«مدن ذكية للجميع»

  • — الأربعاء ديسمبر 07, 2022

يجب على المدن التأكد من أن التقنيات الحديثة التي يعتمدونها في التحول إلى مدن ذكية أن تكون متاحة أيضا لذوي الاحتياجات الخاصة، وكبار السن!

(مدن ذكية للجميع)

يجوب “فيكتور بينيدا” العالم لإلقاء المحاضرات وتقديم النصح للحكومات بشأن التخطيط والتطوير الحضري، بيد أنه يشعر بالانزعاج إذا صادفه جهاز خدمة ذاتية بشاشة اللمس، فبالنسبة للذين يستخدمون الكراسي المتحركة من أمثال “فيكتور” ويعانون من بعض المشكلات في استخدام أيديهم وأذرعهم، فإن هذه الأجهزة “الذكية” تمثل أمراً مزعجاً لهم وليس مصدراً للراحة.

هذه المشكلة تزداد سوءًا مع تزايد اعتماد المدن على هذه الأجهزة لتكون بديلاً للموظفين، ويقول “فيكتور بينيدا” الذي يرأس المجموعة الاستشارية العالمية World Enabled: “إذا كان جهاز الخدمة الذاتية هو الطريقة الوحيدة التي أستطيع من خلالها شراء تذكرة القطار، أو دفع ثمن خدمة معينة أو الحصول على معلومات بعينها، ففي هذه الحالة أنا مستبعد من هذه الخدمة”.

ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من بعض المشكلات في القدرة على الحركة أو النظر أو السمع أو يعانون من إعاقة في بعض الوظائف الإدراكية، غالباً ما ينتقلون إلى المدن للاستفادة من أنظمة النقل الشاملة والخدمات الاجتماعية، وفي الولايات المتحدة مثلاً لا تحدد القوانين الكيف الذي تلتزم من خلاله البلديات بتصميم وتنفيذ الخدمات الرقمية التي تلبي متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، ونتيجة لذلك، تتبنى المدن في بعض الأحيان تقنيات جديدة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى صناعة مشكلات في حصول ذي الاحتياجات الخاصة على الخدمات بدلاً من تسهيلها عليها.

لقد تجسدت هذه الإخفاقات وبشكل واضح في أجهزة الخدمة الذاتية LinkNYC في مدينة نيويورك، والتي ثُبتت على أرصفة المشاة، ولم تتضمن أية تعليمات لاستخدامها بلغة برايل حتى يستفيد منها المكفوفون، كما لم تزود بالوسائل السمعية اللازمة لمساعدتهم، وقد عمد الاتحاد الأمريكي للمكفوفين إلى رفع دعوى قضائية ضد المدينة، وجرت تسوية الدعوى بتحديث هذه الأجهزة، بيد إن شاشات اللمس بشكل عام لا تزال غير متاحة بالكامل لذوي الاحتياجات الخاصة كما يقول “فيكتور بينيدا”.

ومن هذه المشكلات أيضًا: التطبيقات المستندة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والتي بدأت بعض البلديات باستخدامها للحصول على ملاحظات السكان، يقول “جيمس ثروستون”، نائب الرئيس منظمة G3ict غير الربحية، التي تشجع على استخدام تقنيات الوصول إلى المعلومات والاتصالات: “إن الأشخاص المكفوفين والذين يعانون من ضعف البصر لا يستطيعون عادة استخدام هذه التطبيقات، كما أن كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا هم الأقل احتمالا في استخدامها، وقد تعتقد المدن أن البيانات التي تحصل عليها عبر هذه التطبيقات تأتي من جميع سكانها، ولكن إذا لم تكن هذه التطبيقات متاحة لجميع فئات المجتمع، فإنها تتسبب التضليل واستبعاد أصوات شرائح كبيرة من سكانها”.

ما هي إمكانات التحسين لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة؟

تقول “أدريانا مالوري”، وهي مقاولة تعمل في مجالات التقنية وتقيم في مدينة بوسطن، بالولايات المتحدة: إنها تحب مدينتها، ولكنها تشعر بالإحباط عندما تنشر المدينة هذه التقنيات دون أن تقدم طريقة يمكن من خلالها مساعدة الأشخاص مثلها الذين يستخدمون الكرسي المتحرك، وتواجه مشكلة في استخدام يديها وذراعيها، وبالتالي تعاني عند استخدام الأزرار التي تضعها المدن بجوار المداخل والتقاطعات لفتح الأبواب وتنشيط إشارات العبور، حيث تقول: “الكثير من الأزرار موضوعة بشكل غريب، أضطر إلى وضع قدمي في مكان محدد للضغط على هذه الأزرار، وغالباً ما تتم إحاطتها بأشياء مثل نباتات الزينة للتحسين، فلا يمكنني الاقتراب بما يكفي للقيام بذلك على أي حال لغيابنا عن الذهن”، وتضيف أدريانا: ربما تطبيق الهاتف الذكي يكون طريقة أفضل للتعامل مع مثل هذه الاحتياجات.

