا يحق لها مثلا أن تبيعها أو تمنحها. وقد حمل هذا التمييز بعض الباحثين إلى القول بأن الملكية العامة، أو بالأحرى الملكية غير الخاصة هي نوعان؛ ملكية عامة أو جماعية وملكية الدولة أو بيت المال. الأولي هي حق لكل أفراد المجتمع، ومن ثم لا يتجاوز دور الدولة حيالها الإشراف والإدارة دون التصرف في رقابها بما يفوت علي أي فرد حصته في ملكيتها وفي ذلك يقول الإمام الطحاوي : “ولا ينبغي للإمام أن يقطع مالا غنى بالمسلمين عنه، كالبحار التي يشربون منها، وكالملح الذي يمتارون منه، وما أشبه ذلك مما لا غني بهم عنه” ([1])؛ ويقول الكسانى : “وأرض الملح والقار والنفط ونحوها مما لا يستغنى عنها المسلمون لا يجوز للإمام أن يقطعها عن أحد، لأنها حق لعامة المسلمين، وفي إقطاعها إبطال حقهم، وهذا لا يجوز” ([2]). ويقول ابن قدامه : “إن المعادن الظاهرة وهى التي يتوصل إلى ما فيها من غير مؤونة ينتابها الناس وينتفعون بها كالملح والماء والكبريت والقير والمومياء والنفط والكحل والياقوت وأشباه ذلك لا تملك بالإحياء، ولا يجوز إقطاعها لأحد من الناس، ولا احتجازها دون المسلمين، لأن فيه ضرراً بالمسلمين وتضييقاً عليهم….وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه مخالفاً” ([3]) أما الثانية فهي وإن كانت في النهاية  ملكا للأمة مثل السابقة لكنها أكثر خضوعا للدولة، حتي ليقال عنها إنها ملكية الدولة أو بيت المال، وبالتالي فإن حق تصرف الحكومة فيها يمتد ليشمل كل ألوان التصرفات التي للمالك علي ماله بما فيها التصرفات في رقبتها بيعا وتبرعا، فهي من هذه الزاوية تعد ملكية خاصة، لكن المالك لها هو الدولة بصفتها هيئة حاكمة. وليس معني ذلك أن الدولة مطلقة التصرف فيها دونما ضوابط أو قيود، فتصرف الدولة فيها مفتوح في ظل المصلحة العامة الحقيقية التي حددت معالمها الشريعة. إن كلا من الملكية الجماعية وملكية الدولة يخضع تصرف الدولة فيها لضابط المصلحة العامة المنضبطة والمقننة شرعا، وكل ما هنالك من تمييز بينها فإنه يرجع إلي حدود وحجم وجوانب هذا التصرف، فهذا ذو حدود ضيقة، وذاك أوسع حدوداً أو نطاقا. وهذا التمييز يخدمنا كثيرا في التعرف علي موقف الاقتصاد الإسلامي من نوعي الخصخصة، فهناك أموال عامة لا تقبل خصخصة الملكية لكنها قد تقبل خصخصة الإدارة والتأجير، وهناك أموال عامة ترد عليها الخصخصة بنوعيها.

وليس من اليسير قيام تحديد دقيق لمفردات كل نوع من هاتين الملكيتين بشكل يحظى باتفاق العلماء، لكن ذلك لا يمنع من وجود أمثلة بارزة واضحة لكل منهما لا تحتمل الجدال والخلاف، فهناك الطرق والأنهار والمناجم والغابات وبعض الأراضي تدخل تحت النوع الأول بغير خلاف يذكر، وهناك بعض الأراضي، مثل أراضي الصوافي والأراضي التي آلت إلي بيت المال علي سبيل الميراث وأنواع من الإيرادات العامة يمكن، ان ندرجها تحت النوع الثاني…

يتضح مما سبق أن النظام الإسلامي للملكية يقرر وجود الملكية العامة كركيزة يقوم عليها النظام الاقتصادي في الإسلام، كما يقوم على ركيزة الملكية الخاصة. وأن هذا النظام يرفض خصخصة ملكية بعض الأموال العامة، ويجيزها في البعض الآخر. أما خصخصة الإدارة فلا يمكن التعرف على موقف الاقتصاد الإسلامي منه دون التعرض لمسألة نظام استغلال الممتلكات العامة.

ثالثاً : نظام استغلال الممتلكات العامة:

1-  الأموال المتجمعة في بيت المال:

