سلامٌ على كبارِ السن، وسلامٌ على من يرعون ويرحموُن ويراعوُن كبارُهم.
في زمن فيروس كورونا المستجد الذي قال بعض عديمي الأخلاق والإنسانية : ” لا بأس أن نضحي بكبار السن ليعيش الصغار” و “لا تخافوا الكورونا فهي تقتل المسنين فقط” [!!!]
نقول لهم المسنين هم التيجان فوق الرؤوس ومُوجِبٌ للخير البركة في الحياة الدنيا، ومن سنن الله أن الصغير يكبر، والكبير يهرم، ولكن مع هذه التبدلات تبقى القيمة الإنسانية ثابتة لا تتغير، ولذلك أوصى الإسلام باحترام الإنسان -كقيمة- في كل أحواله وبالغ في التأكيد عليها في مرحلة الشيخوخة، وأوجب علينا الاهتمام بهم واكرامهم ورعايتهم ومراعاتهم كنوع من البر الذي يستحقونه ونؤجر عليه.
كان رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعامل مع كبارِ السنِ – إكراماً لهما لكبرِ سنهِمَا ، فمع أَبُي قُحَافَةَ قَالَ لِأَبُي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- معاتباً له أن جشَّم الشيخ (والده) الحضور مقدِّراً كِبَر سِنّه: “هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ” وخَرَجَ إلَى مَخْرَمَةَ مقدراً كِبَرَ سنه كذلك ومبادراً له بما جاءَ من أجلِه وقَالَ لَهُ: “خَبَأْنَا هَذَا لَكَ” يقصد قباء يلبس فوق الثياب قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: “رَضِيَ مَخْرَمَةُ“.
كتب أحدهم -جزاه الله خيرا- مجموعة من النصائح والحكم تحفز وتلفت الانتباه لبعض الأمور التي تخص كبار السن المسنين :
- كبار السن هم الأب، والأم، والجد، والجدة، وسواهم من ذوي القرابات ممن شابت شعورهم ووهنت عظامهم، وغادر بهم القطار محطة اللذة، وصاروا في صالة انتظار الرحيل ينتظرون الداعي ليلبوه .
- كبار السن فقدوا الكثير من حيوية الشباب وعافية الجسد ورونق الشكل ومجد المنصب وضجيج الحياة وصخبها !!
- كبار السن أحوج إلى العاطفة، والاسترضاء، والتدليل ، والرفق، والرحمة، والصبر، والسهر، والتضحية، ومراعاة أن الكلمة التي كانت لا تضايقهم حال قوتهم.. الآن تجرحُهم!!
- كبار السن فقدوا اغلب رفقائهم، فقلوبهم جريحة ونفوسهم مطوية، فلم يعودوا محور وبؤرة العائلة كما كانوا قبل، ويؤلمهم بُعدُك عنهم، وانصرافُك واشتغالُك بهاتفك في حضرتهم، فانتبه !!
- كبار السن يرقدون ولا ينامون، ويأكلون ولا يهضمون، وقد يوارون دمعتهم تحت بسمتهم.
- كبار السن يحتاجون من يسمع لحديثهم، ويأنس لكلامهم، ويبدو سعيدا بوجودهم، بمراعاتهم.. والحنُو عليهم.. والإحساس بهم.
- كبار السن حوائجهم أبعد من طعام وشراب وملبسٍ ودواء، يحتاجون إلى التبسم، وكلمةٍ جميلة تطرق آذانهم، ويداً حانية تمتد لأفواههم، وعاقلاً لا يضيق برؤاهم.
- كبار السن يراوحون بين ذكريات ماضٍ ولى ويزداد بعدا، وبين آمال قد لا يجيء، ولديهم فراغ يحتاج رحماء يملؤونه عليهم، فكن العِوضَ عما فقدوا، وكن الربيعَ في خريفهم، وكن العُكّازَ فيما تبقى من عمرهم.
- كبار السن قريبون من الله.. دعاؤهم أقرب للقبول.. فاغتنم فرصة قربك منهم .
- كبار السن سيذهبون، وعما قليل ستكون أنت هذا الكبيرَ المسنَّ؛ فانظر ما أنت صانع وما أنت زارع !!
اجعلوا كبار السن يعيشون ما تبقى من أيامهم بسعادة ما استطعتم ، ويختمون كتاب حياتهم بصفحات ماتعة من البر حتى إذا خلا منهم المكان لا تصبح من النادمين.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ): “ … ويَعْرِفْ حَقَ كَبِيرِنَا؛ فَليْسَ مِنَّا “ رواه البخاري
فسلامٌ على كبارِ السن ، وسلامٌ لكل من يرعونهم ويراعونهم ويرحموهم ويوقرهم ويعرفون حقهم ويكرموهم.