إدارة الوقت آخر شيء يفكر به العرب

  • — الخميس أبريل 17, 2014

العامل المشترك بين الناس جميعاً غنيهم وفقيرهم، قويهم وضعيفهم، مديرهم وخفيرهم وناجحهم وفاشلهم شيء واحد فقط هو أن كلهم لديهم يوم بأربع وعشرون ساعة فقط؛ كل الأمور بهذه الدنيا تتغير إلا شيء واحد ثابت لا يتغير هو أن اليوم للجميع أربع وعشرون ساعة. الفرق الوحيد بين كل هؤلاء يعتمد فقط على كيف يستعمل كل واحد منهم وقته، أي كيف يدير وقته ويستغله من هذه الأربع والعشرون ساعة.

جاءت الادارة العلمية قبل قرنين وركَّزت على الكفاءة في انتاج أي سلعة أو أي خدمة أو أي عمل بأقل وقت ممكن و أقل تكلفة ممكنة وأقل جهد ممكن. هذه هي الكفاءة هذه هي الادارة وبدون هذه الكفاءة بأقل وقت ممكن لا يوجد شيء اسمه ادارة. لاحظوا كل ما يدور حولنا في العالم العربي لتجدوا أن آخر شيء نفكِّر به هو الكفاءة، أي ان آخر شيء نفكر به هو الادارة.

يعيش الانسان منا في هذه الحياة من أجل شيئان فقط هما الحب والعمل، بمعنى حب كل شيء المال والبنون ولكنه مع كل ذلك يصبح غريقاً في حب العمل. اساس حياته شيئان هما الحب والعمل ما يلبث أن يجمعهما في حبه للعمل.

حب العمل هذا يوصله إلى فقدان التوازن بين العمل والعائلة أو العمل وحياته العائلية الاجتماعية ويدخل في مرحلة عدم التوازن أي فقدان القدرة على ادارة الوقت.

فهذا البروفسور “كوشل” يعمل بحثاً استمر أربع سنوات على عينة من آلاف المديرين ممن يتمتعون برواتب عالية جداً ووظائف بمسمى مدير عام ويجد في نهاية بحثه أن المدراء الفاعلين الناجحين المتميزين ممن حققوا توازناً بين العمل. وعائلاتهم لم يكن إلا اربعة في المائة فقط. الغالبية العظمى وهم 96% يعملون الساعات طويلة وحياتهم العائلية متعثرة و نسبة عالية منهم وصلوا إلى الطلاق. الأربعة في المائة فقط تيقنوا أن العمل لا يحقق المعادلة المطلوبة في الحب والعمل.

لا شك أن التنافس ومتطلبات الزبائن في جودة السلعة والخدمة أدت إلى متطلبات من المديرين للعمل الأكثر وقتاً أكثر مما يؤديه العاملين والأتباع وتتمنى كمدير أن يحذوا الاتباع حذوك. هذه الفلسفة تؤدي في النهاية إلى الإرهاق من جهة، كما تؤدي إلى أن يتوقف العمل كله في حال توقف المدير.

أن الادارة في جوهرها دائماً وأبداً تسعى إلى التحكم والسيطرة ومن هذا المنطلق فإن ادارة الوقت ليس إلا سيطرة على الوقت والتحكم به بدلاً من أن يتحكم بك.

هذه السيطرة هي نوع من القدرة أو الحرفة التي يجب أن يسعى الإنسان إلى اكتسابها بأي طريقة ممكنة حتى لو اضطر إلى السرقة، بمعنى أن يصبح الإنسان لصاً بأن يسرق الوقت من أعمال أقل الحاحاً لاستخدام الوقت بأعمال أكثر الحاحاً.

ادارة الوقت متطلب رئيسي وإلحاحي يمكن تحقيقه ولا يحتاج إلى فلسفات ونظريات وإجراءات، بل يحتاج إلى بناء قدرة شخصية يبنيها الشخص نفسه. هذا يعني بكل وضوح وشفافية أن ادارة الوقت هي ادارة النفس وهي ادارة ذاتية لكل شخص وسيلته الخاصة للتحكم في وقته. الأمر بكل بصراحة يعود لك كيف تدير وقتك.

أعرف مدراء لا يطلبون اتباعهم ومساعديهم لأن يأتوا لهم وفي هذه الحالة يتحكَّم المساعد بوقت مديره، بمعنى أنه أدباً لا يستطيع أن يطلب منه المغادرة. البعض مارس قدرة غريبة بأن يذهب المدير إلى المساعد ويبحث معه ما يريد ويغادر متى ما يشاء أي أنه أدار وقته. هذا يعني أن ادارة الوقت تعني بكل شفافية أن يتحكم الانسان بوقته ليس إلا.

ادارة الوقت قدرة فردية يمارسها أناس عاديين تنتقل من شخص لآخر، بمعنى أن ادارة وقتك يجب أن يبتدء به الانسان على أنه لن ولم يقوم بإجراء تغيرات جذرية بحياته وتتطلب خطط وتنظيمات مؤثرة. إن ادارة الوقت بكل اختصار تحسين قدرة وصولاً إلى حياة فيها حب وفيها عمل وفيها توازن بين العمل والحب وليست حب العمل فقط بما يحقق التوازن بين العمل والعائلة كما يقول البروفيسور “كوشل”.

المصدر: كتاب “وظيفة المدير العام”- الطبعة الثانية 2012م | تأليف: د. ابراهيم المنيف