عن أُبَيٍّ بن كعب رضي الله عنه قال : قال #رسول_الله ﷺ: «أَبَا الْمـُنْذِرِ، أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟». قلت: الله ورسوله أعلم، ثم قال: أَبَا الْمـُنْذِرِ، أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟». قلت: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ قال: فضرب في صدري، فقال: «لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمـُنْذِرِ» والقَصدُ الدُّعاءُ لَه بتَيسيرِ العِلمِ والرُّسوخِ فيهِ.
فما الذي جعل هذا الصحابي يقصد هذه الآية ويعلم أنها أعظم آية في القرآن؟
لقد تعلم أن العلم بالله أشرف العلم وأعظمه، وأن الآية هذه [ آيةَ الكُرسيِّ] هي في تعظيم الله ووصف لكماله وقيّوميته وإحاطة علمه وعلوّه وعظمته عزّ وجلّ، فهي إذاً أعظم آية في القرآن الكريم؛ لأنَّها جَمَعَت مِن أُصولِ الأسماءِ والصِّفاتِ الإلهيَّةِ ما ليْس مَجموعًا في آيةٍ أُخرى سِواها، واحتفى النبي ﷺ بمعرفة أُبَيٍّ وعلمه فضرب على صدره مهنّئاً له بهذه البصيرة القرآنية.
وهكذا كان الصحابة يقرؤون القرآن ويتعرفون على الله بمحبة وتعظيم، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بسورة الإخلاص ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ… ﴾، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ، فقال: «سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟». فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي ﷺ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ».
عندما يتعرف العبد على الله فإنه سيحبه لأوصاف الجلال والجمال والعظمة، وكمال قدرته وحكمته وعلمه، ورحمته التي وسعت كل شيء، وعظيم فضله علينا ﷻ، فهو الذي أوجدنا من العدم، وهو الذي كرمنا وفضلنا على كثير من خلقه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾.
اللَّهمَّ ارزقنا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وحب العمَل الَّذِي يُبَلِّغُنا حُبَّكَ. اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّنا مِن أنَفسنا، وأَهْلينا، ومِن الماءِ البارِدِ على الضمأ… آمين