الوصايا العشر

  • — الأربعاء يوليو 09, 2014

يحكى أن أمريكياً من رجال الأعمال وضع لنفسه وصايا عشراً، وعنوانها ” عهد وثيق ” وكتبها على بطاقة، وعاهد نفسه على أن يقرأها صباح كل يوم عند الإفطار، وأن يبذل كل جهده للعمل بها وهي :

  1. سأكرم نفسي : لأني أستطيع أن أعتزل كل أحد إلا نفسي، أعيش معها كل وقتي، آكل معها، وأنام معها، وأقيم معها؛ وأرحل معها، فعلى عهد ألا آتي بعمل يخجلها .
  2. سأكون طموحاً لا أقنع بما أنا فيه، بل أجعل نصب عيني أن أكون خيراً مما أنا عليه، ومن أجل هذا لا أكره أن تظهر نقائصي؛ فذلك أقرب إلى معالجتها وإصلاحها، وهذا يجنبني الزهو بنفسي، ويحملني أن أعمل دائماً في بنائها .
  3. سأراقب ما يدخل في ذهني من أفكار، لأنها ذات أثر فعال، فهي إما أن تبنيني أو تهدمني، ولذلك سأغلق باب ذهني عن كل أفكار الفشل، وأفكار الرعب، وأفكار اليأس، وسأحرم دخولها إلى ذهني كما أحرم الأكل السام إلى معدتي .
  4. سأكون أميناً مع نفسي ومع غيري؛ سأكون أميناً في السر والعلانية، أمينا وحدي وأميناً مع الناس، أشعر إذا قربت من الخيانة أنها كالنار ترعى جسمي .
  5. سأعني بجسمي، فمنه أستمد القوة والصبر على العمل، وهو فوق ذلك وسيلة من وسائل الأخلاق الطيبة لا أتلفه بالإفراط، ولا أحمله ما لا يطيق، لا أسرف في العمل، ولا أسرف في الكسل، سآكل وأشرب بحكمة، لا أعلف جسمي كما تعلف الدواب، ولكن أنهج معه نهجاً يحفظ صلاحيته .
  6. سأعمل على ترقية عقلي، فأغذيه كل يوم كما أغذي جسمي، وأدرس دراسة دقيقة منظمة لنوع من المعارف أتخذه هوايتي.
  7. سأحتفظ بحماستي وحرارة عواطفي باعتدال وابتهاج ، فلا أشكو ولا أتبرم، ولا أتشاءم ولا أصادق المتشائمين اليائسين، وأتحمس للخير والجد والعمل في فرح ونشاط .
  8. سأكون أميل إلى مدح الناس وتقريظهم من ذمهم وتعييرهم وتعييبهم وسأقول الخير وأبذل الثناء للناس في وجوههم ومن ورائهم، وأما ما أكرهه منهم وأعيبه وأحتقره من فعالهم فسأحتفظ بإفرازه إلى أن أعود إلى بيتي .
  9. سأحتفظ بمجهودي وطاقتي، فلا أسرف في أنفاقها في غير فائدة، فلا أجادل من لا فائدة في جدله، ولا أغضب إذ لا فائدة في الغضب، ولا أحقد فالحياة أقصر من أن تضيع في حقد .
  10. سأنجح في الحياة، وسأنجح مهما صادفني من عقبات، وإذا وضع في طريقي أحجار أزلتها، وسأضع كل قلبي في عملي، وأواجه كل الصعاب من غير خوف، وأعتقد أن الحظ الحسن يتبع الجد والشجاعة .

الإمضاء

“نفسي”

 

هذا عهد أمريكي. وقد ذكرني بعهد عربي قديم وضعه لنفسه (ابن) مسكويه من نحو ألف عام ، نقتطف منه ما يأتي :

” هذا ما عاهد عليه أحمد بن محمد، وهو يومئذ آمن في سربه، معافى في جسمه، عنده قوت يومه، لا تدعوه إلى هذه المعاهدة ضرورة نفس ولا بدن، ولا يريد بها مراءاة مخلوق، ولا استجلاب منفعة، ولا دفع مضرة.

عاهده على أن يجاهد نفسه، ويتفقد أمره فيعف ويشجع ويحكم _ وعلامة عفته أن يتقصد في مآرب بدنه لا يحمله الشره على ما يضر جسمه، أو يهتك مروءته .

وعلامة شجاعته أن يحارب دواعي نفسه الذميـمة حتى لا تقهره شهوة قبيحة, ولا غضب في غير موضع .

وعلامة حكمته أن بستبصر في اعتقاده لا يفوته _ بقدر طاقته _ شئ من العلوم والمعارف ليصلح نفسه ويهذبها .

وعاهده على إيثار الحق على الباطل في الاعتقادات, والصدق على الكذب في الأقوال, والخير على الشر في الأفعال, والتمسك بالشريعة ولزوم وظائفها, وحفظ المواعيد حتى ينجزها .

ومحبة الجميل لأنه جميل لا غير ذلك .

والصمت في أوقات حركات النفس للكلام حتى يستشار فيه العقل .

والإقدام على كل ما كان صواباً والإشفاق على الزمان الذي هو العمر, فيستعمل في المهم دون غيره.

وترك الاكتراث لأقوال أهل الشر والحسد حتى لا يُشغل بهم.

وذكر المرض وقت الصحة, والهم وقت السرور, والرضا عند الغضب ليقل الطغى والبغى.

وقوة الأمل وحسن الرجاء والثقة بالله عز وجل “.

من فيض الخاطر | أحمد أمين