مثل مال الخراج، والأموال الأخرى التي توجه للإنفاق في المصالح العامة الأصل فيها أن توجه مباشرة للإنفاق علي هذه المصالح، فتشيد بها السدود والقناطر وتعبد بها الطرق وتبنى بها المدارس والمستشفيات ومختلف المرافق وتدفع منها الأجور والمرتبات. الخ. ومعني ذلك أن الشأن فيها هو الاستخدام والإنفاق وليس الاستغلال والحصول منها على غلة أو عائد. ومع ذلك فلنفرض أن هناك فائضاً في هذه الأموال، وقلنا بادخاره للمستقبل، كما نص على ذلك الكثير من الفقهاء وخاصة الأحناف. فهل هناك ما يمنع من استثمار هذه الأموال واستغلالها في إقامة مشروعات اقتصادية؟ ليس هناك ما يمنع ذلك، بل إن ذلك هو النهج السليم، وإلا تحولت إلى مكتنزات. طالما أنها لم تستغل استغلالاً اقتصادياً جيداً. وهناك إشارات فقهية تفيدنا في ذلك، فقد ورد في المبسوط إن المروزى نقل عن محمد بن الحسن قوله ” فإن اشترى الإمام بمال الخراج غنماً سائمة للتجارة وحال عليها الحول فعليه فيها الزكاة ” ([4]) والشاهد هنا الاعتراف الفقهي بقيام الدولة باستثمار واستغلال مال الخراج، وذلك بتحويله إلى أصول نامية يتحقق منها ربح. وقد تمثل ذلك في عهده في شراء غنم ترعى وتنمو وتتكاثر وتباع، بدلاً من الاحتفاظ بأموال الخراج في شكل نقدي لا ينمو على مدار الوقت. وقياساً على ذلك، للدولة القيام باستغلال هذه الأموال بالأسلوب الذي تراه أكثر صلاحية. وقد يتمثل ذلك في إقامة مشروعات اقتصادية تنتج سلعاً وخدمات بقصد الربح. ومعني ذلك قيام ما يعرف حالياً بالقطاع الاقتصادي العام ([5]).

وهنا يرد تساؤل: هل يحق للدولة في ظل ظروف معينة أن تخصص هذه المشروعات؟ وما هي صور هذه الخصخصة؟

يبدو أنه طالما أن أصل ومصدر هذه المشروعات هي أموال مملوكة لبيت المال فإنه من حق الدولة أن تخصص هذه المشروعات خصخصة ملكية وإدارة معا، شريطة أن يخضع ذلك للضوابط الشرعية الحاكمة للدولة في تصرفاتها في الأموال العامة

2- الممتلكات العامة الإنتاجية:

المتمثلة في موارد الثروة مثل الأراضي والمناجم والغابات والمياه ومصادر الطاقة. الخ، هذه الموارد تحتاج إلى استغلال وتنمية حتى لا تترك معطلة. ومعنى ذلك اقامة المشروعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية. مثل محطات توليد الطاقة ومشروعات استخراج المعادن وتصنيعها، والمشروعات الزراعية…الخ. ومثل هذه المشروعات تتطلب مشروعات تتولى تصريف هذه السلع والخدمات. فهل من حق الدولة إقامة مثل هذه المشروعات الاقتصادية العامة؟ أو بعبارة أخري هل من حقها إقامة قطاع عام يمارس أنشطة اقتصادية متنوعة؟

من الناحية النظرية نعم من حقها ذلك، بل قد يكون من واجبها إقامة هذه المشروعات لأنها مسئولة عن استغلال واستثمار هذه الموارد حتى تستفيد منها كل الناس. وقد لا يتأتى ذلك إلا من خلال إقامة هذه المشروعات العامة.

ومن الناحية العملية التطبيقية قد قامت الدولة في صدر الإسلام بشيء من هذا القبيل ([6])، حيث ثبت أن الدولة في عهد عمر رضي الله عنه  استغلت أرض الصوافي بنفسها، أي أقامت ما يمكن اعتباره مشروعات زراعية عامة. كما ثبت لدى البخاري أنه عندما أجلى عمر رضي الله عنه اليهود من خيبر قامت الدولة باستغلال حصتها في هذه الأراضي، وخيرت أصحاب الحصص الأخرى في أن يقوموا هم باستغلالها أو أن تقوم الدولة باستغلالها لهم نظير جزء من الناتج. وتفيد هذه الواقعة قيام الاستغلال العام “القطاع العام” على الممتلكات العامة. وكذلك قيام القطاع العام على ممتلكات خاصة بهدف استغلالها من قبيل ما يمكن تسميته ” عمعمة الإدارة ” على غرار خصخصة الإدارة. وقدم الفقه تنظيراً فقهيا لاستغلال هذه الممتلكات الإنتاجية العامة. موضحا أن أمام الحاكم أسلوبين لاستغلال هذه الأموال، الأسلوب العام ” القطاع العام ” و الأسلوب الخاص ” الاستغلال من قبل القطاع الخاص ” وعلى الحاكم أن يختار أحسن الأسلوبين ([7]).

  • يقول الدسوقي : “.. أما المعدن من حيث هو فيمكن استغلاله بإحدى طريقتين : إقطاعه لمن يستغله في نظير شيء لبيت المال، وهو إقطاع انتفاع لا إقطاع تمليك، وان يجعل للمسلمين، بأن يقيم الوالي فيه من يعمل للمسلمين بأجرة ([8]).
  • ويقول ابن رشد :” فإن كانت المعادن في أرض حرة أو في أرض العنوة أو في الفيافي التي هي غير ممتلكة كان أمرها إلى الإمام، يقطعها لمن يعمل فيها، أو يعامل الناس على العمل فيها لجماعة المسلمين على ما يجوز له “ ([9]).
  • ويقول يحيى بن أدم : ” وكل ارض لم يكن فيها أحد تمسح عليه ولم يوضع عليها الخراج، قال حسن : فذلك للمسلمين، وهو إلى الإمام، إن شاء أنفق عليها من بيت مال المسلمين وأستأجر من يقوم فيها، ويكون فضلها للمسلمين، وإن شاء أقطعها رجلا ممن له غناء عن المسلمين ” ([10]).

