كشفت دراسة لمعهد الإدارة العامة أن 48 % من العاملين بإدارة المشروعات الحكومية يقرون بأن هنالك مشكلات وضعفاً في تنفيذ المشروعات، و64 % يقرّون أن مرحلة التنفيذ والإنشاء هي الأكثر عرضة للتعثر.
كما أفادت وزارة البلديات والشؤون القروية أن 97 % من إجمالي البلديات بيّنت أن عدد المشرفين غير كافٍ، و50 % من البلديات تأثرت بقدرة المقاول، و77 % تشير إلى أن هناك تأثيراً في جودة التنفيذ، وأن 40 % من المقاولين غير ملتزمين، وأن 69 % من البلديات تفضل إسناد المشروعات إلى جهة إشرافية.
و تبين الإحصاءات الرسمية وجود أكثر من30 % من المشاريع الحكومية المتعثرة بقيمة إجمالية تزيد على 100 مليار ريال سنويا، كما يشير آخر التقارير الرسمية إلى أن حجم المشاريع التي تمّ تنفيذها بالوقت المحدّد يبلغ 25 %، و50 % من المشاريع الحكومية متأخّرة عن موعدها.
تحتاج المشاريع المتأخرة والمتعثرة في المملكة إلى المبادرة إلى إنشاء هيئة أو مجلس مختص (طاولة مستديرة) تتكون من ممثلين من الحكومة والاستشاريين والمقاولين والممولين والخبراء السعوديين والدوليين، بالإضافة إلى ممثلين عن المستفيدين من هذة المشروعات (المواطنيين)؛ بهدف وضع “منهجية لأحسن الممارسات الإنشائية للمشاريع السعودية”، وتقويم وتحسين أداء المشاريع على مستوى الدولة، وضمان تنفيذها في أقل من توقيتاتها وميزانياتها وبأعلى جودة تنفيذ ممكنة.
وفيما يلي بعض المقترحات التي يمكن لها أن تقدم حزمة الحل الجذرى لظاهرة التعثر والتأخر في المشاريع في المملكة، وتطوير صناعة المشاريع كي تصل إلى معايير التميز العالمى:
- المباردة بإعداد الدراسات تشخص الوضع الراهن بكل دقة وتحصر أهم الأسباب الجذرية للتعثر من جانب جميع الأطراف (الحكومة والاستشاريين والمقاولين)، والاعتراف بها وتوثيقها وتحديد وإصدار الإجراءات القانونية اللازمة للحل الجذري لتلك الأسباب فى فترة زمنية محددة.
- صياغة توجه استراتيجي موحد للحكومة لحل مشكلة تعثر المشاريع وتطوير منهجية لأحسن الممارسات الإنشائية، تلتزم بها جميع مؤسسات الدولة الحكومية والقطاع الخاص، وتضمن تكامل أدوار جميع الجهات الحكومية وذات العلاقة، وتمنع تعارض سياساتها المؤثرة على صناعة البناء.
- ميكنة نظام حوسبة يقدم بيئة تعاون مباشرة بين كل من مديري المشروعات من أي جهة حكومية والمكاتب الاستشارىة والمقاولين (رئيس – باطن) ومن الموردين؛ بحيث تضمن مراجعة جميع العمليات والمؤشرات الإنتاجية للمشروع أولاً بأول، وتلزم الجميع بحل مشاكل المشروع فور حدوثها.
- الالتزام الجماعي والمشترك بنجاح مشروعات الدولة، وهذا الالتزام المشترك يبدأ من مشرفي المشاريع من الجهة الحكومية، كما يشمل الاستشاري والمقاول والمورد، والالتزام يشمل تنفيذ المشروع في التوقيت والميزانية بالجودة ومعايير السلامة والاستدامة، ويشمل تحقيق أهداف المشروع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
- إلزام جميع الجهات المشتركة في أي مشروع بإدارة نظام معرفة مؤسسية يقوم بتحليل وتسجيل وتوزيع الخبرات التراكمية المؤسسية داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية والاستشاريين والمقاولين والموردين.
- إنشاء وإدارة برنامج تقويمي لأداء الإدارات الحكومية وأداء مديرى الإدارات ومديري المشروعات، وتدريبهم لرفع كفاءة الأداء المؤسسي والتقاني ، ورفع القدرة التنفيذية على إدارة المشروعات بالتكلفة والوقت والجودة.
- إدارة برنامج مساندة ودعم فني لإعادة تشغيل المشروعات المتعثرة؛ بالتزامن مع إنشاء وإدارة قاعدة بيانات وإدارة المعرفة لتلك المشاريع المتعثرة حاليا.
- إنشاء وإدارة وحدة لتصنيف المخاطر فى التعامل مع الاستشاريين والمقاولين بناءً على الخبرة المكتسبة فى التعثر.
- إدارة برنامج لتقويم ومنح شهادات تميز للمديرين الذين يحققون معايير تميز فى تنفيذ مشروعاتهم.
ولعل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ينظر في هذا الأمر؛ الذي يتطلب مناقشته بوضوح وموضوعية على أعلى المستويات الإدارية في جميع الجهات المعنية وذات العلاقة، فقد أصبح تعثر وتأخر المشاريع ظاهرة، وتحوّل لإشكالية تنموية تعصف بخططنا الاستراتيجية، ولا ترتقي إلى مستوى التطلعات والآمال.
والله الموفق.
(الموضوع نشر في صحيفة سبق : http://wap.sabq.org/mZ5gde )