الضروريات المجردة للقيادة المنهجية

  • — الثلاثاء نوفمبر 26, 2019

كيف يمكن أن تفهم وتوسع وتطلق وتطور وتحسن وتجمع وتطبق قدرات القيادة المناسبة كمنظمة؟

لم يعد النموذج التقليدي لسلوك القيادة “الفردية” وتطويرها متناسقًا مع أحدث ديناميات المعارف dynamics entailed التي ينطوي عليها أداء القيادة في بيئة عمل اليوم المعقدة.

أدوات التطوير المستمدة من التحليل النفسي لا تكفي للتعامل مع حقائق الحياة التنظيمية، فالأمر يتطلب فهم العلوم الجديدة ودراسة النظم، إلى جانب القيم الاجتماعية التقدمية للقرن الحادي والعشرين من منظور جديد للقيادة يعكس السياق الشامل الذي يتطلبه العمل من القيادة.

تقدم ورقة (إدارة القيادة من منظور منهجي THE BARE NECESSITIES FOR SYSTEMIC LEADERSHIP للدكتور ويليام تيت، جامعة لندن متروبوليتان للأعمال) نظرة منهجية لكيفية إدارة القيادة لكامل المنظومة ، حيث دور القيادة يكون أحد العوامل في نظام معقد من العناصر المتفاعلة التي تؤثر على أفضل طريقة لممارسة القيادة في إعدادات المؤسسة وكيفية تحسينها، ويعارض هذا النموذج الطرق التقليدية لتعريف القيادة ومواصفاتها وتدوينها، وكذلك طريقة دراسة القيادة وكيفية تقييمها وتطويرها، والنظر في الآثار المترتبة على مختلف التخصصات، ويناقش مجموعة من عمليات الموارد البشرية، بما في ذلك تطوير القيادة، والمساءلة، والتدريب وإدارة الأداء.

ويمكن تلخيص الضروريات المجردة للقيادة المنهجية كما وردت في الورقة :

  • خدمات المنظمة تقدم عن طريق الأنظمة وليس الأفراد، والنظام في نهاية المطاف هو نظام متكامل لإنجاز الأعمال، وتنجح المنظمات أو تفشل كنظام مؤسسي وليس كأفراد، ومسؤولية قيادة المنظمة هي تحسين هذا النظام حتى يؤدي دوره بالشكل المطلوب.
  • القيادة هي الموارد الذي يجب إدارتها إذا كانت المنظمة تسعى لاستخدام كامل إمكاناتها.
  • يجب على المنظمة أن تطمح إلى تحقق سمعة حسنة كونها تحظى بإدارة جيدة، وتتمتع أيضاً بشخصيات قيادية ناجحة، ويبرز القادة الجيدون الى الصدارة ويحسنوا أدائهم إذا كانت الأشياء التي تدور حولهم وفيما بينهم تحظى بالاهتمام الذي تستحقه.
  • الصفات القيادية الفردية والصفات القيادية التنظيمية كلها مهمة ومتشابكة فيما بينها، وهي ليست مجرد استقطابات ثنائية، فالقيادة هي في خدمة احتياجات المنظمة، وما تقوم به القيادة من مهام ومسؤوليات هي وسيلة ضرورية نحو تحسين الطريقة التي تعمل بها المنظمة بشكل منهجي، والنظام القيادي الناجح الذي يتحقق من إدارة المنظمة بطريقة منهجية، يساهم في تحويل ممارسة القيادة إلى مهمة سهلة وأكثر أمانًا على الأفراد.
  • إن النظام الذي يطور بعناية يُسهم في تحرير القيادة، ويركز جل اهتمامه وطاقاته على ما تحتاجه المنظمة، ويسعى لضمان تطبيق هذا النظام، ويضع لذلك مجموعة من الأخلاقيات الأساسية، ويتخذها كمعيار للمحاسبة فيما يجب فعله أو تركه، بينما النظام السائب A neglected system الذي لا يستند إلى أي ضوابط أو محددات يمنع القيادة من القيام بمسؤولياتها، ويترك الحرية في أن تقرر القيادات ما الذي يجب عليهم الاهتمام به، ويضع المنظمة في مخاطرة وجود قادة مارقين واتخاذ قرارات جزافية.
  • إن المهام القيادية طوعية واختيارية وتتطلب مخاطرة سياسية، فإذا طبقت قدرات القيادة، فإن المدراء يحتاجون إلى الإرادة والشجاعة اللازمتين لممارسة القيادة، ويتعين عليهم أن يدركوا أنهم يتمتعون بدعم المنظمة وموافقتها ويحظون بالفرص المناسبة ويواجهون التحديات، وهذه تأتي من بيئة المدير.
  • القيادة ممارسة تقوم على العلاقات، وعلى القيادة أن تتمتع بمجموعة من الاختصاصات إلى جانب الإلمام الجيد بالتحليل النفسي المهني لفهم وتحسين ما يحدث من فجوات ومساحات المنظمة ولإدراك ديناميتها المعقدة.
  • يكون القادة أكثر قدرة على الأداء بفعالية إذا كان لديهم فهم جيد لكيفية عمل منظمتهم كنظام، وحينئذ يمكنهم تحديد أين يمكنهم تطبيق مهاراتهم القيادية الشخصية لتحسين النظام.
  • لا يمكن تحليل الاستقصاءات التي تتعلق بالفشل الكارثي catastrophic failures وفهمها وتفسيرها بشكل كامل إلا بواسطة المشاركين الذين لديهم فهم متعدد الاختصاصات للديناميات المعقدة في نظام المنظمة.
  • لتحقيق التوازن بين الأدوار القيادية والمهام الإدارية، يستفيد المديرون من وجود تقدير وتمييز واع للأدوار التي يجب القيام بها ولماذا؟ والنماذج الفكرية البسيطة تساعدهم على التفكير في المجالات التي يجب عليهم الاهتمام بها بشكل خاص عند ممارسة مهامهم القيادية والإدارية.
  • الهدف الأساسي للقيادة هو مراجعة النموذج السائد للمنظمة prevailing paradigm وجعله أكثر ملاءمة للتحديات المستقبلية، ومن المهام الأخرى أيضاً الحفاظ على التنوع الكافي للموارد لمواكبة ما تواجهه المنظمة في بيئتها (أي بدعم التعلم المتباين divergent بدلاً من التعلم المتقارب convergent).
  • ينبغي موازنة تحليل الاحتياجات التدريبية للمديرين على المستوى الفردي عن طريق تحليل الاحتياجات النمو للمنظمة، ومن الأفضل أن يتم تطوير المهارات القيادية للمديرين في سياق التغيير الذي تحتاجه المنظمة.
  • تحتاج ثقافة القيادة (الكيفية التي تسير بها عملية القيادة) إلى مستوى خاص من الوعي والاختبار والتركيز، حيث ترسل رسائل قوية حول قيم وأخلاقيات القيادة، وما هو الأداء المتوقع من المديرين في هذا الصدد (وقد يكون هذا الأداء أو لا يكون في حاجة إلى التحسين أو الإصلاح).
  • يجب على المنظمة أن تفكر في كيفية توزيع السلطات والصلاحيات القيادية بشكل كامل لتحقيق التحسين والتغيير من خلال الهيكل الإداري management structure. حيث يسمح لمزيد من المديرين بالمشاركة في المناقشة والتشخيص وإجراء التغييرات بناءً على معارفهم، والمنظمة التي يتم فيها توزيع المسؤولية على نطاق واسع تكون أقل عرضة للقرارات التي يتخذها أولئك الذين لديهم سلطة أكبر ولكن معرفتهم أقل.
  • لا يكفي توزيع مسؤولية القيادة بشكل كامل، بل يجب أن يكون مصحوبًا بهيكل سليم للحوكمة a sound governance structure يضمن مطالبة المديرين رسميًا بالمساءلة عن أهم الأعمال التي قاموا بها والتي أهملوها.