أما عن الأسلوب الثاني للاستغلال وهو الاستغلال الخاص، من قبل القطاع الخاص فله هو الآخر ركيزته التطبيقية. فقد ثبت ان الرسول صلى الله علية وسلم دفع ارض خيبر لليهود ليقوموا باستغلالها نظير جزء من الناتج عندما رأى أنهم أقدر على زراعتها. كما ثبت أن عمر رضي الله عنه دفع أراضي الفتوح الإسلامية و التي أصبحت ملكية عامة لأصحابها السابقين ليقوموا باستغلالها نظير جزء من الناتج،. وفي الحالتين لم تقم الدولة باستغلال هذه الموارد من خلال القطاع العام. كذالك ثبت أن عثمان رضي الله عنه حول استغلال أراضي الصوافي من القطاع العام إلى القطاع الخاص عندما تبين له أن الثاني أكفاْ من الأول، إذ لم يزد العائد على   الدولة من خلال الأسلوب العام عن تسعة ملايين درهم بينما وصل في الأسلوب الخاص إلى خمسين مليون درهم ([11]).

وعندما جاء عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أمر باْن تستغل أراضي الصافية من قبل القطاع الخاص طالما كان ذالك ممكناٌ، وإلا يتم استغلالها من قبل القطاع العام. ([12]) ومن ذلك يتضح أن أصول الاقتصاد الإسلامي لا تمنع من وجود ما يعرف بالقطاع العام، سواء كان منبعه ومبعثه وجود موارد عامة إنتاجية تحتاج إلى استغلال أو كان مبعثه وجود أموال عامة سائلة تحول إلى استثمارات بدلاٌ من تركها بحالتها النقدية معطلة. ولا نحب أن نترك هذه المسالة دون الإشارة إلى ما هو مدون ومعروف عن بعض علماء الإسلام من استهجانهم بل ورفضهم لقيام الدولة بإقامة مشروعات زراعية أو صناعية أو تجارية، وما قد ينجم عن ذلك من تعارض مع ما سبق طرحه. وقد استهجن كل من الماوردي وابن خلدون والدمشقي قيام الدولة بممارسة النشاط الاقتصادي، أي بعبارة أخرى وجود قطاع عام اقتصادي. وكانت مبرراتهم في ذلك ما فيه من منافسة وتضييق على القطاع الخاص، إضافة إلى ما هنالك من عجز وقصور في أداء المشروعات العامة، وكذلك ما يضيع على الدولة من الإيرادات العامة التي كان لها الحصول عليها من المشروعات الخاصة. وبالاختصار كان هؤلاء العلماء رواداٌ حقيقيين للفكر الاقتصادي المعاصر الذي ينادى بكف يد الدولة عن ممارسة النشاط الاقتصادي لما يجلبه ذلك من مضار جسيمة على الاقتصاد القومي. ومن المفيد للقارئ أن نضع أمامه فقرات من أقوال هؤلاء العلماء:

  • يقول الماوروى: (وعليه-يعنى السلطان- ألا يعارض صنفاٌ من الرعايا في مطلبه وألا يشاركه في مكسبه، وربما كان للسلطان رأى الاستئثار من أحد الأصناف فيتمثل إليه من لم يألفه، فيختل النظام بهم فيما نقلوا إليه، لأن تميزهم بإلهام الطابع أعدل في ائتلافهم من التصنع لها، وربما ضن السلطان بمكاسبهم فتعرض لهم وشاركهم فيها، فتاجر مع التجار وزرع مع الزراع، وهذا وهن في حقوق السياسة وقدح في شروط الرياسة من جهتين : أحدهما أنه أذا تعرض لأمر قصرت فيه يد من عداه فإن تورك عليه لم ينهض به وإن شورك فيه ضاق على أهله، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [ ما عدل وال أتجر في رعيته]، والثاني أن الملوك أشرف الناس منصبا، فخصوا بمواد السلطنة لأنها أشرف المواد مكسبا فإن زاحموا العامة في إدراك مكاسبهم أوهنوا الرعايا ودنسوا الممالك، فاختل نظامها وأعتل مرادها]، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(إذا اتجر الراعي هلكت الرعية). ([13])
  • ويقول ابن خلدون ” فصل في إن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا مفسدة للجبايه. اعلم ان الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات، وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجتها ونفقاتها واحتاجت إلى المزيد من المال والجباية، فتارة توضع المكوس على بيعات الرعايا وأسواقهم، وتارة بمقاسمة الوالي والجباه وإمتكاك عظامهم، لما يرون أنهم قد حصلوا على شيء طائل من أموال الجباية لا يظهره الحسبان، وتارة باستحداث التجارة والفلاحة للسلطان، لما يرون التجار والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة أموالهم وأن الأرباح تكون على نسبة رؤوس الأموال، فيأخذون في اكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة الأسواق, ويحسبون ذلك إدراراً للجباية وتكثيراً للفوائد، وهو غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة، فأولاً مضايقة الفلاحين والتجار في شراء الحيوان والبضائع وتيسير أسباب ذلك، فإن الرعايا متكافئون في اليسار متقاربون، ومزاحمة بعضهم بعضاً تنتهي إلى غاية موجودهم أو تقرب، وإذا رافقهم السلطان في ذلك، وما له أعظم كثيراً منهم فلا يكاد أحد منهم يحصل على غرضه في شيء من حاجاته…..” ([14]).

