د . جمال شحات[*]
لعل من اهم الموضوعات التى نتطرق اليها كثيرا فى الاونة الاخيرة مدى حاجتنا للرقابة الداخلية والى وجود ادارة للمراجعة الداخلية ويرجع ذلك – للاسف الشديد – الى تجربة شخصية والى خبرة فبالرغم من انك لاتكاد تجد احدا يختلف معك على اهمية ودور المراجعة الداخلية والرقابة فى كل شركاتنا ومؤسساتنا ودوائرنا الحكومية الا ان الواقع الاليم ينضح بالكثير من الممارسات التى تناقض هذا القول وتنفيه بل وتكاد تجد خلاف هذا القول فى الكثير من الطرق والاساليب التى تتبعها الشركات والمؤسسات وخصوصا ما يعرف بالشركات العائلية ..!!!
ولو عدنا الى تعريف الرقابة بأنها جزء أساسي في الإطار النظري للرقابة الداخلية، ولقد تطور التعريف عدة مرات، تبعا للتطور الذي طرأ على تطور الرقابة الداخلية في الوحدات على اختلاف أنواعها.
وفي الحقيقة فإن تعريف الرقابة الداخلية المقبول حاليا قد عكس تصورات مختلفة للرقابة الداخلية وأدخل تعديلات جوهرية على التعريف السابق لها ، الصادر عن لجنة الرقابة الداخلية التابعة للهيئة الأمريكية للمحاسبين القانونيين عام 1948. فالرقابة ، وفقا لتعريف 1948 ، هي مسئولية الإدارة تتكون من الخطة التنظيمية والوسائل والأساليب والإجراءات التي تكفل تحقيق مجموعة من الأهداف. في نفس السياق وبمنظور مختلف ، جاء تعريف تقرير لجنة المنظمات عام 1992 ، حيث عرف الرقابة الداخلية بأنها عملية ، تتأثر بمجلس الإدارة ، وبالإدارة ، وبالأفراد الآخرين ، تصمم لتقديم تأكيد معقول عن إنجاز مجموعات الأهداف المحددة.”
الاختلاف الجوهري بين تعريف الرقابة الداخلية عام 1948 وتعريفها عام 1992 ، هو أن الرقابة الداخلية ، في التعريف الحديث ، تتأثر بمسئوليات جميع العاملين في الوحدة ، إلى جانب مجلس الإدارة.
أما تعريف لجنة دعم المنظمات فقد قدم الحد الأدنى من المفاهيم والتصورات بالنسبة للرقابة الداخلية في جميع الوحدات. إضافة على ذلك ، فإن الهيئات المعنية الأخرى قد عرفت الرقابة بما يلائم طبيعة وظروف الوحدات التي تشرف هذه الهيئات على تنظيم المحاسبة والمراجعة بالنسبة لها. في المجالات الحكومية ، فإن تعريف المنظمة الدولية لهيئات الرقابة والمراجعة العامة INTOSAI ، وتعريف مكتب المحاسب العام في الولايات المتحدة GAO ، قد عبرا عن مفاهيم الرقابة الداخلية بما يتفق مع طبيعة الرقابة في الوحدات الحكومية.
من التقارير الصادرة عن الهيئات المعنية بالوحدات الحكومية فإن الرقابة الداخلية تعرف بأنها:
“عملية تنظيمية متكاملة تتأثر بإدارة وأفراد الوحدة ، تصمم للتعامل مع مخاطر الوحدة ولتقديم تأكيد معقول بأنه ، في سياق رسالة الوحدة ، قد تم تحقيق الأهداف المحددة للرقابة الداخلية.”
من التعريف السابق للرقابة الداخلية يمكن استخلاص المفاهيم الأساسية للرقابة الداخلية على مستوى الوحدات الحكومية فيما يأتى:
الرقابة الداخلية تعتبر عملية process: وهذا يعنى أنها جزء من الهيكل الإدارى ويتزامن تشغيلها مع الإجراءات التنفيذية لنظام العمل فى الوحدات الحكومية ، وأنها تتكامل مع كل العمليات التنفيذية لتحقيق الأهداف بحيث أنه لا يمكن فصل أى منهما عن الآخر وأن العمل الحكومى لا يمكن أن ينفذ بدون آليات الرقابة ، وأن فرض الرقابة وسيلة لتحقيق الأهداف وليس غاية فى حد ذاته.
أنها تتأثر بالمستويات العليا من الإدارة سواء على مستوى الوحدة الحكومية أو على مستوى الوزارة أو الهيئة التى تتبعها الوحدة ، كما تتأثر بكافة الأفراد العاملين على كافة المستويات الإدارية فى الوحدة ، وهذا يعنى أن الرقابة الداخلية ليست مجرد سياسات وتعليمات وإجراءات ولكنها أيضا الأفراد في كل المستويات التنظيمية.
خلاصة القول إننا في شركاتنا ومؤسساتنا ووحداتنا الجكومية فى امس الحاجة الى الرقابة الداخلية والى ادارة المراجعة والتدقيق الداخلى ولكننى – وكما اسلفت – فى حاجة اشد الى مد دعم تلك الادارات ولا نتركها بعيدا فى الهواء دون سند او دعم لان ذلك ما يحدث – وللاسف – فى كثير من الاحيان بل ويحدث من قبل اصحاب الشركة ورؤسائها التنفيذيين والذي كان يجب ان يكونوا اول الداعمين لادارات التدقيق الداخلى لانهم المستفيدون الاول من وجود ادارات للتدقيق والرقابة …!!
هذا جرس الإنذار أدقه وبشدة لكل هؤلاء…!!! انتبهوا أيها السادة ….. وادعموا الرقابة الداخلية لشركاتكم ومؤسساتكم ..!! لان هذا يوضح إلى اى مدى حاجتنا للرقابة الداخلية …!! انتبهوا ايها السادة …. قبل فوات الاوان …!!!