| آدم ستاريانو |
صفقة التسعة عشر مليار دولار لبيع شركة WhatsApp لشركة فيسبوك بدأت في شركة ياهو! فقبل أكثر من خمس سنوات، عندما شعر جان كوم بخيبة أمل من تركيز شركات الإنترنت اهتمامها على الإعلانات التجارية. قرر جان كوم Jan Koum في عام 2007 مغادرة ياهو مع أحد مهندسي الشركة، وهو بريان أكتون Brian Acton، وفي عام 2009 أسس شركة تجنبت الإعلانات التجارية تماما.
يقول Koum في موضوع كتبه في مدونته في عام 2012 ” لقد ساعدتنا هذه الاستراتيجية على التركيز في خلق منتجات عبر الرسائل السهلة الاستخدام بدلا من تطوير طرق جديدة لجمع المعلومات عن العملاء لاستخدامها في حيلهم التسويقية”.
يقول Koum “لا أحد يستيقظ ولا يأوي إلى فراشه وهو متحمس لرؤية المزيد من الإعلانات”. وهناك عبارة مكتوبة بخط اليد على مكتبه تقول: ” لا للإعلانات لا للألعاب لا للحيل”.
لقد بلغ عدد مستخدمي WhatsApp 450 مليون مستخدم شهريا – أي ضعف مستخدمي تويتر- الذين يرسلون مليارات الرسائل يوميا.
بالأمس، قام الرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg بشراء WhatsApp بعد أن بلغت من العمر خمس سنوات في أكبر صفقة إنترنت منذ دمج تايم وارنر Time Warner التي بلغت 124 مليار دولار مع AOL في عام 2001، وهي صفقة ستحمل كوم ورفيقه أكتون إلى نادي المليارديرات بكل تأكيد.
فبالنسبة لكوم ، 38 عاماً ، فإن هذه الثروة المفاجئة تقف في تناقض صارخ مع سنوات عمره ايام كان في سن المراهقة، حيث كانت عائلته تعتمد على كوبونات الطعام بعد أن هجرتها من أوكرانيا. يقول جيم جويتز Jim Goetz، الشريك في شركة سيكويا كابيتال المحدودة Sequoia Capital Ltd، المستثمر الحصري لرأس المال الاستثماري في WhatsApp: “إن تجربة العيش في بلد كانت خطوط الهاتف فيه تحت المراقبة في كثير من الأحيان، غرست فيه أهمية الخصوصية في حياته”.
“أسلوب مخالف كليا”
لا يقوم WhatsApp بجمع المعلومات مثل الاسم أو الجنس أو العنوان أو العمر. بل تتم الموافقة على قبول المستخدمين بعد المصادقة على أرقام هواتفهم.
قال Goetz بالأمس في موضوع كتبه في مدونة بموقع شركة سيكويا Sequoia على الإنترنت “إنه أسلوب مختلف تماما تمخضت عنه تجربة Jan الذي نشأ في بلد شيوعي بشرطته السرية. وطفولته جعلت منه معجباً إلى حد كبير بأنظمة الاتصالات التي لا تخضع للتنصت أو التسجيل”.
سينضم Koum إلى مجلس إدارة فيسبوك بمجرد اتمام الصفقة، غير أن فيسبوك رفض إجراء أي مقابلة معه أو مع شريكه أكتون Acton.
والشريكان ليسا من صغار السن، حيث يمكنهما تذكر إطلاق أول موقع على الإنترنت. حيث أن أكتون Acton،42عاماً، نشأ في ميتشيجان وكان الموظف رقم 44 في شركة ياهو، التي تعمل في مجال الإعلانات التجارية، والتسوق، وخدمات السفر. وقام باستثمار أمواله خلال فترة الازدهار، وخسر الملايين من الدولارات عندما انهار السوق، وفقا لما جاء في مجلة فوربس.
رفض فيسبوك توظيفه
تقول مجلة فوربس “في وقت لاحق قام بتوظيف Koum في ياهو وكان يقوم بدور مرشده وموجهه، ثم صار يدعوه إلى منزله واصطحابه للتزلج”. وبعد خروجه من ياهو، قال أكتون في حسابه في تويتر أنه في عام 2009 رفض طلبه عندما تقدم إلى وظيفة في فيسبوك.