قد يبدو أن هناك شيئاً من التعارض بين هذه الأقوال وما سبق تقريره حيال المشروعات العامة. ودرءاً لهذا التعارض ذهب بعض الباحثين إلى أن مقصود هؤلاء العلماء ليس قيام الدولة كجهاز حاكم بإقامة هذه المشروعات، قد يكون قيام الحكام بذلك لأنفسهم ولمصلحتهم هم وليس من أجل المصلحة العامة. هذا التأويل فيه بعد. ونحن في سعة من القول به, ويمكن القول بأن ما قاله هؤلاء العلماء صحيح وسليم في ظل الفروض والواقع الذي شاهدوه، فهم يتحدثون عن منافسة الحكومة للقطاع الخاص، ودخولها معهم في حلبة النشاط الاقتصادي وكأنها مثلهم، تمارس هذه الأنشطة كما يمارسونها، وبالطبع فإنه في ظل هذه الفرضية فإن كل ما تخوفوا منه صحيح، ومن ثم كان موقفهم صحيحاً اقتصاديا وأيضاً شرعيا. لأن الدولة بذلك تضر ولا تصلح، وهي إنما جاءت لرعاية المصالح وحمايتها.

بيد أن نطاق القطاع العام في ضوء التصوير المتقدم لا يقوم على المنافسة والمضايقة واقتطاع حصة مما يدخل للقطاع الخاص، وإنما هو أسلوب لاستغلال الموارد العامة يمكن إتباعه إذا ما تبين بالدراسة العلمية الدقيقة أنه أمثل وأفضل من الأسلوب البديل؟ إن فكرة مزاحمة الأفراد في الفرص المتاحة وفي أنشطتهم من قبل الدولة مرفوضة إسلامياً، وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز للدولة أن تحمي من الأراضي ما يضيق الفرص أمــام الأفــراد للاستفادة منهـــا ([15])، فما بالنا بإقحام الدولة نفسها في مجالات يقوم بها القطاع الخاص على وجه سليم.

 وفي النهاية نعود إلى لب موضوعنا ونطرح هذا التساؤل: إذا ما كان هناك قطاع عام ذو صبغة شرعية فهل من حق الدولة أن تخصصه؟ نقول إن كان تخصيص إدارة فالإجابة بنعم، بغير خلاف، حيال كل المشروعات العامة، شريطة أن يكون ذلك هو الأسلوب الأمثل. وشريطة ألا يترتب عليه تفويت حق لأي فرد كان له في ظل المشروع العام في المجتمع. وقد فعل ذلك عثمان رضي الله عنه في أرض الصوافي كما طالب بفعله عمر بن عبد العزيز.

أما إن كان تخصيص ملكية. بأن تصبح هذه المشروعات ذات الملكية العامة مملوكة ملكية خاصة فإن الجواب بالإمكانية أو عدمها ليس سهلاً، ولا ينبغي التعميم والإطلاق. ومرجع ذلك ما سبقت الإشارة إليه من تنوع الممتلكات العامة ما بين ملكيات جماعية أو مشتركة لكل الناس، وبين ملكية للدولة أو لبيت المال. وما نجم عن ذلك من ضوابط شرعية على حدود ونطاق تصرف الدولة في هذه الأموال. وسبقت الإشارة إلى أن هناك من الأموال العامة ما لا يحق للدولة أن تغير ملكيتها أو تعدل منها بتحويلها كلاً أو جزءاً إلى ملكيات خاصة. بيد أن هناك أموالاً عامة تقبل هذا التحويل. ومعنى ذلك أن المشروعات العامة المرتكزة على ملكية للدولة أو لبيت المال تقبل خصخصة الملكية، شريطة أن يكون في ذلك مصلحة أكبر للناس. أما المشروعات العامة المرتكزة على ملكية جماعية أو مشتركة لكل أفراد المجتمع فأعتقد أنها لا تقبل خصخصة الملكية، اتساقاً مع عدم قبول الموارد التي كانت عليها لهذه الخصخصة. والأمر هنا في حاجة إلى مزيد بحث ودراسة وتحرير للمسائل.

