لا شك أن العوامل الجغرافية المرتبطة بحدوث الكوارث بكل أشكالها المتعددة والتي تحتاج إلى صفحات لسنا بحاجة لذكرها هنا أكثر من منعدمة في العالم العربي كله. هذه القلة أو الانعدام لا يعني إطلاقاً ما نحن عليه من استرخاء ومن تكاسل حتى أنه لا يوجد بحث علمي لتوقعات الكوارث الطبيعية ولا يوجد أي عمليات تنبوء في حدوث ازمات معينة أو متوقعة وكيفية ادارتها.
انقطاع الكهرباء في مدن كبيرة حدث في نيويورك مثلاً في الثمانينات وحدثت خسائر كبيرة ووفيات لأنه لم يكن لدى مسئولي هذه المدنية الكبيرة أي سيناريوهات لإدارة الازمة في حالة انقطاع الكهرباء عن المدينة بكاملها.
حدثت عمليات انقطاع الكهرباء عن مدن في الشمال الافريقي قبل عشرون عاماً وحدثت وفيات مرتبطة بالصحة العامة بعدم وصول وضخ المياه للخزانات مما ادى إلى وفيات وأمراض صحية كثيرة.
تتعامل الدول المتقدمة كأمريكا واليابان حسب المعلومات التي تصل في حالات حدوث الكوارث الطبيعية وحسب خطة جماعية كانت مثاراً لنجاح هذه المدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة في ادارة حالات الطوارئ ميدانياً وبشكل سريع مقلل للمخاطر وبأقل الخسائر الممكنة.
قصة اليابان الحديثة في الكوارث للأعوام الثلاث الماضية وحدوث انشقاقات في المفاعل النووي أكثر من مدهشة لأعجابنا نحن العرب بما قدمه الشعب الياباني من جماعية وإجماع بكل تؤدة وإتقان لإدارة الازمات.
في العالم العربي كله حتى الآن لم أرى كتاباً يتم تدريسه لطلبة كلية الهندسة كونهم أكثر المتخصصين اقتراباً من العمل في هذه الأزمات أو الكوارث على وجه التحديد ولربما طلبة كلية الطب لاقترابهم من غرف الطوارئ في المستشفيات لمتابعة الحالات الانسانية الخطرة.
إن إعداد استراتيجية للتعامل مع الحوادث والكوارث والأزمات وتصريف المجاري للمياه واندفاع السيول ورفع المياه وتصريفها يعمل بناء على خطة منظمة وقبول متطوعين وكيفية عملهم يجب ان تتم باستحداث ادارة متخصصة ضمن قوات خاصة في الدفاع المدني تعمل على استحداث هذه الاستراتيجية في البداية وصولاً إلى نشر ثقافة ادارة الازمات في العالم العربي كله.
ادارة الازمات حقل علمي وعملي متعارف عليه عالمياً ولا يمكن اغفاله لسبب مرتبط بحالة جغرافية لعدم وجود الفيضانات والزلازل والزوابع التي تحدث في امريكا واليابان وشرق آسيا كثيراً.
الحاجة الماسة لبدء علماء التخصص بالدراسات الجغرافية والهندسية لأن يدلو بدلوهم في اثراء حقل الادارة بما يمكن أن نطلق عليه ادارة الازمات وكيفية اعداد استراتيجية وخطة وتنفيذ التعامل مع حالات مرتبطة بالأزمات.
أجد شخصياً جهلاً وتعاملاً غير انساني وتجمهر في حالات اصطدام السيارات وكيف يجتمع كل الناس ويعطلون المرور كما يضيقون على المصابين دون تحرك مدروس استراتيجياً أو تخطيطاً لحالات صغيرة ورخيصة كهذه والتي تعتبر ازمة عابرة بالإمكان التعامل معها حضارياً بطرق علمية مدروسة بكل جودة ممكنة وبأقل تكلفة دون ازدحام مروري تضيِّق على عباد الله نتيجة الجهل وعدم وجود ثقافة منشورة عن كيف يتصرف المواطن عند حدوث الازمات.
أحكام السيطرة والتحكم في حالات ادارة الطوارئ والأزمات يجب أن يكون لها متخصصين يراقبون ويدرسون الحالات التي تحدث عالمياً ويدنون تلك الأحداث ويعملون على ارتفاع منحنى التعلم الوطني لإدارة الازمات والكوارث؛ يعملون على نقل التجارب العالمية في ادارة الازمات حسب المنهج العالمي الجديد بالمقارنة المرجعية لجاهزيتهم والجماعية في احكام السيطرة على الأمور عند حدوث الأزمات والطوارئ.
[المصدر | مجلة المدير – العدد : 159]