ثم قام الصديقان بإنشاء WhatsApp في وقت لاحق من ذلك العام انطلاقا من فكرة أن مستخدمي الهاتف الذكي يجب أن يتمكنوا من التواصل بسهولة فيما بينهم عبر الرسائل دون أن يتحملوا أية رسوم من شركات الهاتف. حيث تبدأ هذه الخدمة مجانية لمدة عام، ثم من بعد ذلك يتم تقديمها مقابل 99 سنتا سنويا.
وقد تجنبا التسويق، ولم يقوما بتوظيف أي شخص للعلاقات العامة، بل اعتمدا الملاحظات التي ترد إليهم مباشرة من مستخدمي ابتكارهم WhatsApp. حققت الخدمة شعبية واسعة لاستخدامها في تواصل الأصدقاء ووأفراد العائلة في مختلف البلدان، وخاصة في أوروبا، لأنها تقوم بالالتفاف على الرسوم التي تفرض على الهاتف النقال.
وقال Goetz في مدونته : “فبينما سعى البعض الآخر لجذب الانتباه، إلاّ أن برايان وجان كانا حريصين على تجنبت الأضواء، حيث رفضا حتى وضع لافتة خارج مكاتب WhatsApp في Mountain View. وعندما كان منافسيهم يروجون للألعاب ويتسابقون الى بناء المنصات، كرس جان وبرايان كل جهودهما من أجل تقديم خدمة اتصال نظيفة، وبسرعة البرق، وتعمل دون أن تشوبها شائبة”.
سجاد متسخ
والإضافة إلى تجنب الإعلان والترويج عن الذات، فقد كانا غالبا ما يتجنبان المستثمرين في وادي السيليكون، وقد كانا مصممان على أنهما ليسا في حاجة إلى أي تمويل. وفي عام 2010، على حد قول يوآف أندرو Leitersdorf، الشريك الإداري في مكاتب YL فنشرز المحدودة GP، فقد كانت مكاتب WhatsApp في Mountain View، بولاية كاليفورنيا فارغة تقريبا، ولم يكن بها سوي أقل من 10 طاولات على سجاد متسخ، فجعلا المكان يبدو أكبر مما هو عليه في واقع الأمر، على حد قول Leitersdorf، الذي كان يعمل في الاستثمار، وحينما التقى كوم و أكتون وتناقش معهما لمدة ساعة ونصف حول النمو الذي يحققه التطبيق، قال انه لم يحصل على فرصة للاستثمار.
يقول Leitersdorf: “لقد كنت واحدا من عدد قليل جدا من المستثمرين المحظوظين جدا الذين تمت دعوتهم إلى ذلك المكتب، وما رأيته في جان وبريان، وهو ما أتذكره جيدا حتى يومنا هذا، هو أنهما الشخصيتين الأكثر تواضعا وذكاءً، وأكثر تصميماً، وأكثر حباً لعملهم الوليد هذا. ثنائي متفاهم جداً ما رأيت مثله قط”.
مستقل وقائم بذاته
شركة سيكويا كابيتال الاستثمارية، استثمرت 8 ملايين دولار في WhatsApp عام 2011، للحصول على حصة تتجاوز 15%، وتبلغ الآن قيمتها نحو 3.5 مليار دولار وفقا للأشخاص الذين لديهم معرفة بتلك الصفقة.
غير أن نفور كوم عن مجال الإعلانات التجارية يتناقض مع جهود فيسبوك لجمع المزيد من المال من خلال الأشخاص الذين يستخدمون خدماته على الأجهزة النقالة. وقال كوم في بيان له على موقع الشركة على الانترنت أن WhatsApp سيظل قائماً بذاته ويعمل بشكل مستقل. وأضاف “ما كان لهذه الشراكة أن تتم بين الشركتين لو كان علينا أن نتنازل عن أي من المبادئ الأساسية التي ستميز شركتنا ورؤيتنا والخدمة التي نقدمها”.