   وقد يرد هنا تساؤل مفاده إذا ما اتضح أن خصخصة بعض المشروعات العامة هي الأسلوب الأفضل، ومنعنا الدولة من ذلك على سبيل خصخصة الملكية ألا يعد ذلك تبديدا وإضاعة للأموال العامة؟ والجواب عن ذلك إن الإسلام يرفض تماماً كل إضاعة وتبديد لأي مال، وبخاصة الأموال العامة والتي تعامل معاملة مال اليتيم. لكن ذلك لا يعني التخلص من هذه الأموال العامة التي هي ملك لكل الناس. وإنما هناك بدائل أخرى، مثل خصخصة الإدارة، ومثل تحسين وإصلاح هذه المشروعات. وبذلك تحافظ الدولة للناس على حقوقهم وملكياتهم، وفي الوقت ذاته تتلافي التبديد والإهدار والضياع.

3- الضوابط الإسلامية لبيع وحدات القطاع العام:

وبصفة عامة فإن هناك بعض الضوابط الإسلامية لبيع وحدات القطاع العام وهي:

  1. الضوابط الأخلاقية: وتتمثل في الآتي:
  • ـ حسن اختيار أعضاء لجان تقويم وحدات القطاع العام المحدد بيعها ممن تتوافر فيهم القيم والأخلاق الإسلامية.
  • ـ ضمان عدم تغير أغراض هذه الوحدات في مجالات أنشطة تنافي الأخلاق العامة وقيم المجتمع.
  • ـ من حق المشترين التخلص من العناصر البشرية التي سوف تستمر معها في العمل إذا ثبت فساد أخلاقهم وضعف ولائهم.
  1. الضوابط الاجتماعية: وتتمثل في الآتي :
  • ـ المحافظة على المنافع الاجتماعية لوحدات القطاع العام المحدد بيعها.
  • ـ إعطاء الأولوية للعاملين في هذه الوحدات في عملية الشراء.
  • ـ إعطاء هؤلاء العاملين تسهيلات حتى يتحقق الأمن الاجتماعي لهم، ووضع ضوابط لمنع تشريد العاملين بهذه الوحدات ما دام تتوافر فيهم المقومات الأخلاقية والمهنية والكفاءة، أما العمالة المفروضة لأسباب سياسية يجب التخلص منها وتتحمل الدولة هذه المسئولية.
  • ـ من حق المشترين تطهير الإدارة العليا من العناصر غير الأمينة وغير المؤهلة للإدارة والتي كانت قد تسلقت لأغراض سياسية أو شخصية.
  1. الضوابط السياسية: وتتمثل في الآتي:

ـ لا يجوز البيع لغير المسلمين المحاربين الأعداء، وإلا سوف يتسلط على هذه الوحدات أعداء المسلمين والذين يوالونهم، وبذلك يكون قد استبدلنا ضرراً قليلاً بضرر كبير ولا يجوز التحايل.

  1. الضوابط المالية: وتتمثل في الآتي :
  • تحديد ثمن البيع وترجمته في صورة أسهم وأن تكون قيمة السهم بسيطة حتى يستطيع أصحاب المدخرات الصغيرة شراءها.
  • ـ وضع أسس مالية ميسرة للعاملين بهذه الوحدات عند سداد ثمن الأسهم.
  • ـ يمكن للسماح للبنوك المساهمة في شراء بعض هذه الأسهم إذا تعذر على العاملين شراؤها.
  • وضع أسس مالية لكيفية استثمار المبالغ المحصلة حتى لا تستخدم في مجالات لا تساهم في النشاط الاقتصادي ويترتب على ذلك مضاعفة الكساد.
  • وضع ضوابط لضمان سداد بقية الثمن في حالة البيع على آجال.
  • ـ عدم تحميل هذه الوحدات المباعة بالأعباء المالية مثل فوائد الديون والقروض وتسوية كل هذا عند تحديد صافي القيمة البيعية.
  1. الضوابط الاقتصادية: وتتمثل في الآتي:
  • ـ وضع معايير في ضوئها تحدد الوحدات الاقتصادية التي يمكن بيعها.
  • ـ وضع أسس في ضوئها تُقَوَّم أصول وموجودات والتزامات تلك الوحدات وتحدد صافي قيمتها والقيمة البيعية المعروضة حتى لا تباع بثمن بخس.
  • ـ وضع ضوابط لصيغة البيع الملائمة لكل وحدة حتى لا يكون البيع صورياً من حيث الإجراءات وتباع الوحدات لمن يرغب وبالثمن الذي يرغبه.
  • إعادة النظر في الامتيازات التي كانت تعطى لهذه الوحدات نظير دورها الاجتماعي من حيث الإبقاء أو الإلغاء.
  • ـ أن تكون الغاية من عملية البيع هي زيادة الإنتاجية وتقليل الخسائر..

4- الأسس الاقتصادية الإسلامية لترشيد بعض وحدات القطاع العام:

 يلزم ترشيد الملكية العامة الممثلة في ملكية الدولة لبعض الوحدات الاقتصادية ذات النفع العام والتي يُطلق عليها فقهاء الاقتصاد بالمشروعات الاستراتيجية، وليس هناك أسلوب وحيد يصلح للترشيد لكل الوحدات، بل هناك عدة أساليب يختار من بينها الأسلوب أو الأساليب التي تصلح لكل وحدة وذلك في ضوء تشخيص المشكلات التي تعاني منها.

