الاستراتيجية هل هي ثابتة أم متغيرة؟

  • — الأحد يناير 26, 2014

الاجابة المبسطة للسؤال اعلاه هي: الاثنين معاً. لكن التحدي هو كيف نجعل الاستراتيجية ثابتة ومتغيرة في آن واحد؟ بمعنى أن نزيد من سرعة وجودة عملية اتخاذ القرارات، ومن عملية التنفيذ في الشركة.

يُدرك الاستراتيجي الناجح أن الاستراتيجية يجب أن تكون قابلة للتكيف وديناميكية ومرنة. وذلك لأن كل استراتيجية هي رهان على المستقبل المنظور، وكل يوم يجلب معه معرفة ومعلومات جديدة عن كيفية استشراف المستقبل. الابتكارات التقنية والحركات السياسية والتغيرات التنظيمية والاضطرابات التنافسية وتوقعات العميل المتزايدة، والدوران التنظيمي …الخ، كلها عوامل تؤثر على الاستراتيجية. علاوة على ذلك، تُواجه اية شركة بتدفق ثابت من التحديات والفرص التي تتطلب خيارات يمكن وينبغي أن تغير مادياً اين تعمل الشركة وكيف تحقق المكاسب. لذا فإن العمل الحقيقي للاستراتيجية لا ينتهي ابداً، بل هي عملية تحدث على مدار العام، وفي كل عام، وفي كل يوم.

شركة Nordstrom هي واحدة من الشركات التي تتعامل مع الاستراتيجية باعتبارها عملية مستمرة  ومتغيرة. يقوم القادة في كل اجتماع من اجتماعات مجلس الادارة و اجتماعات التنفيذيين بتحديد فرص وتحديات استراتيجية معينة تكون ذات أهمية للشركة، ومن ثم تتم معالجة القضايا والفرص على نطاق واسع مثل كيفية المشاركة في ثورة التجارة الالكترونية، وكيفية رقمنة عملياتها في البيع بالتجزئة. بعد أن يتم الفصل في التحديات والفرص لا يترددون في استبدالها بأخرى جديدة تظهر في الأفق . وقد رفعت هذه من معدل “الأيض” في عملية اتخاذ القرارات وفي التنفيذ في جميع ارجاء الشركة، وجعلت الاستراتيجية بالنسبة لقادتها اداة ادارية فاعلة وحية ومتغيرة وقابلة للتكيُّف.

كقاعدة عامة بامكان الشركات اتخاذ قرارين أو ثلاث من القرارات الاستراتيجية كل عام، كل واحدة منها تساوى ما بين 5 إلى 10 من القيمة الاقتصادية، وبالتالي تتحول الاستراتيجية تحولاً كاملاً كل خمس سنوات- تدريجياً، وليست دفعة واحدة.

اذاً هل كل الاستراتيجيات يجب اعتبارها متغيرة؟ الاجابة ليست بهذه البساطة؛ ففي حين أن الاستراتيجية يمكن وينبغي أن تتطور باستمرار، لكن اساسها يجب أن يظل ثابتاً.

تستغرق عملية بناء اسلوب مميز لإضافة قيمة لعمليات الشركة عدة سنوات، وهذا ما جعل شركة Berkshire Hathaway تتحاشى الشركات ذات التقنية العالية، وشركة Procter&Gamble تخرج من مجال الغذاء، وشركة Wells Fargo تبتعد عن الاستثمار المصرفي (حتى استحواذها على مصرف Wachovia) خلال الازمة المالية العالمية. بإمكان الشركة أن تُسرِّع من دوران محفظتها – خلال شهور قليلة- ولكن يستغرق الأمر سنوات حتى تستطيع تغيير اسلوبها في اضافة قيمة لمحفظتها من خلال القدرات التي تدعمها. على سبيل المثال؛ شركة Frito-Lay وأسلوبها المتسم بقدرتها على التوصيل المباشر للمحل، وشركة Inditex في سلسلة التوريد السريعة لأحدث الملبوسات، ونظام الانتاج في شركة “تايوتا”، تطلب الأمر سنوات حتى اصبحت مصادر حقيقية لتميز هذه الشركات. إن أساسيات استراتيجية الشركة ينبغي أن تكون مستقرة لفترة تكفي لجعلها تنجح.

 وبالمثل على مستوى الوحدة أو القسم يتطلب الأمر الوقت لبناء قيمة مقنعة وقدرات متميزة لتوصيل تلك القيمة. إن التغيير المتكرر أو الفجائي للعميل المستهدف أو القيمة الجوهرية يولد هدفاً متحركاً. شركة JC Penney هي مثال حديث لما يحدث عند التغيير الفجائي للاستراتيجية. لقد أصابت الشركة عملائها ونظام قدراتها بالصدمة عندما تحولت فجاءة من بيع الملابس اعتماداً على الترويج القائم على البيع إلى البيع باسعار مخفضة.

لنلقي نظرة على الاختلاف بين الكيفية التي ادارت بها شركتي Nordstrom و JC Penney الاستراتيجية؛ فالأولى تحدى قادتها باستمرار التسويق، والمخزون، والقناة، وكل ابعاد استراتيجيتهم  الاخرى بطريقة تستفيد من الخيارات التأسيسية التي ترتكز عليها استراتيجية العمل، في حين أن الثانية دمرت الاساس.

إن الاستراتيجيات الذكية تُمكِّن الشركات من تعديل استراتيجياتها بتغير البيئة والسياق، فهي استراتيجيات لا تتوقف عن تحدي نفسها.

لكن القدرة على القيام بهذا يتطلب وجود اساس قوي. اذا كانت الشركة واضحة وثابتة بخصوص كيفية اضافة قيمة لأعمالها، سوف يتخذ القادة أفضل القرارات حول شكل محافظهم الاستثمارية. اذا فهم قادة الشركة ما تتألف منه قدراتهم المتميزة، فإنهم سوف يولون أهمية لأولويات النمو لرفع وتعزيز قدراتهم. اذا كانت الاعمال داخل الشركة حاسمة ومتسقة بما يخص العملاء المستهدفون، والعروض القيمة، والقدرات المتميزة، فإن افرادها سوف يتخذون قرارات ذكية حول ما يجب بيعه، وأي الاسواق يجب الدخول فيه، وأيهم يجب الخروج منه، وكيفية ادارة تطوير المنتج الجديد، وكيفية ادارة التكاليف، وكيفية الاستثمار، وجميع الخيارات الأخرى الجوهرية في كسب العملاء وريادة السوق.

يجب أن تتغيّر الاستراتيجية كل يوم وإلا سوف تفشل في المواكبة. لكن الكثير منها ايضاً تحتاج أن تظل ثابتة  وإلا ستصبح كل تلك القرارات والإجراءات التي تتخذها الشركة ضعيفة بسبب انعدام الوجهة والتلاحم. الاستراتيجي الناجح يعرف كيف يدير هذا التناقض الواضح.

 المصدر: موقع مجلة  http://www.strategy-business.com

عدد Nov 2013 | مجلة المدير