«الموارد البشرية من التكوين إلى التمكين»

  • — الخميس مارس 21, 2024

العنصر البشري هو مصدر الأفكار والأداة الرئيسة في تحويل التحديات والمعوقات إلى فرص وقدرات تنافسية ؛ وذلك باستثمار فاعليته وطاقاته الذهنية ومعارفه التي تمثل الثروة الحقيقية، وتفوق قيمتها أي أصول أخرى تمتلكها أي منظمة.

ويمكن تقسيم الموارد البشرية في المنظمات إلى مرحلتين; الأولى هي تكوين الموارد البشرية، والآخرى تمكين الموارد البشرية.

أولاً، التكوين :

يُعد تكوين (بناء) موارد بشرية متميزة دور رئيس للمنظمات، ويمر هذا البناء عبر سلسلة مترابطة من المراحل التي تتكامل وتؤثر في بعضها البعض ، ومنها :

1 : تخطيط الموارد البشرية

تخطيط الموارد البشرية يعني اتباع الأسلوب العلمي وتحليل الطلب والعرض للقوى العاملة لفترة زمنية مستقبلية والموازنة بينهما، وذلك بناءً على تحليل الأهداف القصيرة والطويلة الأمد ، مع تقدير التغيرات المحتملة في البيئة الخارجية. وتتلخص أهمية تخطيط الموارد البشرية في النقاط التالية:

  • يعد المورد البشري في المنظمات العنصر الأساسي لأداء الأعمال وتحقيق الأهداف .
  • التنبؤ بالاحتياجات من الموارد البشرية من حيث العدد والمهارات اللازمة.
  • التأكد من توافر العرض الدائم من المتخصصين على المدى الطويل، للاستجابة إلى الحاجات المتزايدة للإنتاج.
  • تجنب مشكلات إدارة الموارد البشرية قبل استفحالها .
  • توفير البيانات اللازمة للعديد من أنشطة الموارد البشرية؛ كالاستقطاب والاختيار والتدريب والترقية، ورسم سياسات مناسبة لتلك الأنشطة تعتمد على تخطيط الموارد البشرية .

2 : الاستقطاب

الاستقطاب عملية تعنى بالبحث المنظم عن الموارد البشرية المؤهلة والتي تتصف بقدرات ومهارات معينة ، وتشجعهم على التقدم للعمل بالمنظمة ، بالأعداد المناسبة وفي الوقت المناسب ، لانتقاء الأفضل من بينهم ، تلبية للاحتياجات الوظيفية بالمنظمة. ويكتسب النشاط الاستقطابي أهميته من خلال التالي :

  • الاستقطاب الجيد الذي يقوم على تخطيط سليم للموارد البشرية ، يؤثر تأثيرا مباشرا على المنظمة حاضرا ومستقبلا .
  • جهود الاستقطاب تساعد على اختيار المورد البشري المناسب للوظيفة ، فتكون هذه الجهود نواة للقول الشائع ( وضع الفرد المناسب في المكان المناسب ) .
  • الفرد الذي يتم استقطابه بعناية يحقق إنتاجية أعلى ويسهم بشكل فاعل في تحقيق أهداف المنظمة .
  • الاستقطاب السليم يؤدي إلى تخفيض نسبة الغياب ومعدل دوران الموارد البشرية .

3 : الاختيار

الاختيار عملية يتم بمقتضاها فحص طلبات المتقدمين والتأكد من مدى ملاءمة مؤهلاتهم ومعارفهم وقدراتهم ومهاراتهم للوظيفة الشاغرة ، ومدى إمكانية نجاحهم في الأعمال المطلوبة منهم . ويمر هذه النشاط بعدة مراحل، أهمها :

  • الفحص الأولي لطلبات التوظيف والسيرة الذاتية .
  • الاختبارات .
  • المقابلات الشخصية .

4 : التعيين

يُعد التعيين الركن الأخير من أركان التوظيف الثلاثة ؛ فالتعيين هو القرار الذي يتم اتخاذه بخصوص تسكين وظيفة شاغرة بموظف تتناسب مؤهلاته وقدراته ومهاراته مع هذه الوظيفة ، ويتضمن القرار : مسمى الوظيفة ورقمها والقسم الذي تنتمي إليه ، وكذلك اسم الموظف والأجر ، وتاريخ المباشرة ، والدرجة التي تم تعيينه عليها .