ومن الأساليب المقترحة لترشيد بعض وحدات القطاع العام القائمة ما يلي:

إصلاح الإدارة العليا وتقويمها أو إبدالها بما هو أفضل منها في ضوء المعايير الإسلامية الآتية :

  • أ‌- معيار القيم مثل الخشية من الله واستشعار أن هذا المال ملك لله عز وجل وأن هذا المدير له وقفة مع الله للحساب فإذا صلح الراعي صلحت الرعية.
  • ب‌- معيار الكفاءة والخبرة والقوة والقدرة، ولا يجب أن تكون التزكية للإدارة العليا في القطاع العام على أساس العلاقات الشخصية أو المجاملات أو الانتماء السياسي لحزب أو على أساس ولائه للنظام الحاكم.
  • ت‌- (ج) إدارة وحدات القطاع العام بمنهج الوحدة الإنتاجية ذات الطابع الاقتصادي وليست بمنهج الوحدة الحكومية ذات الطابع الخدمي ويتم تقيمها بمعايير الإنتاج والإنتاجية وليس بمعايير الاعتمادات المالية.

 

إصلاح الهيكل التمويلي وتجنب المعاملات الربوية والإسراف والتبذير:

لقد تبين من الدراسات أن من بين الأسباب الرئيسية لانهيار القطاع العام وهو الخلل بين التمويل الذاتي والتمويل الخارجي بقروض ربوية، ويعتبر عبء التمويل المتمثل في الفوائد الربوية من أبرز عناصر التكاليف والذي ساهم بدور واضح في تحقيق الخسارة أو قلة الأرباح وضياع العائد على رأس المال المستثمر، وتأسيساً على ذلك يتم إصلاح الهيكل التمويلي على الأسس الآتية:

  • أ‌- إسقاط الفوائد الربوية المتراكمة، وتتحمل الدولة هذه المسئولية تماماً.
  • ب‌- وقف الحصول على أي قروض ربوية ويكون البديل الإسلامي لذلك هو نظام التمويل بالمشاركة.
  • ت‌- (ج) زيادة رأس المال مع إعطاء فرصة للمستثمرين من القطاع الخاص في هذا المجال بشرط عدم زيادة حصتهم عن 49%حتى يتجنب سيطرتهم على هذه الوحدات الاقتصادية.
  • ث‌- (د) ضبط التدفقات النقدية الداخلة والخارجة في ضوء منهج التكلفة والعائد والسببية بين الموارد النقدية واستخداماتها والمحافظة على السيولة.
  • ج‌- (هـ) القضاء على كل نواحي الإسراف والتبذير والترف والمظهرية ونفقات المجاملات السياسية، وهذا في حد ذاته سوف يؤدي إلى تحقيق وفراً في التدفقات النقدية الخارجة (المصروفات) وبالتالي يحافظ على السيولة وينمي الأرباح.
  • ح‌- (و) وضع لوائح وضوابط مالية جديدة بمنهج اقتصادي وليس بمنهج المصالح الحكومية تكون أساساً للرقابة المالية وتقييم الأداء الفوري وتصويب لمخالفات والانحرافات أول بأول.

إصلاح سياسات التسعير والتسويق:

لقد ذكر كثير من الكتاب أن فشل بعض وحدات القطاع العام يرجع إلى تدخل الدولة في التسعير والتسويق بمنهجية الدعم والخدمات الاجتماعية، وكان هذا حجاباً واقياً لأصحاب النفوس الضعيفة والأمارة بالسوء بأن تستفيد مادياً على حساب ميزانية الدولة، ولدرء هذه المفاسد يلزم ما يلي :

  • أ‌- إيجاد سوق حرة تنافسية خالية من الاحتكار والغرر والجهالة والغش والتدليس يتنافس فيها المنتجون سواء بسواء حتى تكون حافزاً على زيادة الإنتاج والإنتاجية وضبط وترشيد النفقات.
  • ب‌- يكون دعم الدولة متمثلاً في شراء المنتجات بسعر السوق وبيعها للفقراء والمساكين بالسعر الذي تراه، حتى لا يستفيد الأغنياء من الدعم وتستولي علية طبقة الوسطاء الأفاقين الفجار.
  • ت‌- (ج) تقوم الدولة بحماية الإنتاج الوطني من القطاع العام والخاص عن طريق الفرائض المالية التي تتفق مع قواعد الشريعة الإسلامية.
  • ث‌- (د) الاهتمام بنظم الرقابة على الأسواق للاطمئنان من خلوها من الاحتكار ومعاملات السوق الخفية والغش والغرر والجهالة وكل صور أكل أموال الناس بالباطل.
  • ج‌- (هـ) إعادة النظر في نظام الضرائب بصفة عامة والضرائب غير المباشرة والتي تمثل سيفاً ومعوقاً للإنتاج والإنتاجية والاستثمار وذلك في ضوء زكاة المال والنظم المالية الإسلامية الأخرى.