ويقول جون بلاسكوفإتش، رئيس مؤسسة ماثيو the Matthew Foundation، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى تحسين حياة الأشخاص المصابين بمتلازمة داون: “يمكن للمدن أيضا استخدام التقنية لجعل التنقل أكثر أمانًا وأكثر قابلية للتنبؤ بالنسبة للذين يعانون من بعض الإعاقات في الحواس الإدراكية، ويقول عن حالة ابنه الذي يعاني من متلازمة داون:” عادة ما يحفظ هؤلاء الناس الحافلة التي يجب عليهم ركوبها وعدد محطات التوقف، لكن إذا ما تغير المسار أو لم تأت الحافلة التي تقلهم عادة، فإنهم يواجهون بعض المشكلات جراء ذلك “، ويقول إنه يتمنى بناء تطبيق يتتبع حالات التأخير في الحافلات، ويقوم بمتابعة المنعطفات التي تسلكها في الوقت الفعلي، وينصح المستخدمين، من خلال الهاتف الذكي أو الجهاز القابل للارتداء، للتعرف على كيفية التعامل مع التغييرات التي تطرأ على المسار”.

إن بعض هذه التقنيات ليست بعيدة المنال، حيث يمكن للمكفوفين استخدام قارئ شاشة هواتفهم الذكية لتشغيل تطبيقات النقل العام مثل Moovit، وهو التطبيق الذي يساعد على تخطيط الرحلات على وسائل النقل العام، ويقوم التطبيق بتنبيه المستخدمين عند وصول الحافلات وإعطاء الاتجاهات خطوة بخطوة إلى وجهتهم التي يقصدونها، كما يشير إلى الطرق التي يمكن الوصول إليها بواسطة الكرسي المتحرك.

كما قامت شركة أيرا Aira بإنشاء نظارات ذكية متصلة لَاسِلْكِيًّا لتمكين المكفوفين من التنقل في المساحات الداخلية المعقدة بمساعدة “المرشدين” عن بعد، ويتراوح سعر هذه الخدمة من 1 دولار إلى 1.50 دولار في الدقيقة، حيث تعتبر باهظة الثمن، ولكنها متاحة مجانًا في بعض متاجر التجزئة مثل Target و Walgreens وأيضاً في 30 مطارًا في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مطار هيثرو في لندن.

مبادرة «مدن ذكية للجميع»

بالنسبة للمسؤولين عن إدارة المدينة الذين يحملون هم هذه القضايا على كواهلهم، قد يكون من الصعب التعرف على نقطة البداية، وتهدف مبادرة “المدن الذكية للجميع Smart Cities For All”، وهي مبادرة بقيادة كل من ” ثورستون ” و “بينيدا”، إلى المساعدة من خلال توفير أدوات مجانية يمكن أن تستخدمها المدن لتحليل تقنياتها وإيجاد خيارات أكثر سهولة، ومن بين هذه الأدوات قاعدة بيانات لمئات من المنتجات والخدمات التي جرى فحصها مسبقا، ومن بين هذه الإدخالات Cyclomedia، التي تستخدم البيانات لتحديد متى تحتاج أرصفة المدن إلى الصيانة، و ZenCity، وهي منصة لتحليل البيانات وتستفيد منها منظمة العفو الدولية لقياس ما يقوله الناس عن مستوى الوصول إلى المدينة.

وستطلق المجموعة، مشروعًا يعمل مع المسؤولين في مدينة شيكاغو لترتيب وضع المدينة حول مدى إمكانية دعمها لذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك جزء أساسي من المشروع وهو ضمان الوصول إلى نظام هاتف جديد 311 يتم تقديمه كمدخل عام لخدمات المدينة، ولدى المجموعة خطط للتوسع في العديد من المدن الأمريكية الأخرى، لكن هدفها النهائي هو تحويل هذا العمل إلى تحرك عالمي، وقد التقت إدارة الجمعية مع حكومات بعض الدول بالإضافة إلى مختبرات Sidewalk، وهي شركة تابعة ل Alphabet تقوم بتطوير حي ذكي في مدينة تورنتو.

يقول “فيكتور بينيدا”: “ليس هناك مسؤول في المدينة يقول: إنه يريد بناء مدينة مليئة بالحواجز ومحبطة للغاية لبعض سكانها، هذه المبادرة هي محاولة لمساعدتهم في فهم المشكلات التي تحدث، واستخدام الأدوات المناسبة، ومساعدة الوكالات على تنسيق جهودها”.

_________________________

من مقال للكاتبة إليزابيث ويكي Elizabeth Woyke هي كبيرة محرري الأعمال في مجلةMIT Technological Review