5 : تقويم الأداء

ويعرف تقويم الأداء بأنه العملية التي يتم من خلالها معرفة درجة إتقان الموظف للعمل المكلف به، وإمكانية تطويره مستقبلا. ويتجسد هدف تقويم الأداء في أي منظمة في أنه يوفر معلومات غنية وواضحة عن أداء مواردها البشرية التي تعمل لديها بشكل دوري ومستمر ، ورغبة في التحسين والتطوير المستمرين.

ومن أهم المجالات التي يتم تستخدم فيه نتائج تقويم الأداء; تخطيط الموارد البشرية والترقية والنقل وتقييم أنشطة الاستقطاب والاختيار والتدريب، وتحديد البرامج التدريبية الملائمة لكل موظف، وتحديد الحوافز التشجيعية، إضافة إلى إنهاء الخدمة.

6 : التدريب

التدريب هو نشاط مُخطط ومُنظم ومُراقب ، يتم تصميمه من أجل تطوير وتحسين الأداء الوظيفي . ويهدف التدريب إلى أهداف كثيرة، من أهمها:

  • إكساب الموارد البشرية معارف ومهارات واتجاهات سلوكية جديدة ومتنوعة.
  • سد الثغرات الموجودة في الأداء الحالي للموارد البشرية.
  • تنمية جوانب القوة في الأداء.
  • تكييف الموارد البشرية مع متغيرات البيئة.
  • رفع كفاءة المنظمة الإنتاجية وفاعليتها التنظيمية.

7 : تقييم الوظائف

ويُقصد بتقييم الوظائف أنها عملية منظمة تهدف إلى تحديد القيمة أو الأجر العادل لكل وظيفة قياسا بباقي وظائف المنظمة . ومن أهم الأسباب التي دعت إلى الاهتمام بنشاط تقييم الوظائف هو تحديد هيكل أجور رسمي وثابت استنادا إلى قيمة الوظيفة بالنسبة للمنظمة ، إضافة إلى مساهمة هذا النشاط في علاج المشاكل والنزاعات التي قد تنشأ حول قضايا الأجور.

8 : التحفيز

التحفيز هو دفع المورد البشري لاتخاذ سلوك معين أو إيقافه أو تغيير مساره . وفي مجال العمل فإن التحفيز يتخذ صورا متنوعة حسب الحاجة إليه ، فهناك من يتم تحفيزه براتب أعلى ، وغيره من الموارد البشرية لا يهتم بالجانب المادي بقدر اهتمامه بالجوانب المعنوية ، كلقب وظيفي مرموق، أو شهادة تقدير .. وغير ذلك من الحوافز.

9 : المنافع والخدمات المقدمة

وتُمثل هذه المنافع والخدمات نوعا من التعويضات غير المباشرة التي تمنحها المنظمة لمواردها البشرية ؛ إما بشكل طوعي أو بشكل تفرضه القوانين الحكومية . وسنورد أهم الأسباب التي تجعل المنظمات تهتم ببرامج المنافع والخدمات لمواردها البشرية، كما يلي :

  • الإحساس لدى كثير من المنظمات بأن عليها القيام بما يعرف بـالرعاية الأبوية لمواردها البشرية ، تخفيفا عنهم وعونا لهم ، مما سينعكس أثره إيجابا على المنظمة على الأجل الطويل .
  • اكتساب المنظمات قدرة تنافسية تدعمها في المحافظة على مواردها البشرية الحالية ، واستقطاب أفضل الكفاءات .

10 : تطوير وتخطيط المسار الوظيفي

التطوير الوظيفي هو الطريق الذي يسلكه الموظف ، وتساعده فيه الإدارة للوصول إلى مراكز وظيفية أفضل خلال حياته العملية في المنظمة. ومن أهم الأسباب التي تدعو المنظمات للاهتمام بمسيرة التقدم الوظيفي:

  • أنّ مستوى الموارد البشرية التعليمية يكون في تطور مستمر ، مما يعني زيادة طموحاتهم في مستقبل وظيفي أفضل .
  • المنظمات التي تهتم بالتطوير الوظيفي لمواردها البشرية ستكون أكثر جاذبية للموارد البشرية المرتقبة وأكثر حفاظا على الموارد البشرية الحالية، من تلك المنظمات التي لا تعير لهذا النشاط أهمية.
  • تخطيط وتطوير المسار الوظيفي يساعد الموارد البشرية في تنمية قدراتهم ومهاراتهم من أجل تحسين وتطوير أدائهم.
  • تساعد برامج تخطيط وتطوير المسار الوظيفي في التعرف على الموارد البشرية المؤهلة لتولي المناصب القيادية.

