صدر كتاب تصميم التفكير The Design Thinking Playbook باللغة الإنجليزية ليصبح من الكتب المفضلة لدى للعديد من الجامعات التي تسعى لتعليم أساليب تصميم التفكير، حيث تستخدم العديد من المنظمات هذا الدليل كمرجع لإطلاق عملية التحول الرقمي أو من أجل بناء بعض القدرات الجديدة والضرورية لإنشاء أنظمة بيئية جديدة للأعمال على سبيل المثال. ودون أن نستغرق في التفاصيل الكثيرة، إليكم نص المقابلة التي اجراها Braden Kelley مع المؤلف:
– يبدو جلياً أن الناس يمكنهم أن يكونوا أداة مفيدة خلال المراحل المختلفة لتصميم التفكير، فهلا حدثتنا عن بعض المفاتيح لخلق شخصية قيمة؟
الشخصية Personas مفهوم أساسي لبناء الانسجام مع المستخدم. حيث يبدأ “دليل تصميم التفكير Design Thinking ” بثلاث شخصيات متنوعة من أجل تقديم تجربة حقيقية للقارئ. الأشخاص الذين قمنا باستخدامهم في الدليل لدى كل منهم “مهمة مختلفة يجب إنجازها” باستخدام ” تصميم التفكير “. لييل، على سبيل المثال، تعمل منسقة ومدربة لتصميم التفكير في إحدى الجامعات في سنغافورة، ولدينا أيضاً بيتر، وهو يواجه تحدياً يتمثل في تقمصه لعقلية المنصب الجديد الذي كلف به كمدير للابتكار في شركة لتقنية المعلومات في سويسرا، وكذلك مارك، وهو رجل أعمال شاب يعمل في مجال البلوك تشين Blockchain، حيث يستخدم قدراته في تصميم أنظمة الأعمال Business Ecosystem Design” ” لتقديم نموذج فريد للقيمة المتصورة لمجوعة الزبائن المستهدفين.
وبشكل عام، يساعدنا الأشخاص في فهم المستخدم، وعادة ما أقوم بتشجيع زملائي وطلابي على استقطاب شخص يكون في شخصيته قريباً من شخصية الموظف الذي يعمل في مختبر الابتكار وإظهار النماذج والوظائف، وفي هذه الحالة، فإن التفاعلات الحقيقية وحدها هي التي ستساعدنا في التغلب على الافتراضات والمصاعب التي قد يعاني منها المستخدم الحقيقي، والمنافع التي يمكن ان تعود عليه من هذه المهمة التي يتوجب علينا إنجازها.
– تقوم في كتابك بتسليط الأضواء على نماذج Prototypes لعدة فئات مختلفة، ما هي العناصر الأساسية للنماذج التي يجب أن يكون الناس على دراية بها، وما هي هذه النماذج في حد ذاتها؟
تعتبر النماذج الملموسة Tangible prototypes من العناصر الأساسية للتفاعل مع المستخدم، وقد تعلمت في معظم التحديات التي أواجهها في عملي في مجال التصميم، قد يكون من المفيد التركيز على التجارب والوظائف الهامة كنموذج أولي، المادة material ليست مشكلة طالما أن المستخدم قادر على التفاعل مع النموذج، فالتحدي الكبير في الفضاء الرقمي يتمثل في النماذج.
تخيل أنك تقوم بتصميم حل يعتمد على الذكاء الاصطناعي لعشاء عمل رائع في أحد المطاعم تلبية لتوقعات جميع الزبائن، في الماضي كانت مثل هذه العملية مزيجاً من البحث والاختيار ثم الذهاب إلى المطعم وتناول الطعام، بينما في المستقبل قد يعتمد الأمر فقط على التفاعل الصوتي للمستخدم الذي لديه الرغبة في تناول الطعام التايلاندي على سبيل المثال. وقد تكون هناك توصية واحدة لمطعم، ثم يقومون بتنظيم جميع التفاعلات التالية تلقائيًا، كوقت المغادرة والنقل وطريقة الدفع وهلم جراً.