 

رابعاً : الاقتصاد الإسلامي وضوابط الخصخصة التي تجري حالياً في دول العالم الإسلامي:

ليس من السهل ولا من الصواب تعميم القول في ذلك، لأن أوضاع الدول الإسلامية متنوعة متفاوتة، وإن كان يغلفها كلها ستار التخلف الاقتصادي، لكنها مع ذلك تتفاوت في درجات النمو، أو بالأحرى درجات التخلف، وكذلك في الملابسات المحيطة. ومعنى ذلك أنه قد لا يكون من الصواب أن يقال عن دول هذا العالم الإسلامي كلها إن مصلحتها كذا أو كذا. ومع ذلك يمكن القول إن التوجه نحو الخصخصة بمفهومها الجزئي الضيق قد يكون جيداً بوجه عام، شريطة أن يتم ذلك في ضوء ضوابط حاسمة وأسس واضحة. نذكر منها ما يلي:

  1. أن يكون ذلك هو الحل الأمثل:

مثل أن يكون صلاح المشروع العام متعذراً أو أن صلاحه لا يحقق العائد من ورائه، وهو في الوقت ذاته لا يمثل أهمية قومية لكل المجتمع من حيث الأمن أو الاقتصاد أو الاجتماع……إلخ.

والمشاهد في العديد من الدول الإسلامية المعاصرة أنها في فترة سابقة اندفعت نحو إقامة المزيد من المشروعات العامة بحق وبغير حق ([16])، وعليها اليوم إسلامياً واقتصادياً أن تبادر بتصحيح هذه الأوضاع متخلية عما لم يكن لها من البداية الحق في إقامته. وما يتبقى من مشروعات تطبق عليها التوجيهات التي يقرها الإسلام، مع التأكيد على أنه لا يصح التفريط في ملكية وأحياناً في إدارة بعض المشروعات السلعية والخدمية.

ومن المهم إزالة لبس يقع فيه كثير من الناس وهو الربط الإيجابي بين دور الدولة أو وظائفها وبين القطاع العام، بمعنى أن قوة هذا معناها قوة ذاك، والعكس بالعكس، بل إن الأمر ليصل عند البعض إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يرى إنهما مترادفان، مفادهما واحد، وكل ذلك غير صحيح. ([17]) فالقطاع العام ليس هو الدولة وليس هو كل دور أو وظائف الدولة، وإنما هو مجرد مشروعات عامة تقيمها الدولة أو لا تقيمها، توسع فيها أو تقلل منها. وقد يكون توسع الدولة فيها على حساب قوة الدولة ومتانة دورها، وقد يكون في تقليل الدولة منه مزيداً من القوة والفعالية للدولة.

والأمثلة المعاصرة على ذلك لا تحتاج إلى بيان، والأمثلة التاريخية ظاهرة بارزة، فأين كانت قوة وضخامة حجم القطاع العام إبان الدولة الإسلامية في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أو عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، أو عهد المنصور أو الرشيد، ومع ذلك كانت هذه الدول من القوة والفعالية بمكان. نخلص من ذلك إلى أنه يمكن تقليص القطاع العام دون أن يكون في ذلك مساس بدور الدولة وفعاليتها وقوتها.

  1. أن تتم الخصخصة بالأسلوب الأمثل:

        من حيث التقويم وأسلوب التصرف وإتاحة الفرصة أمام الجميع، وعدم وجود شائبة محاباة أو رشاوي أو هدايا، فهي أموال عامة وهي أموال الناس كافة وما الدولة فيها إلا وكيلة عنهم، كما قال بحق ابن تيمية رحمه الله. ([18])

  1. أن يتم التصرف في الأموال الناتجة عن الخصخصة بأقصى درجة من الرشادة المرتكزة على الكفاءة والعدالة معاً.
  2. ألا يترتب عليها تضييع حق للأمة في الحاضر أو المستقبل:

          وألا يتولد عنها وضع اقتصادي مناف لمبادئ الاقتصاد الإسلامي، مثل قيام احتكارات أو تفاوت واسع في التوزيع، أو سيطرة الأجانب على مواردها، أو غير ذلك مما يهدد مصالح الأمة، فالخصخصة في الأول والأخير ليست هدفاً أو غاية، وإنما هي وسيلة أو أسلوب لتحقيق هدف، يتمثل في توفير مصالح الأمة.

إن هذه الضوابط وغيرها تستهدف جعل عملية الخصخصة تحوز المشروعية الشرعية والاقتصادية والاجتماعية، كما تحوز القبول العام من قبل أفراد المجتمع، حتى لا يتعرض المجتمع لهزات عنيفة تقوض استقراره الاجتماعي والاقتصادي، بل والسياسي. ولعل هذا يذكرنا بما جره سوء فهم بعض الفئات لما قام به سيدنا عثمان بن عفان من إقطاعات لبعض الأفراد من ويلات جسام على المجتمع الإسلامي ومسيرته الحضارية.

