«التفكير الناقد»

  • — الثلاثاء مارس 07, 2023

إن التحسن في التفكير يشبه التحسن في أي مهارة تكتسبها، ولا يحدث في غياب التزام واعٍ بالتعلم، وطالما تعاملنا مع تفكيرنا على أنه من الأمور المسلم بها، فإننا لن نقوم بالتفكير بالشكل الناقد الذي يساعدنا (والآخرين) على التحسين في أمورنا الحياتية.

عملية التطور في التفكير هي عملية تدريجية تتطلب جهداً للتعلم ، حيث إن تغيير عادات التفكير مشروع طويل المدى، وتتطلب السمات الأساسية للمفكر الناقد critical thinker فترة طويلة من التطور حتى تتبلور.

إذاً، كيف يمكن أن نطور قدراتنا في التفكير الناقد، ونساعد أنفسنا (والآخرين) على ممارسة التفكير بشكل أفضل في حياتهم اليومية؟

أولاً، هناك عدة مراحل يجب أن يمر المرء عبرها لكي يتطور كمفكر ناقد :

المرحلة الأولى: المفكر الراكد (يكون غير مدرك للمشكلات في التفكير)

المرحلة الثانية: المفكر المتحدي (يعلم بوجود مشكلات في التفكير)

المرحلة الثالثة: المفكر المبتدئ (يحاول تحسين قدراته ولكن بدون ممارسة منتظمة)

المرحلة الرابعة: المفكر الممارس (يدرك ضرورة الممارسة المنتظمة)

المرحلة الخامسة: المفكر المتقدم ( التطور وفقًا للتقدم في الممارسة)

المرحلة السادسة: المفكر الرائد (التفكير الاحترافي الثاقب يصبح طبيعة ثابتة)

ويتطلب التطور وفق المراحل السابقة إلى:

  • تقبل حقيقة أن هناك مشكلات في تفكيرنا (قبول تحدي تفكيرنا)
  • اليدء بممارسة التفكير بطريقة منتظمة.

واليكم تسعة طرق يمكن لأي شخص استخدامها كي يطور قدراته ومهاراته كمفكر ناقد، وهي كما يلي:

  1. استخدم الوقت “المهدر”.
  2. مشكلة واحدة في اليوم.
  3. إضفاء الطابع الداخلي على المعايير الفكرية.
  4. اتخذ مدونة أو مفكرة تعنى بالشؤون الفكرية
  5. أعد تشكيل شخصيتك.
  6. عالج “الأنا” لديك.
  7. أعد تعريف الطريقة التي ترى بها الأشياء.
  8. تواصل مع عواطفك.
  9. حلل التأثيرات الجماعية على حياتك.

وعلى كل حال ليس هناك ثمة شيء سحري حول أفكارنا، والطرق التسعة كل واحدة منها تمثل طريقة معقولة للبدء في القيام بشيء ملموس لتحسين التفكير بطريقة منتظمة، ومع أنه من غير المحتمل القيام بكل ذلك في نفس الوقت، إلا أننا ننصح باستخدام منهج يمكنك من خلاله اختبار كل ذلك خلال فترة زمنية ممتدة.

الطريقة الأولى: استخدم الوقت “المهدر”.

كل البشر يضيعون بعض الوقت، يفشلون في الاستفادة من كل وقتهم بشكل منتج أو حتى بشكل ممتع، ففي بعض الأحيان ننتقل من لهو إلى آخر دون أن نستمتع بأي منها، أحيانا نشعر بالغضب حيال مسائل خارجة عن سيطرتنا، وفي بعض الأحيان نفشل في التخطيط الجيد مما يؤدي بنا إلى عواقب سلبية كان يمكننا تجنبها بسهولة (على سبيل المثال ، نضيع الوقت دون داعٍ في حركة المرور – بالرغم من أنه كان بمقدورنا أن نبدأ رحلتنا قبل ذلك بنصف ساعة تجنباً للزحام)، وفي بعض الأحيان نكون قلقين بشكل غير منتج، بينما في أحايين أخرى نقضي الوقت نتأسف ونندب حظنا على ما مضى، وفي بعض الأحيان نحملق بهدوء في الفضاء.

المسالة الرئيسية هنا هي أن الوقت قد “مضى” وبالرغم من ذلك ، لو أننا فكرنا في ذلك ونظرنا في خياراتنا، لما أضعنا وقتنا بالطريقة التي قمنا بها.