يمكن جعل النماذج الرقمية ملموسة أيضاً، كنماذج الإطار الشبكي للموقع wireframes، أو نموذج لعب الأدوار أو نماذج “ساحر أوز Wizard of Oz”، حيث تكون الوظيفة الرقمية غير حقيقية / تتم محاكاتها بواسطة الإنسان.
– ما هو موطن الألم “groan zone” ولماذا هو جزء مهم من عملية تصميم التفكير؟
“موطن الألم ” هو الوقت الذي ينتقل فيه فريق التصميم من التفكير المتباعد إلى التفكير المتقارب divergent thinking to convergent thinking، عملية توليد المزيد من الأفكار وبذل المزيد من الجهد من أجل الكشف عن القوة الخلاقة للفرق (التباعد)، أسهل دائما من التقيد بالتوقيت المناسب للتركيز واتباع مسار معين لتحقيق النجاح (التقارب). ليست هناك مؤشرات أداء KPIs تدلك على الوقت الذي يتم فيه التبديل، فالأمر يعتمد على خبرة المنسق facilitator والفريق وما يتمتعان به من حدس لتحقيق ذلك.
– يحاول الناس في هذه الأيام تطبيق تصميم التفكير على كل شيء. متى يجب على الناس عدم استخدامه ؟
تصميم التفكير أداة رائعة إذا ما استخدمت بطريقة صحيحة، ففي مرات عديدة رأيت أن أدوات وأساليب التصميم تستخدمها فرق العمل لمجرد أن أحدهم طلب منهم استخدامها في مرحلة مبكرة من أي مشكلة لحلها، هناك العديد من المشكلات محددة المعالم بشكل دقيق والتي يمكن استخدامها بسهولة باستخدام معيار المنطق والخبرة، وتصميم التفكير يمكن أن يعمل بشكل أفضل في حالة وجود مشكلة مستعصية وغير محددة المعالم، أنا شخصياً كثيراً ما أستخدم توليفة من التفكير المنظومي system thinking وتصميم التفكير design thinking لحل مشكلات الفضاء الرقمي.
– لماذا من المهم توصيف الأساليب أو المنهجيات القائمة لحل المشكلة في موجز التصميم؟
لو تمكنا من معرفة المخارج الممكنة وتعرفنا على الأساليب التي جربت ولم تنجح في معالجة المشكلة، فسنوفر الكثير من الوقت. والأمر هنا يعتمد دائمًا على أهداف المشروع، ففي بعض الأحيان بعض المنتجات تؤدي عدد كبير جدًا من الوظائف وقد يكون من المرهق بالنسبة للزبائن أن يختاروا من بينها. ففي هذه الحالة، يجب أن نقوم باختبار كل وظيفة لمعرفة الوظائف التي تعتبر ضرورية بالنسبة للمستخدم، قبل إتمام عملية البيع.
– لماذا من الضروري فهم الافتراضات أثناء عملية تصميم التفكير ؟
لدينا دائماً افتراض معين حول كل شيء، وابتداء بأنفسنا، نفترض كيف ينظر إلينا الآخرون وكيف يرون قيادتنا لفرق العمل، وما إذا كنا نبدي شكرنا وامتناننا للأشياء الجيدة التي تحدث لنا، نظرتنا لذواتنا خاطئة في معظم الأوقات خاطئة، وعندما نسأل الآخرين عن شعورهم حول كيفية تفاعلنا مع الأمور، سنكتشف الكثير من الأفكار.
نفس الشيء ينطبق على تفاعلات الزبائن ووظائف وخدمات المنتجات، يمكننا تقديم تصاميم مناسبة للناس لو تمكنا من فهم دوافعهم واحتياجاتهم وأهدافهم، في عملية بناء الانسجام، يمكننا خلق المزيد من الأفكار وتعزيز العديد من الافتراضات القوية التي لدينا.
– كل من يمارس تصميم التفكير بشكل صحيح يحاول الفهم والتعاطف، ولكن ما هي الأمور التي يقومون بها بشكل سيء أو يتركونها؟
أشجيع دائماً فرق التصميم على التعبير عما يرون وعن فهمهم للأمور والأهم من ذلك كيفية مشاركة وجهات نظرهم داخل فريق التصميم نفسه، وعلاوة على ذلك، أنا من أشد المعجبين بتطبيق عقلية هجينة تقوم باستخدام أدوات تحليل البيانات وأدوات تصميم التفكير للتعلم العميق واكتساب الخبرات.