أما الخصخصة بمفهومها الواسع والذي يفيد، كما سبق، التحول إلى نظام السوق، بحيث يكون السوق هو المهيمن على الحياة الاقتصادية، وقد يمتد إلى نواحي أخرى، وفي الوقت ذاته تهميش دور الدولة وتقليص وظائفها فإن ذلك مغاير للنهج الإسلامي، ومتعارض مع أصول النظام الاقتصادي الإسلامي، كما أنه ليس من صالح الدولة الإسلامية المعاصرة انسحاب حكوماتها من الحياة الاقتصادية تاركة إياها للقطاع الخاص، فهناك تحديات كبار لا يتأتى للقطاع الخاص مواجهتها في غيبة دولة قوية ذات دور بارز، هناك تحديات العولمة، وهناك تحديات التنمية، وهناك تحديات البيئة، وهناك التحديات الاجتماعية والسياسية. وهناك تحديات تتعلق بقدرات القطاع الخاص في هذه الدول وسلوكياته، وكل ذلك يحتم بقاء الدولة بقاء فعالاً في الساحة الاقتصادية لقيادة المجتمع القيادة السليمة نحو تحقيق أهدافه، وإلا كانت الأمة كسفينة وسط خضم لجى تتقاذفها عواصف وأمواج عاتية دونما ربان قوي ماهر، لا تلبث أن تفتك بها تلك الأنواء.

إن الاقتصاد الإسلامي يؤمن بأن الدولة القوية الفعالة هي متطلب أساس لوجود قطاع خاص قوي وفعال ورشيد، كما يؤمن بأن وجود هذا القطاع الخاص القوي هو ركيزة أساسية من ركائز وجود الدولة القوية.

ويترتب على ذلك ضرورة وجود الطرفين معاً وبهذه المواصفات. مع تمييز دقيق وصريح وحاسم بين دور الدولة ودور القطاع الخاص. إن دور الدولة هو الحكم والسلطة والإشراف والتنظيم وضبط الإيقاع وتهيئة المناخ والرقابة والمتابعة والدعم والتقويم، ودور القطاع الخاص هو الممارسة والتنفيذ للأنشطة الاقتصادية في ظل هذه الرعاية وذاك التقويم من قبل الدولة. وأي نهج يغاير ذلك هو نهج غير مقبول من قبل الاقتصاد الإسلامي.

والله الموفق؛

من كتب الألوكة : “الخصخصة وأثرها على التنمية في الوطن العربي”

إعداد وتأليف؛ د. مجدي محمد إسماعيل و م. محمود سلامة الهايشة

([1])الطحاوى، مختصر الطحاوى، القاهرة : بدون ناشر، 1370 هـ، ص  35.

([2])الكسانى، بدائع الصنائع، بيروت : دار الكتاب العربي، جـ3 ص52.

([3]) ابن قدامه، المغنى، الرياض : مكتبة الرياض الحديثة، ج5 ص 572، وقد فصل القول في ذلك تفصيلاً طيباً د. عبد الوهاب حواس، مرجع سابق، ص 65 وما بعدها

 

([4]) السرحى، المبسوط، بيروت : دار المعرفة، ج3 ص52.

([5]) د. عيسى عبده, النظم المالية، في الإسلام، القاهرة : معهد الدراسات الإسلامية، 1965، ص 74 وما بعدها، د. إبراهيم  أباظة، الاقتصاد الإسلامي 200 بيروت : دار لسان العرب ص 138وما بعدها د. إبراهيم أباظة، الاقتصاد الإسلامي بيروت : دار لسان العرب، ص 138 وما بعدها.

([6]) الماوردى، الأحكام السلطانية،، مرجع سابق، ص 193، دانيل دينيت، الجزية و الإسلام، ترجمة  د. فوزى فهيم،، بيروت : مكتبة الحياة، ص 59.

([7]) يحيى ابن آدم، الخراج، بيروت: دار المعرفة.

([8]) الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، بيروت : دار الفكر، جـ1 ص 486، الماوردى، الاحكام، ص 193.

([9]) ابن رشد ( الجد) المقدمات: بيروت : دار صادر، ص 225. وفي نفس الصفحة ينص على جواز التأجير.

([10]) يحيى بن آدم، الخراج، دار المعرفة، بيروت، ص 22، محمد باقر الصدر، اقتصادنا، بيروت : دار الفكر، 1969، ص 450 وما بعدها.

([11]) الماوردى، الأحكام، مرجع سابق، ص 193.

([12]) يحيى بن آدم، مرجع سابق، ص 62.

([13]) قوانين الوزارة، مرجع سابق، ص 67.

([14]) مقدمة بن خلدون، بيروت : دار القلم، ص181.

([15]) الماوردى، الأحكام، ص 185، قارن ابن قدامة، المغنى، جـ5 ص 570.

([16]) ليس من الميسور هنا تقديم دراسة موسعة عن حجم المشروعات الاقتصادية العامة في البلاد الإسلامية المتعددة.

([17]) د. جواد العناني، دور القطاع العام و القطاع الخاص الاقتصاديين في التنمية من منظور إسلامي، ندوة التنمية من منظور إسلامي، عمان : المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، 1994، جـ2 ص 841.

([18]) ابن تيمية، السياسة الشرعية، المطبعة السلفية، ص 17.