ورد في كتاب “Good to Great” لجيم كولينز مفهوم الأشخاص المناسبين في الحافلة، وأن أولئك الذين يبنون منظمات عظيمة يتأكدون من وجود الأشخاص المناسبين في الحافلة، والأشخاص المناسبين في المقاعد الرئيسية، وذلك قبل تحديد الوجهة التي ستتجه إليها الحافلة.
هؤلاء دائما يفكرون أولا في استقطاب الكوادر البشرية التي ستعمل (مَن؟) قبل أن يفكروا في العمل نفسه (ماذا؟).
عندما تواجه الفوضى وعدم اليقين، ولا يمكنك أن تتوقع ما هو قادم، فإن أفضل “إستراتيجيه” تتمثل في امتلاك حافلة من الأشخاص الذين يمكنهم التكيف مع الأوضاع التي يمكن ان تواجهها، والعمل معك ببراعة بغض النظر عما سيحدث بعد ذلك، فلا قيمة لأي رؤية عظيمة دون أن يكون هناك أناس عظماء يمكنهم تحويلها إلى واقع ملموس.
المسؤولون التنفيذيون الذين أطلقوا التحولات في منظماتهم لم يبدؤوا أولاً بالتفكير في الوجهة التي سيتجهون نحوها، بل كانت بدايتهم باستقطاب الكوادر البشرية المناسبة للحافلة ( وإنزال الأشخاص غير المناسبين منها ) ثم يحددون بعد ذلك الوجهة المناسبة، ولسان حال أحدهم يقول، ” أنا لا أعرف في الواقع إلى أين يمكن ان نتجه بالحافلة، لكنني سأعرف ذلك بشكل أفضل: لو قمت باستقطاب الأشخاص المناسبين، ووضعت الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة، واستبعدت الأشخاص غير المناسبين من الحافلة، فحينئذ يمكننا أن نحدد جميعاً الوجهة التي يمكن أن نتجه إليها”.
القادة الذين تبنوا مبدأ “Good to Great” أدركوا ثلاث حقائق بسيطة.
أولاً ، إذا بدأت بـ “مَن” ، بدلاً من “ماذا” ، يمكنك بسهولة التكيف مع عالم متغير. إذا انضم الأشخاص إلى الحافلة من أجل الوجهة فقط، فما الذي يمكن أن يحدث إذا اضطررت إلى تغيير الاتجاه بعد أن مضيت عشرة أميال في الطريق؟ ستكون حينئذ في مأزق. ولكن إذا ركب معك الأشخاص بسبب الأشخاص الآخرين الذين هم على متن الحافلة، فسيكون تغيير الاتجاه أمراً سهلاً في هذه الحالة: “مرحبًا، لقد ركبت هذه الحافلة بسبب الأشخاص الآخرين؛ فإذا احتجنا إلى تغيير الاتجاه لكي نكون أكثر نجاحًا، فلا بأس في ذلك”.
ثانياً، إذا كان لديك الأشخاص المناسبون في الحافلة، فلن تكون لديك مشكلة في تحفيز الناس وإدارة شؤونهم، فالأشخاص المناسبون لا يحتاجون إلى من يديرهم بإحكام؛ لأن الدافع الذاتي سيكون محركهم من الداخل لتحقيق أفضل النتائج وللمشاركة في خلق شيء عظيم.
ثالثًا، لكن إذا كان لديك الأشخاص الخطأ، فلا يهم ما إذا كنت قد حددت الاتجاه الصحيح أم لا؛ فأنت في واقع الأمر لا تزال تفتقر إلى مجموعة يمكنها تحقيق النجاح في الوجهة التي تختارها.
إذا كان لديك المديرون التنفيذيون المناسبون ، فسوف يفعلون كل ما بوسعهم لبناء منظمة كبيرة، ليس بسبب ما سيحصلون عليه، ولكن لأنهم ببساطة لا يستطيعون تخيل أي شيء أقل من ذلك، قانونهم الأخلاقي يملي عليهم بناء التفوق من أجل التفوق نفسه، وليس من المرجح تغيير ذلك من خلال حزمة من المحفزات.
المنظمات التي انتقلت من وضع “Good to Great” أدركت حقيقة بسيطة مفادها: إن الأشخاص المناسبين سيفعلون الأشياء الصحيحة ويقدمون أفضل النتائج التي يمكنهم تحقيقها، بغض النظر عن نظام الحوافز.
صحيح أن الحوافز مهمة، ولكنها في المنظمات التي غيرت أوضاعها “Good to Great” تأتي لأسباب مختلفة كلياً، ولا ينبغي أن يكون الغرض منها هو الحصول على السلوكيات الصحيحة من الأشخاص الخطأ، ولكن استقطاب الأشخاص المناسبين على متن الحافلة في المقام الأول ، ومن ثم المحافظة عليهم.
المصدر: www.jimcollins.com