– ما هو العنصر الرئيسي لبيان المشكلة أو التعبير عن وجهة النظر point-of-view (POV) ؟
يجب أولاً وقبل كل شيء أن يفهم جميع أعضاء فريق العمل بيان المشكلة problem statement بشكل جيد، ولفهم المشكلة بشكل أفضل يجب أيضا التركيز على فهم الناس وفهم احتياجاتهم، غالبًا ما نميل إلى التركيز على معايير أخرى مثل الوظيفة أو حجم المبيعات أو الأرباح أو تقنية معينة، يمكن لكل هذه السمات أن تكون ذات قيمة كبيرة بالإضافة إلى بيان المشكلة problem statement ، ولكن لا ينبغي أن نجعلها محور تركيزنا، والمثال النموذجي هنا هو تصميم الحل الرقمي، ومن المناسب أن نضيف أنه يجب حل مشكلة معينة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لأنه يمكن أن يصبح مهما في المحاولات اللاحقة للبحث عن الحلول، بيد أن العيب هنا هو أن هذا الأسلوب يحد أيضاً من عدد الأفكار الممكنة وقد نفوت فرص السوق لأننا سمحنا لأنفسنا بالإفراط في الاسترشاد بتقنية واحدة فقط. وبالتالي، يمكننا تحديد قاعدتين لبيان المشكلة problem statement ، ولابد من مراعاتهما بالإضافة إلى التركيز على الناس:
بيان المشكلة يجب أن يكون موسعاً بما فيه الكفاية للسماح بحرية الإبداع.
بيان المشكلة يجب أن يكون محصوراً بما فيه الكفاية بحيث يمكننا حلها بالموارد المتاحة (حجم فريق العمل والوقت والميزانية).
– أين يميل الناس للخطأ خلال مرحلة التصور في تصميم التفكير ؟
لم أشاهد الكثير من الأخطاء في مجال التفكير، طالما كان هناك تنسيق جيد. حيث أن المشكلة الكبرى تكمن في التحول من مرحلة التباعد إلى مرحلة التقارب، أنا دائما أشير إلى “موطن الألم” لأنه الجزء الأصعب في الأوقات التي يتم فيها التركيز على حل محتمل.
– لو أردت أن تقدم للناس ثلاث نصائح، حول كيفية القيام بالنماذج المبدئية الجيدة والاختبار، فما هي هذه النصائح؟
1. اعرض نموذج الأولي على أكبر عدد ممكن من المستخدمين
2. اطرح الكثير من الأسئلة الاستفهامية وتجنب الأسئلة الاستجوابية
3. كن وديًا وصبورًا مع المشاركين في الاختبار فقد تحتاج إليهم مرة أخرى
الخلاصة
دليل تصميم التفكير الذي شارك في تأليفه كل من مايكل ليريك، وباتريك لينك، ولاري ليفر، يقدم وصفاً حول كيفية تطبيق تصميم التفكير في مجموعة متنوعة من المجالات، ويثريها بالعديد من المنهجيات والأساليب التي أثبتت جدواها، بالإضافة إلى الأدوات الضرورية، وكذلك المعرفة اللازمة لاستخدامه بشكل فعال.
ومن خلال نقاش غني بالعديد من الحلول للتحديات المشتركة بما في ذلك التحول الرقمي، يوضح لك الكتاب كيف يتناسب تصميم التفكير مع الأساليب الذكية في الإدارة والابتكار والشركات الناشئة، ويدور حول الاقتراب من الأشياء بشكل مختلف من خلال توجه قوي نحو المستخدم وتقديم الحلول السريعة من خلال فرق عمل متعددة التخصصات لحل المشكلات المستعصية، وهو بنفس القدر ينطبق على (إعادة) تصميم المنتجات والخدمات والعمليات ونماذج وبيئات الأعمال… هذا الدليل يشجع ويلهم الابتكار، ويشعل القدرات.
المصدر: www.innovationexcellence.com