كتاب “نهج قابيل وهابيل في العمل” يصف نمطين من البشر في المنظمات و المكاتب؛ العناصر الملتوية، وتمثلها شخصية “قابيل”، والعناصر المستقيمة، وتمثلها شخصية “هابيل”، والنماذج التي يذكرها المؤلفان “جيري لانغ” و”تود دومكه” من خلال باعهما الطويل في العمل السياسي والإعلامي، ترسخ حقيقة أن الطبيعة_البشرية واحدة، وأننا بحاجة إلى تفهم الطريقة التي يفكر بها “الآخر”، لا سيما وأن العمل بات يشبه -إلى حدما- حلبة صراع تتشابك فيه المصالح الشخصية والنزعات الأنانية والشللية.
يستخدم الكاتبان قصة “قابيل وهابيل” من باب الاستعارة، إذ من المعروف أن “هابيل” كريم الخلق كان ضحية غدر “قابيل” الذي قتله غِيْلةً، لقد اكتشف الكاتبان أن مثل هذا الظلم يقع في العمل أيضاً، وإن تغير الزمان والمكان؛ ويقدم الكاتبان للقراء إرشادات مفيدة مبنية على تجاربهم الشخصية الطويلة التي احتكا خلالها بأمثال قابيل، واستخدما نماذج حية لشرح الأساليب الملتوية التي يلجأ إليها أولئك الذين يحذون حذو قابيل في تعاملهم مع زملائهم؛ وكيف تتعرف على هوية هؤلاء قبل أن تقع في شراكهم، والأساليب والوسائل التي يتبعونها لتسلق سُلّم السلطة، التصدي لهم ومقارعتهم دون أن تنحدر إلى مستواهم.
ويمكن إيجاز الكتاب في النقاط الثلاث الآتية:
1/الفروق بين هابيل وقابيل، 2/نصائح لإحباط مخططات قابيل، 3/أسئلة تحدد من خلالها وضعك قبل أن تتهم الآخر بأنه قابيل.
أولاً: الفروق بين قابيل وهابيل:
قابيل وهابيل هو من باب الاستعارة، وإلا فقابيل ليس شيطاناً محضاً، وهابيل ليس ملاكاً محضاً، ومن النادر أن تجد شخصاً يمكن وصفه بأنه قابيل، أو هابيل مئة بالمئة.
هابيل | قابيل | ||
معرفة الآخرين مصدر قوة | يخسر الآخرون فلا يستفيد منهم | ||
سوء الظن للحذر | سوء الظن للاستمرار في الخطأ وتفادي فضح أخطائه. | ||
يفكر بمؤهلك للوصول | يفكر بمن دعمك لتصل | ||
صاحب مبدأ | التردد في الآراء لموالاة كل الأطراف. | ||
يتعلم من الأخطاء ألا يقع فيها. | يتعلم منها أن يقع في غيرها. | ||
السلطة وسيلة | السلطة هدف | ||
مقياس النجاح هو الكفاءة | مقياس النجاح هو الوصول والكم | ||
قادر على المجازفة | يفضل الوظائف التقليدية والمألوفة | ||
يتفادى حصول المشكلة | يحلها بعد وقوعها ليظهر نفسه كبطل. | ||
يفكر في حل المشكلة ثم يحلها. | يلوم الآخرون، لا يطرح أفكاراً، ينتظر النتائج، يصنع لنفسه بطولة وهمية. | ||
يأخذ حاجته من المعلومات ثم يبذلها. | يجمع كل المعلومات حتى الإشاعات: يحتكرها، يستغلها (سرقة أفكار، تسريب معلومات)، يصوغها، يحجبها، يحتكر مرورها من خلاله. | ||
يبادر | ينتظر النتيجة ليقف مع الرابح | ||
يتجاوز عن أخطاء المتميزين | يجعلهم كبش فداء ليتسلق فوقهم | ||
الطمع في المزيد = زيادة التفكير والعمل. | يستغل طمع الناس ليشبع طمعه، فيلعب بالألفاظ ليسرق جهد الآخرين. | ||
يقول الحقيقة بصراحة | يكذب باستمرار ودهاء | ||
السخرية لترسيخ الحقيقة + الكلمات الرنانة. | السخرية + الكلمات الرنانة + التملق للتمويه. | ||
في الاجتماعات يفكر بالأقوال والآراء | يفكر فيما قاله هابيل | ||