ليس هذا وحسب، ولكن أيضاً ..

يجب قبول ما يقوله الأفراد في العمل (“النظام لن يسمح لي بـ…….”) ومناقشتها كواقع معاش بالنسبة لهم، حتى لو اعترض الأصوليون والفلاسفة على إعادة توحيد النظام التجريدي كما لو كان آلية متماسكة، ومن الأسهل التحدث والتفكير عملياً حول اعتماد المديرين على المنظمة، وبالتالي، اعتماد المنظمة على المديرين إذا كان أحدهم يضفي على المنظمة خصائص الفاعل المستقل ويشربها بشخصية، ومع قبول ذلك فهي مسألة بناء الفكر، ولعل استعارة مقولة “المنظمة كحوض السمك” تعتبر بمثابة تذكير مفيد بأن هناك في المنظمة ما هو غير السمك، وأكثر من ذلك شرح سلوك أصحاب العمل الحالي أكثر من قدراتهم الشخصية، والبحث عن كل تلك الأشياء التي تحيط المنظمة بها منسوبيها.

هناك وعي متزايد بالتعقيد الملازم للعديد من التحديات (المشكلات المستعصية wicked problems”) التي تواجه منظمات كبيرة تتكون من تعدد الارتباطات السياسية التنظيمية، وهذه الحالة تتحدى الحلول الإدارية، وتعتمد بدلاً من ذلك على تطبيقات القيادة، وأساليب تطوير المنظمة لتحسين القيادة، وكذلك استخدام القيادة لتحسين المنظمة في دمج الأساليب التشخيصية والحوارية في العمل.

الخلاصة..

نموذج القيادة بالمنظومة يمثل نهجاً جديدًا لتحسين القيادة في المنظمات، وهو يسعى إلى تحسين الطريقة التي يتم بها قيادة المنظمة، بناءً على فهم المنظمة كنظام، وتركز على الترابط بين القيادة والمنظمة، فيما يتعلق بكيفية تطبيق القيادة وإدارتها وتطويرها.

القيادة بالمنظومة تفترض وتعتقد بأنه ومن أجل أن تزدهر القيادة المناسبة وتحقق الفوائد، يجب أن يتم إدخال شخصية المنظمة واحتياجاتها بقوة ضمن الإطار المؤسسي.

المصدر : www.systemicleadershipinstitute.org