فلماذا لا تستفيد من الوقت الذي تهدره عادة من خلال ممارسة التفكير الناقد أثناء الوقت الضائع؟ على سبيل المثال ، بدلاً من الجلوس أمام التلفزيون في نهاية اليوم، والتنقل من قناة إلى قناة في بحث لا طائل منه ولا جدوى عن برنامج يستحق المشاهدة ، يمكنك قضاء هذا الوقت، أو حتى جزء منه على الأقل، في التفكير في يومك وتقييم نقاط القوة والضعف لديك، قد تسأل نفسك أسئلة من قبيل:

متى كان أسوأ تفكير قمت به خلال اليوم؟ متى قمت بأفضل ما عندي؟ ما الذي فكرت فيه خلال اليوم؟ هل قمت باستنتاج أي شيء؟ هل سمحت لأي تفكير سلبي أن يحبطني دون داع؟ فلو استقبلت من أمري ما استدبرت وقُدِّر لي أن أكرر يومي الذي مضى، ما هو الشيء الذي يمكن أن أقوم به بطريقة مختلفة؟ ولماذا؟ هل فعلت أي شيء اليوم لتعزيز أهدافي على المدى الطويل؟ هل كانت تصرفاتي نابعة من القيم التي أومن بها؟ فلو أنني قضيتُ كل يوم من أيام حياتي بهذه الطريقة ولمدة 10 سنوات ، فهل سأتمكن في النهاية من إنجاز شيء يستحق ذلك الوقت؟

سيكون من المهم بالطبع أن تأخذ بعض الوقت مع كل سؤال، وسيكون من المفيد أيضا تسجيل ملاحظاتك وقد تضطر إلى ذكر بعض التفاصيل وبيان في ما تعرفه وتراه، ومع مرور الوقت، ستلاحظ وجود أنماط في تفكيرك.

الطريقة الثانية: مشكلة واحدة في اليوم.

في بداية كل يوم (بينما تقود سيارتك إلى العمل أو في طريقك إلى المدرسة على سبيل المثال)، اختر مشكلة معينة ثم حاول معالجتها في لحظات الفراغ، حاول أن تتعرف على منطق المشكلة من خلال تحديد عناصرها، وبعبارة أخرى، فكر بطريقة منهجية من خلال الأسئلة: ما هي المشكلة بالضبط؟ كيف يمكنني وضعها في شكل سؤال؟ كيف ترتبط بأهدافي ومقاصدي وما علاقتها باحتياجاتي؟

  • خذ المشكلات التي لديك الواحدة تلو الأخرى، كلما كان ذلك ممكناً، وعبر عن المشكلة بكل وضوح وبدقة قدر المستطاع.
  • قم بدراسة المشكلة لتوضيح “نوع” المشكلة التي تتعامل معها، واكتشف، على سبيل المثال، أنواع الأشياء التي عليك القيام بها لحل هذه المشكلة، وقم بتمييز المشكلات التي لديك بعض السيطرة عليها من بين المشكلات التي لا تملك السيطرة عليها، ودع جانباً المشكلات التي لا يمكنك السيطرة عليها، وركز جهودك على المشكلات التي يمكنك حلها.
  • حدد المعلومات التي تحتاجها، وابذل قصارى جهدك للحصول عليها.
  • قم بتحليل وتفسير المعلومات التي تجمعها بعناية، مع استنباط الاستدلالات المعقولة التي يمكنك القيام بها.
  • اكتشف خياراتك للعمل، ما الذي يمكنك القيام به على المدى القصير؟ وعلى المدى الطويل؟ حاول أن تميّز المشكلات التي يمكنها حلها من تلك الخارجة عن إرادتك، وتعرف بوضوح على جوانب القصور لديك إلى حد ما في الموارد المالية، والوقت، والسلطة.
  • قم بتقييم خياراتك، مع الأخذ في الاعتبار مزاياها وعيوبها في الوضع الذي أنت فيه.
  • اعتمد نهجاً استراتيجياً للمشكلة ثم قم بمتابعة تلك الاستراتيجية، وقد ينطوي ذلك على إجراء مباشر أو استراتيجية انتظار وترقب مدروسة بعناية.
  • عندما تتحرك لمعالجة المشكلة، راقب الآثار المترتبة على الخطوات التي قمت بها فور ظهورها، ثم كن مستعدًا في أي لحظة لتنقيح استراتيجيتك إذا تطلب الموقف ذلك، وكن على استعداد أيضاً لتغيير استراتيجيتك أو تحليلك أو بيانك للمشكلة، أو الثلاثة كلها، متى ما توفرت لديك المزيد من المعلومات حول المشكلة.

الطريقة الثالثة : إضفاء الطابع الداخلي على المعايير الفكرية.

