لو أن المنظمة حسبت بشكل جيد قيمة فقد الموظف الكفء، بشكل حسابات جدوى حقيقية اقتصادية وإدارية، عندها ستراجع قراراتها لعدة مرات قبل أن تقبل ذهاب أحدهم .
ليس صعباً على أية منظمة الاهتمام بعامليها وتلبية رغباتهم بما يعزز قدرتهم الوظيفية ، وهذه الرغبات لا تتعدى المعقول مما تتطلبه سبل الاحترام والتقدير في العمل إضافة إلى متطلبات الحياة المعيشية والميل نحو تحقيق معيشة الرفاه أو حتى مستوى الكفاف المعقول لعائلة الموظف ، إضافة إلى إفساح المجال للعاملين لتطوير قابلياتهم ومكاسبهم الثقافية من خلال الدعم التدريبي والتعليم المستمر ، فما دامت المنظمة تحقق أرباحاً عالية، ومادام العاملون يقدمون كل قدراتهم العقلية والبدنية بما يخدم نجاح وتحقيق أهداف منظمتهم فلم لا يحصلون على التحفيز المناسب وبما يقوي من عود ولائهم لمنظمتهم ، ويؤكد ديمومة واستمرارية نجاح المنظمة في عملها وإنتاجها ؟
إن المطلع على كبرى المؤسسات العالمية سيجد أن ما تقدمه لموظفيها ضرباً من التدليل، ولكنه عندما يطلع على حجم الإنتاج والانتشار والأرباح سيجد أن ما تقدمه لهم متواضعا مقابل ذلك, ومن أهم المجالات التي يمكن للمنظمة استثمارها في طاقاتها البشرية لتعزيز حالة الولاء هي :
- تعزيز التعويضات غير المباشرة : ويقصد بها كل ما تقدمه المنظمة للعاملين معها عدا الراتب ، وهي عبارة عن عدد من الخدمات والضمانات التي تساعد الموظف في حياته الوظيفية والمعيشية وتحقق له نوع من الراحة والاطمئنان على مستقبل عمله مع هذه المنظمة ، حيث سيشعر الموظف أن منظمته تسعى إلى إرضاءه لأنه جزء مهم من بناءها وليس مجرد عدد معين فيها، ومن أهم هذه التعويضات :
- الراتب التقاعدي
- برامج التأمين الصحي والاجتماعي والـتأمين ضد الحوادث وغيرها.
- مكافئات المقترحات البناءة وخاصة عند تحسن الأداء والإنتاج .
- برامج الخدمات الاجتماعية .
- مشاريع الإسكان للموظفين .
- برامج توفير الأجهزة المنزلية المدعومة .
- برامج التسليف بدون فوائد .
- خدمات المواصلات للمنظمة .
- برامج توفير دعم التعليم لأبناء العاملين وفرص تعليمية جامعية مجانية للمتفوقين منهم .
- الخدمات الصحية المتنوعة .
- تحقيق العدالة الوظيفية بين العاملين في حصولهم على الترقيات ضمن نظام متكامل لا يحتوي على ثغرات ليستفيد منها بعضهم على حساب الآخرين .
- التزام المنظمة بتطوير القدرات الذهنية للعاملين من خلال حرصها عليهم، وعلى اكتسابهم الدرجات العلمية العالية للمميزين منهم.
- الحرص على تطبيق خطط التدريب والتطوير لمهارات العاملين لتحقيق أمرين؛ أحدهما زيادة مهارة العاملين، والآخر هو تطوير المستوى الثقافي لهم في المجتمع ، فهم يمثلون المنظمة التي يعملون فيها .
- زيادة مستوى تحقيق العلاقات الإنسانية بين العاملين ومسئوليهم بشكل مناسب وبما يكسر حاجز الفروقات الاجتماعية، مما يعمل على تكوين الشعور بالعمل بروح الفريق الواحد .
- التعامل الإيجابي لإدارة المنظمة مع العاملين فيها ، من ناحية التمسك بهم ، ومنحهم حقوقهم الكاملة ومساعدتهم في الظروف الصعبة.
- الاهتمام بتحقيق الرضا الوظيفي للعاملين ورفع مستوى الامتيازات الوظيفية المقدمة لهم.
وعلى المنظمة أن تسعى إلى توطيد أواصر الولاء في نفوس العاملين بواسطة برامج مدروسة ومخططة، لأنها عندما تفقد الولاء عند العاملين فإنها ستفقد أموراً عديدة منها على سبيل المثال :
- ستفقد أموال كثيرة صرفت على التدريب والتأهيل للعاملين السابقين بكافة مستوياتهم .
- ستفقد الكفاءة التي لا يمكن تعويضها بسهولة والتي استغرقت سنين للحصول عليها .
- خسارة في الوقت الذي استغرقته المنظمة لتدريب وتعليم عامليها وتعايشهم مع أعمالهم بشكل اندماجي مما يسبب تعلقهم فيه ومحاولاتهم تطويره وتحسين الأداء فيه لأنهم قد فهموه.
- سيزيد حجم الإنفاق اللازم لتعويض الكفاءات المهاجرة من المنظمة .
- طول الوقت الذي سيحتاجه العاملون الجدد لكي يتفهموا العمل الجديد في المنظمة وقابليتهم على التطبع بسرعة لتحقيق المستوى الذي كان يعمل فيه من سبقه .
- خسارة بالعلاقات الإنسانية التي كونها الموظف الكفء السابق مع بقية العاملين والتي من الأهمية بحيث يمكن اعتبارها عامل مهم في زيادة الإنتاج وتطويره .
- خسارة في بعض عناصر الميزة التنافسية التي كان يضيفها الموظف السابق إلى المنظمة ومدى الفائدة التي سيضيفها إلى المنظمة الجديدة.
- عدم استقرار الخطط والبرامج التطويرية للمنظمة، حيث إن وضع خطة تطويرية معينة تحتاج إلى نفس الشخص الذي صممها وواكب كل الخطوات التي تحتاجها الخطة وهي نتيجة استقرار ذهني ووظيفي .
لو أن المنظمة حسبت ذلك لكان أجدر فيها أن تضع دراسة مفادها : ماذا لو فقدت الموظف الكفء ؟؟ وتقوم بحسبتها بشكل حسابات جدوى حقيقية اقتصادية وإدارية ؟ وعندها ستراجع المنظمة قراراتها لعدة مرات قبل أن تقبل ذهاب أحدهم .
إن الولاء بالنسبة للعاملين في المنظمة هو ذلك الإحساس بالإخلاص للمكان أو لصاحب العمل أو للمنظمة أجمع والذي يقتضي وجوب تقديم أقصى الجهد بالعمل وتنفيذ التوجيهات بأقصى مايمكن من الإنجاز لتحقيق أهداف المنظمة ورفع مستوى قدرتها التنافسية وسمعتها مقابل الآخرين ،
وهو شعور نفسي داخلي تكون نتيجة عوامل عديدة أهمها درجة الانتماء التي يشعر بها الفرد باتجاه منظمته وعمله.
(المصدر : مجلة المدير)
1
Comments are closed.