11 : إدارة الحركة الوظيفية

وتشمل الترقية والتنقلات والإعارة والتكليف والانتداب والاستقالات وإنهاء الخدمة. وسنسلط الضوء على (الترقية)، والتي يتم بموجبها إسناد وظيفة شاغرة للموظف تكون ذات مستوى أعلى في السلم الوظيفي من وظيفته الحالية ، ويفترض ان يصاحبها عادة زيادة في الواجبات والمسؤوليات والمزايا المادية والمعنوية . ويمكن أن تحقق الترقية بشكل عام عدداً من الأغراض، من أهمها:

  • الاستخدام الأمثل للموارد البشرية ، بوضع الفرد المناسب في المكان المناسب.
  • إتاحة الفرصة الكافية للموارد البشرية لتحقيق طموحاتهم وآمالهم لبلوغ أعلى المراتب.
  • إشباع الحاجة المعنوية للموارد البشرية في الحصول على التقدير وتحقيق الذات، وتعزيز الرضا الوظيفي.
  • إذكاء روح المنافسة بين الموارد البشرية ودفعهم إلى المثابرة وبذل الجهد وتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية.
  • تعميق الولاء لدى الموارد البشرية، وتغذية روح الإخلاص لديهم، من خلال الشعور بالتقدير الذي توفره الترقية لهم.

ثانياً، التمكين :

تمكين الموارد البشرية يعني تكوين صلاحيات الفرد في العمل ودفعه إلى مباشرة التصرف والإبداع والابتكار وتحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات. وأهم الأسباب الداعية إلى تمكين الموارد البشرية المتميزة :

  • القدرة على التعامل مع عالم يتصف بالتقلب، وارتفاع حالات عدم التأكد والمخاطرة.
  • المرونة والقدرة على التخلص من الأساليب النمطية إلى أساليب غير جامدة لمواكبة ظروف البيئتين العامة والخاصة.
  • التحرر من أسْر الخبرات السابقة، وحصر المورد البشري الكفء الفاعل في نطاق ضيق لا يتجاوز حدود وظيفته.
  • استثمار الطاقات الذهنية ورأس المال الفكري وتنمية القدرات الإبداعية والابتكارية للموارد البشرية لتحسين إنتاجية المنظمة.
  • الطموح والتطلع إلى مستقبل أفضل باستمرار ، وعدم الركون إلى ما حققه الفرد من نجاحات سابقة.
  • اكتشاف القدرات القيادية بتحميلهم مسؤوليات ومنحهم صلاحيات ودرجة من الاستقلالية.

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو : مَن مِن الموارد البشرية الذي يستحق التمكين؟

المورد البشري الذي يستحق التمكين يجب أن يتصف بمواصفات خاصة من أهمها : الأمانة ، القوة ، الصدق ، الاستقامة ، العدل ، العلم ، الحرص على تحقيق الذات ، الحماس ، تحمل المخاطر ، الرغبة في الإنجاز ، الاقتناع بفكر الجودة ، الحرص على مصالح المنظمة ، وأخيرا أن يكون صاحب تفكير ورأي مستقل.

وفي الختام ، يتلخص المنطق الأساسي لإدارة الموارد البشرية في ضرورة احترام العنصر البشري (الإنسان) واستثمار قدراته وطاقاته ، بتوظيفها في مجالات العمل المناسبة له، واعتباره شريكا في العمل وليس مجرد أجير ، ويمكن أن يتحقق التميز من خلال:

  • الاهتمام بتفعيل الإنسان وقدراته الذهنية ، وإمكانياته في التفكير والإبداع والابتكار والمشاركة في حل المشكلات وتحمل المسؤوليات.
  • تمكين الإنسان ومنحه الصلاحيات التي تخول له اتخاذ القرارات التي تسهم في إتقان الأداء وتحقيق الأهداف بفاعلية وكفاءة .
  • تنمية العمل الجماعي ، والعمل بروح الفريق الواحد .

[ د. منيف بن علي المطرفي]

1

  1. يقول فيصل الدوسري:

    أسئل الله أن ينفع بعلمك العباد والبلاد …فوالله مازلنا نستفيد ونفيد من علمك بارك الله في جهودك شيخنا الفاظل

Comments are closed.