قم في كل أسبوع بتطوير المزيد من الوعي تجاه أحد المعايير الفكرية العالمية (الوضوح، الدقة، الإحكام، الأهمية (الارتباط)، العمق، الاتساع، المنطقية، المغزى). ركز في الأسبوع الأول على الوضوح والذي يليه على الدقة، … وهلم جراَّ. على سبيل المثال ، عندما تقوم بالتركيز على الوضوح خلال الأسبوع، فحاول أن تلاحظ الأوقات التي تكون فيها غير واضح في التواصل مع الآخرين، ولاحظ أيضاً عندما يكون الآخرون غير واضحين فيما يقولونه.

عندما تقرأ ، لاحظ ما إذا كنت واضحًا بشأن ما تقرأه، وعندما تعبر عن وجهات نظرك أو تكتبها (لأي سبب) ، اسأل نفسك عما إذا كنت واضحًا بشأن ما تحاول قوله، وعند قيامك بهذه الخطوات، ركز على أربعة أساليب للتوضيح: 1) عبر عن ما تقوله بشكل واضح ودقيق (مع اهتمام خاص بانتقاء المفردات التي تستخدمها)، 2) الإسهاب في شرح المعنى الذي تقصده بعبارة أخرى، 3) إعطاء أمثلة عن ما تعنيه من التجارب التي مررت بها، و 4) استخدام التشبيهات أو الاستعارات أو الصور أو الرسوم البيانية لتوضيح ما تعنيه.

وبعبارة أخرى، ستقوم وبشكل متكرر بالبيان والإسهاب والشرح وضرب الأمثلة، لتوضيح النقاط التي تطرحها، ستطلب بانتظام من الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه.

الطريقة الرابعة: اتخذ مدونة أو مفكرة تعنى بالشؤون الفكرية.

كل أسبوع ، اكتب عددًا معينًا من المفردات في مفكرتك اليومية، استخدم التنسيق التالي (مع إبقاء كل مرحلة مرقمة منفصلة لوحدها):

  1. الوضع. صف الحالة التي لا تزال أو كانت ذات أهمية عاطفية بالنسبة إليك (أي أنك تهتم بها كثيرًا) وركز على موقف واحد في كل مرة.
  2. ردك. صف ما فعلته ردًا على هذا الموقف، وكن محددًا ودقيقًا.
  3. التحليل. حلل، في ضوء ما كتبته، ما كان يجري بالضبط في هذا الوضع، ابحث تحت السطح.
  4. التقييم. قم بتقييم آثار التحليل الذي أجريته، وما الذي تعلمته عن نفسك؟ وما الذي ستفعله بشكل مختلف لو قدر لك أن تعيش الوضع نفسه من جديد؟

الطريقة الخامسة: إعادة تشكيل شخصيتك.

اختر سجية فكرية واحدة – المثابرة الفكرية، والاستقلالية، والتعاطف، والشجاعة، والتواضع ، وهلم جراً . وفي كل شهر قم بالتركيز على كيفية تطوير هذه الصفة في نفسك، وعلى سبيل المثال، للتركيز على التواضع الفكري، انتبه للأوقات التي تعترف فيها بأنك مخطئ، وكذلك الأوقات التي ترفض فيها الاعتراف بأنك مخطئ، حتى في مواجهة دليل صارخ على أنك مخطئ، كذلك انتبه للأوقات التي تصبح فيها دفاعياً عندما يحاول شخص آخر الإشارة إلى نقص في عملك أو في تفكيرك، وانتبه أيضاً عندما تمنعك عجرفتك الفكرية من التعلم، على سبيل المثال ، عندما تقول لنفسك “أعرف بالفعل كل ما أحتاج أن أعرفه عن هذا الموضوع.” أو “أنا أيضاً أعرف الأمر مثله، ومن الذي يعتقد أنه يمكنه فرض آرائه عليّ؟ ويمكنك معالجة جهلك “من خلال السيطرة عليه”.

الطريقة السادسة: حاول معالجة “الأنا” لديك.