يتعامل في خطاباته كتابياً | يتعامل شفهياً حتى يكشف أمر أو يمسك عليه أحد مستمسكاً. | ||
علاقات فكرية راسخة ووطيدة | علاقات مبنية على المظاهر الخداعة | ||
شهرة أفكاره | شهرة نفسه | ||
يسدي خدمات من باب المروءة | يسدي خدمات ليستعبد من حوله | ||
قناعته بالصواب والمبادئ تدفعه للتعنت ومنع الحوار. | الرغبة في عدم اتخاذ قرار تدفعه لفتح الحوارات ليتحمل غيره المسؤولية. | ||
فطريته تمنعه من تفهم الواقع | خبثه يساعده على الحذر | ||
التعلق بالمثالية المطلقة | مرض النرجسية: الإعجاب المفرط بالذات. | ||
التنافس | التناحر | ||
مع اتخاذ قرارات خارجة عن المألوف. | ضد المبادرات الفردية الخارجة عن الوضع الراهن. | ||
الاستطلاعات للوصول إلى نتائج ودراستها | الاستطلاعات لتحقيق نتائج من ورائها أو تعليق الفشل عليها. | ||
اللغة عند هابيل وقابيل | |||
هابيل | قابيل | ||
لإيصال فكرته | لتحقيق غايته | ||
للإقناع | للخداع والمراوغة | ||
لعرض الحقائق | للتملّق | ||
بصورة منطقية | بصورة مجازية | ||
لاستثارة الأحاسيس النبيلة | لاستثارة النزعات | ||
يستخدم كلمات واضحة لا لبس فيها. | يستخدم كلمات مطاطة ومبهمة يمكن أن تعني عدة أشياء. | ||
يستخدم كلمات تعبر بجلاء عن التزامه بما يقول. | يستخدم كلمات توحي للسامع بأنه يعني ما يقول. | ||
يستخدم الكلمات التي تعبر عن قناعته الحقيقية، والتعابير البناءة لشرح وجهة نظره. | يستخدم الكلمات التي تتفق مع الرأي العام، وهي سلاح بيده يستخدمه للفوز. | ||
الكفاءة عند هابيل وقابيل | |||
هابيل | قابيل | ||
ذكاء | دهاء | ||
مقدرة | مكر | ||
معرفته بطبيعة عمله | معرفة السبل التي تؤدي إلى الترقية. | ||
مهارته في عمله | مهارته في استغلال نجاح زملائه | ||
العمل بجد ونشاط لصالح الشركة | العمل بجد لمصلحته الشخصية حصراً | ||
ثانياً: نصائح لإحباط مخططات قابيل في العمل:
- اعرف نفسك ودوافعك الحقيقية: كي لا تكون قابيل دون أن تشعر .
- لا تجعل الغضب يعمي بصيرتك: فلا تطلق الاتهامات، ولا الكلمات النابية فتقع في الخطأ.
- لا تجعل قابيل هاجسك الدائم: فتحطم نفسيتك.
- تعقل فلا تكون أنت المشكلة بدلاً من قابيل: فتصبح مزعجاً للآخرين، فينسوا مشكلة قابيل .
- تجنب الانحدار إلى مستواه: فترسخ عملياً نظريته في الدناءة.
- إياك أن تستخف بمقدرته: لأنه لا يتورع عن شيء.
- تجنب تضييق الخناق عليه: حتى لا يهاجمك بدناءة.
- حدد هدفك بعناية: تأديبه، نقله، فصله، التخلص منه .
- لا تتوقع أن يكون غريمك عاقلاً.
- احذر من التعاون أو التحالف معه: حرصاً على سمعتك أولاً، ولأنه سيبيعك متى سنحت له الفرصة ثانياً.
- لا تخضع للإغراء: لأنه بذلك يريد أن يعرف قيمتك أولاً، ثم إذا طلب منك طلباً لم تتمكن من رد طلبه ثانياً.
- تجنب الوقوع في شراك المتملقين حوله: فلا يسيطروا عليك.
- حب السيطرة من شيمه: فلا توسع صلاحياته.
- لا يغرنك التظاهر بعدم التكرار: في المرة القادمة يكون أشد.
- تجنب أي عمل يستخدم ضدك.
- حذار من تدخله في شؤونك الخاصة: لأنه سيستخدم المعلومات ضدك.
- تجنب الاستدراج إلى حوار يكشف نقاط ضعفك.