التفكير المتمركز حول الذات (التفكير الأناني) Egocentric thinking موجود في جنوح الطبيعة البشرية للتفكير بالتحيز اللاشعوري التلقائي لصالح الذات، ويمكنك وفقاً لهذه الاستراتيجية أن تبدأ بمراقبة تفكيرك المتمركز حول الذات (تفكيرك الأناني) وبشكل يومي في تصرفاتك من خلال التفكير في أسئلة مثل: ما هي الظروف التي يكون فيها تفكيري متحيزاً إلى نفسي؟ هل أصبحت انفعالياً بسبب الأشياء الصغيرة؟ هل فعلت أو قلت أي شيء “غير عقلاني” للحصول على ما أريد؟ هل أحاول فرض إرادتي على الآخرين؟ هل فشلت في التعبير عن رأيي عندما شعرت بقوة بشيء ما، ثم شعرت لاحقًا بالاستياء؟ وبمجرد شعورك بالجنوح إلى التفكير الأناني في العملية، يمكنك بعد ذلك العمل على استبداله بفكر أكثر عقلانية من خلال التأمل الذاتي المنهجي، والتفكير على غرار ما يلي: بماذا يشعر الشخص العقلاني في هذا الوضع أو ذاك؟ ماذا يفعل الشخص العقلاني؟ كيف يقارن ذلك مع ما أريد القيام به؟ (تنويه: لو وجدت أنك تستنتج باستمرار أن الشخص العقلاني سيتصرف مثل تصرفك هذا، فمن المحتمل أن تكون منخرطًا في الخداع الذاتي self-deception).

الطريقة السابعة: أعد تعريف الطريقة التي ترى فيها الأشياء

نحن نعيش في عالم سواء كان شخصياً أو اجتماعياً ، حيث يتم تعريف “كل موقف”، أي يتم منحه معنى معين، الكيفية التي نتبعها في تعريف الموقف لا تحدد فقط مدى شعورنا به، ولكن أيضا كيف نتصرف حياله ، وما هي الآثار التي تنطوي عليه بالنسبة لنا، ومع ذلك ، يمكن تعريف كل موقف تقريبًا بأكثر من طريقة، وهذه الحقيقة تحمل معها فرصا هائلة من حيث المبدأ، وبمقدورك وبمقدوري أن نجعل حياتنا أكثر سعادة وإشباعاً مما هي عليه في الواقع، كما يمكن تحويل العديد من التعريفات السلبية التي نعطيها للمواقف في حياتنا إلى تعريفات إيجابية، وأن نكون سعداء عندما يكون الأمر خلاف ذلك، ويمكننا أيضاً أن نشعر بالرضا والانتصار عندما نكون محبطين.

في هذه الاستراتيجية، نقوم بإعادة تعريف الطريقة التي ننظر إلى الأشياء من خلالها، ونحول السلبيات إلى إيجابيات، ونحيل ما يبدو لنا كأنه نهايات مميتة إلى بدايات جديدة، وتحويل الأخطاء إلى فرص للتعلم، ولجعل هذه الاستراتيجية عملية، يجب أن نضع لأنفسنا بعض الإرشادات المحددة.

على سبيل المثال ، يمكن أن نضع لأنفسنا قائمة من خمسة إلى عشرة سياقات سلبية متكررة نشعر فيها بالإحباط أو الغضب أو التعاسة أو القلق، وبعد ذلك تحديد التعريف الذي يمثل أصل المشاعر السلبية في كل حالة، ونختار بعد ذلك تعريفا بديلا مقنعا لكل منها ثم نقوم بوضع خطة لطريقتنا الجديدة للتجاوب بالإضافة إلى العواطف الجديدة، فإذا كنت على سبيل المثال تميل إلى القلق بشأن جميع المشكلات، سواء تلك التي يمكنك فعل شيء حيالها أو تلك التي لا يمكنك فعل أي شيء فيها؛ فيمكنك مراجعة التفكير في هذه الأنشودة : “لكل مشكلة تحت الشمس، هناك حل أو لا يوجد حلاً، فإذا كان هناك حلاً، فكر فيه حتى تصل إليه، وإذا لم يكن هناك حلاً، فلا تهتم”.

الطريقة الثامنة: تواصل مع عواطفك.

كلما راودتك ببعض المشاعر السلبية، اسأل نفسك بانتظام: ما هو التفكير الذي يقودك إلى هذه المشاعر على وجه التحديد؟ وعلى سبيل المثال ، إذا كنت غاضبًا، اسأل نفسك ، ما هو التفكير الذي يجعلني غاضبًا؟ ما هي الطرق الأخرى التي يمكنني التفكير بها في هذا الموقف؟ هل يمكنك أن تفكر في الموقف لكي ترى جانب فكاهي وما هو المثير للشفقة؟ فلو استطعت أن تفعل، ركز على هذا التفكير وستتحول مشاعرك (في النهاية) إلى موازاة لذلك.

الطريقة التاسعة: حلل التأثيرات الجماعية على حياتك.

قم عن كثب بتحليل السلوك الذي يجد تشجيعاً، والسلوك الذي لا يجد تشجيعاً في المجموعات التي تنتمي إليها، فلكل مجموعة ما الذي “يجب عليك” أن تؤمن به؟ وما الذي “يحرم عليك” أن تقوم به؟ كل مجموعة تفرض مستوى معين من التوافق، ومعظم الناس يعيشون حياتهم في الغالب الأعم وفقاً لما يتوقعه منهم الآخرون، واكتشف الضغط الذي تنحني أمامه ثم فكر بوضوح حول ما إذا كنت سترفض هذا الضغط أم لا.

الخلاصة:

النقطة الأساسية التي يجب مراعاتها عند وضع الخطط هي انخراطك في تجربة شخصية، فأنت تختبر الأفكار في حياتك اليومية، وتقوم بدمجها، والبناء عليها، في ضوء تجربتك الفعلية. ولنفترض أنك عثرت على استراتيجية “إعادة تعريف الطريقة التي تنظر من خلالها إلى الأشياء” لتبدو بديهية بالنسبة إليك، لذا تستخدمها للبدء، ثم ما تلبث ان تجد نفسك تلاحظ التعاريف الاجتماعية التي تحكم العديد من المواقف في حياتك، وستتعرف على الكيفية التي يتشكل بها سلوكك والتحكم فيه من خلال التعريفات المستخدمة:

  1. “أنا أقيم حفلاً” (وبالتالي يعلم الجميع أن عليهم التصرف بطريقة “الحفلات”)
  2. “الجنازة ستقام ” (هناك سلوكيات اجتماعية محددة متوقعة في الجنازة)
  3. “جاك هو أحد المعارف، وليس صديقاً ” (وبالتالي نتصرف بشكل مختلف جدًا في الحالتين)

ستبدأ في اكتشاف كم هي مهمة التعريفات الاجتماعية، وستبدأ في إعادة تعريف المواقف بطرق تتعارض مع بعض التعريفات المقبولة بشكل عام، وستلاحظ كيف أن إعادة تعريف المواقف (والعلاقات) يمكّنك من “التواصل مع عواطفك”، وستدرك أن طريقة تفكيرك (أي تعريفك للأشياء) هي التي تولد العواطف التي تواجهها، فعندما تظن أنك مهدد (أي عندما تقوم بتعريف موقف معين بأنه “تهديد”) ستشعر بالخوف، وإذا قمت بتعريف موقف بعينه بأنه “فشل” قد تشعر بالاكتئاب. أما إذا قمت بتعريف نفس الموقف بأنه “درس أو فرصة للتعلم”، فستشعر حينئذ بأنك قادر على التعلم، عند التعرف على عنصر التحكم هذا الذي تستطيع ممارسته، فستبدأ الاستراتيجيتان حينها بالعمل معاً وستقويان بعضهما البعض.

فكّر في كيفية دمج الطريقة رقم 9 (“تحليل التأثيرات الجماعية على حياتك”) في ممارستك، فأحد الأشياء الرئيسية التي تقوم بها المجموعات هو التحكم بنا من خلال التحكم في التعريفات التي يسمح لنا العمل بها، وعندما تقوم المجموعة بتعريف بعض الأشياء بأنها “رائعة” وأشياء أخرى بانها “سيئة” ، يحاول أعضاء المجموعة التظاهر “بالروعة” والابتعاد عن الظهور بالمظاهر “السيئة”، عندما يقول الرئيس: “هذا أمر منطقي جدًا “يعرف مرؤوسوه أن لا يحق لهم أن يقولون ” لا ، إنه أمر مثير للسخرية ” وهم يعرفون ذلك لأن تعريف شخص ما بأنه” الرئيس “يمنحه امتيازات خاصة لتحديد المواقف والعلاقات.

لديك الآن ثلاثة طرق متداخلة : أنت “تعيد تعريف الطريقة التي ترى بها الأشياء”، “وتتواصل مع عواطفك”، “وتقوم بتحليل التأثيرات الجماعية على حياتك”، وكما ترى الطرق الثلاث أصبحت مدمجة في استراتيجية واحدة، ويمكنك الآن تجربة أي من الطرق الأخرى، والبحث عن فرص لدمجها في تفكيرك وحياتك، فإذا قمت باتباع خطة مشابهة للتي وصفناها، فأنت تتطور كمفكر، وبتعبير أدق ستصبح مفكرا “ممارساً”. ممارستك ستحقق لك التقدم، ومع التقدم ، قد يصبح التفكير الماهر والثاقب سلوكاً طبيعياً بالنسبة لك.

المصدر: www.criticalthinking.org