- ما تكتبه أخطر مما تتفوه به.
- احذر من التعابير المبهمة التي يستخدمها.
- حذار من تصديق كذبة: لأن الكذبة الكبرى لا يتوقع أحد أن تكون كذباً.
- احذر التغير المفاجئ: لأنه ممثل بارع.
- دع التحليل النفسي للأخصائيين: فلا تفضفض لزميلك قابيل.
- اختر بحذر من تخالط في المناسبات: لأن الإنسان يبوح فيها أكثر.
- تجنب الانقياد وراء مظاهر النجاح (الفخامة، والثراء…): لأنها عرش قابيل الذي يخدع به الناس.
- تجنب لعبة توزيع اللوم التي يقوم بها لإظهار نفسه على صواب وغيره مخطئ.
- فهم دور السياسة (التسيس التنظيمي) داخل المؤسسة: والتعاطي المرن والحذر معها.
- الحاجة إلى حلفاء داخل المؤسسة: ستحتاج إليهم عندما يغدر بك قابيل.
ثالثاً: أسئلة تحدد من خلالها حقيقتك قبل أن تتهم الآخر بأنه قابيل:
- هل تبذل جهداً مساوياً للجهد الذي يبذله الطرف الآخر (الذي تفترض أنه قابيل) لتحقيق طموحه؟
- هل تعد نفسك لبقاً ودبلوماسياً في تعاملك مع الناس؟
- هل تشعر بالحسد والغيرة والاستياء عندما يحالف النجاح منافسيك؟
- هل تهتم كثيراً بما يجري حولك من دسائس ومناورات؟
- هل تكرس وقتاً إضافياً خارج نطاق عملك لاكتساب مهارات جديدة؟
- هل تتعامل بصبر وأناة مع أولئك الذين لا يرقون إلى مستواك من حيث السلوك والأداء؟
- هل تحاول توفير الدعم الداخلي لآرائك ومشاريعك؟
- هل تسعى إلى الكشف عن الدوافع التي تسيّر هذا الفرد أو ذاك؟
- هل تتخذ ما يلزم من احتياطات في حال حصول أخطاء لم تكن متوقعة، كي يتسنى لك الدفاع عن موقفك ومواجهة الانتقادات فيما بعد؟
- هل تجد المتعة في ممارسة عملك؟
إذا كان معظم إجاباتك على الأسئلة السابقة “لا”، فعلى الأرجح أن فشلك يعود بالدرجة الأولى إلى تقصيرك وقلة تدبيرك، وليس إلى دسائس قابيل.
ولكي تحسن وضعك وتتصدى لـشخصية “قابيل” إليك بعض الإرشادات كمايلي:
- كرّس المزيد من الجهد لتحقيق ما تصبو إليه.
- كن أكثر لباقة في تعاملك مع الآخرين.
- لا تترك الغيرة والحسد يؤثران في نظرتك للأمور.
- خذ بالحسبان “الجانب السياسي” في الأوضاع الصعبة.
- كرّس المزيد من وقتك لتعلم مهارات جديدة.
- تحلى بالصبر وطول الأناة في تعاملك مع الآخرين.
- لا تهمل تأمين الدعم لآرائك ومشاريعك من قبل الأطراف المعنية.
- حاول معرفة الدوافع الحقيقية التي تسيّر الآخرين المنظمة.
- خذ ما يلزم من احتياطات عند حصول أخطاء لم تكن في الحسبان، كي يتسنى لك مواجهة الانتقادات الممكنة.
- تعلّم كيف تمارس عملك في مثل هذه الأجواء.
الكتاب -عموماً- يستحق القراءة، ويبرز أن كلا الشخصيتين تحاول أن تشبع رغبة بداخلها؛ فهابيل يحاول إشباع رغبة الوصول إلى الاستقامة والايثار والولاء، وقابيل يحاول أن يرضي أنانية ونزواته وشهواته الشخصية؛ والعلاج لمشكلات هابيل تكمن في زيادة وعيه بشخصية قابيل في العمل(وخارجة)، فذلك يمنحه المزيد من الفهم الحذر من أساليبه. أما علاج قابيل -الذي أصر المؤلفان على عدم وجود علاج للحالات المزمنة- فيكمن حصاره أخلاقياً ليصبح منبوذاً، وذلك بنشر الفضائل ومنظومة السلوك والأخلاق في العمل.
[من مصادر متعددة بتصرف]
اجمل موضوع