«خرافة ريادة الأعمال : لماذا لا تنجح معظم المشروعات الناشئة؟»

  • — الأربعاء ديسمبر 28, 2022

الاتجاهات الناشئة في الإبداع وريادة الأعمال في عالم متسارع تنتشر فيه الأفكار الريادية والمشاريع القائمة على أشخاص تحمّلوا مخاطرة عالية لكي يحققوا شغفهم، تحتاج إلى وقفة تعيد تعريف مفهوم “ريادة الأعمال”، وإعادة توجيه الأفكار والتفاصيل على نحو صحيح لمن أراد الدخول في هذا العالم الريادي، وهو ما يحاول كتاب “خرافة ريادة الأعمال The E Myth Enterprise ” توضيحه وسبر غواره، والإجابة عن سؤال – وغيره من الأسئلة – كثيراً ما يطرح : هل يجب أن أبدأ بمشروعي الخاص؟

(خرافة ريادة الأعمال)


لا يشكك الكاتب “مايكل جيربر Michael Gerber” في أهمية الريادة، ولا جدواها، وإنما هو فقط يحاول أن يضع الأمور في نصابها الصحيح، ويساعد رواد الأعمال في إطلاق أعمالهم على النحو الصحيح، وأن يبنوا أعمالهم التجارية على أسس. واقعية صلبة؛ فالخطأ القاتل الذي يقع فيه أغلب رواد الأعمال حسب المؤلف هو عدم تفرقتهم بين الخبرة المتخصصة والمهارات اللازمة لإطلاق وإدارة مشروع ناشئ، وأيضًا فإن أكثرهم لا يطلقون أعمالهم بناءً على رؤية واقعية أو من أجل هدف حكيم، وإنما لأنهم سئموا من وظائفهم، أو مروا بيوم عمل سيئ [أو مقلدون]، وهؤلاء ينتهي بهم الحال إلى الفشل الذريع لأنهم يخلطون بين مهاراتهم المتخصصة وبين المهارات اللازمة لإدارة المشروع والتسويق وبناء الهوية التجارية.

ويحاول المؤلف تبديد الأوهام، ويقول : نضج الشركة الناشئة مرتبط بمدى واقعية مؤسسها، ومع الأسف أن أغلب الذين يقررون خوض تجربة ريادة الأعمال ينطلقون من عالم مليء بالطموحات والمثاليات والأوهام، إن واحدًا من المبادرين هؤلاء يظن أن طريقه مفروش بالنجاح والإنجازات، ويظل مفعمًا بهذه الرؤية الحالمة غير الواقعية حتى ينزل بقدميه على أرض الواقع. وعندئذ سيُصدم بأن كل ما تصوره لم يكن صحيحًا، فطريق رواد الأعمال شاق، ومليء بالإحباط والاكتئاب والفشل، ولا ينجح إلا من يتمكن من التغلب على كل هذه التحديات.

ومن هنا يمكننا أن نفهم انصب مؤلف كتاب «خرافة ريادة الأعمال» على تبديد الأوهام المحيطة بهذا المجال، ومساعدة الذين يفكرون بهذه التجربة في التفكير على نحو عملي وواقعي.

ويتضمن الكتاب على أربعة أفكار أساسية:

تركز “الفكرة الأولى” على الخرافة السائدة في الولايات المتحدة، وهي ما تسمى بخرافة ريادة الأعمال التي تقول إن المشروعات الصغيرة تبدأ من خلال رواد أعمال يخاطرون برؤوس أموالهم بغية تحقيق الربح؟!! فالأسباب الحقيقية التي تدفع الأشخاص لبدء “مشروع ما” لا تتصل بريادة الأعمال إلا بشكل محدود جداً، وإن «فهم خرافة ريادة الأعمال» وتطبيق ذلك الفهم على تأسيس المشروعات الصغيرة وتطويرها قد يكون مفتاحاً لأي نجاح يُرجى لهذه المشروعات.

أما “الفكرة الثانية” فهي قائمة على الثورة التي تدور رحاها اليوم في عالم المشروعات الصغيرة في الولايات المتحدة [وغيرها في أنحاء العالم]، وهي ما تسمى بثورة «النظام الجاهز للتشغيل»، وهي ثورة لا تغير الطريقة التي نطور بها المشروعات داخل الولايات المتحدة وعبر أرجاء العالم حسب، وإنما تغير أيضا هؤلاء الذين يدخلون عالم الأعمال والكيفية التي يديرون بها أعمالهم واحتمالية صمودهم.

وتناولت “الفكرة الثالثة” العملية الحيوية التي يسميها المؤلف «عملية تطوير الأعمال»، وهذه العملية إذا طبقها، ونظمها صاحب المشروع الصغير فسوف يكون قادرا على تحويل مشروعه إلى مؤسسة ناجحة للغاية، أما إذا لم يطبقها فسوف تؤدي إلى فشل المشروع.

ثم “الفكرة الرابعة” هي طريقة «التدرج في عملية تطوير الأعمال» والتي يمكن تطبيقها على نحو منهجي من قبل صاحب أي مشروع صغير عبر طريقة الخطوة خطوة التي تستوعب الدروس المستخلصة من ثورة النظام الجاهز للتشغيل»…مضيفا «وتصبح هذه العملية عندئذ طريقة ممكنة لتحقيق النتائج المرجوة والحيوية ضمن أي مشروع ناشئ صغير يرغب صاحبه في أن يكرس له الوقت والاهتمام اللازمين حتى يزدهر»

القبعات الثلاث
يرتدي كل صاحب عمل جديد ثلاث قبعات: “صاحب المشروع” (صاحب الرؤية)، و ”الفني” (الخبير الفني)، و ”المدير” (الواقعي)، وهذه التعددية في الأدوار تقود إلى إحداث نوع من الصراع الداخلي الشرس بين كل رائد أعمال.

ويمكن القول، استرشادًا برأي المؤلف، إن هذه المراحل الثلاث تمثّل مراحل نمو الشركة ووصولها إلى مرحلة النضج التام وإن فهم كل مرحلة، وما يدور في ذهن صاحب العمل أثناء كل مرحلة منها، أمر مهم لاكتشاف سبب عدم ازدهار معظم المشاريع الناشئة وضمان نجاح أعمالك.

فرائد الأعمال الذي لا يعلم من أمر السوق شيئًا يبدأ رحلته حالمًا، ولديه تصور وردي عن سوق العمل، ويتعامل مع العالم من خلال تصوراته الخاصة عن نفسه فقط، فيعتقد أنه مميز ويستحق النجاح.

أما الخبير الفني أي رائد الأعمال الذي يتعامل مع الوقائع بصفته خبيرًا فنيًا فهو أشبه بالمراهق الذي يظن نفسه؛ نظرًا لما يمتلكه من خبرة تقنية متخصصة، قادرًا على كل شيء، والمرحلة الأخيرة هي مرحلة النضج، والتعامل العملي مع الوقائع، وصناعة الخطط المناسبة التي تمكنه من النجاح فيما بعد.

غير أن هذه المراحل الثلاث لا تعني أنه من الواجب أن تمر بها واحدة تلو الأخرى، فبعض الأعمال تولد ناضجة، وبعضها الآخر لا يتجاوز مرحلة الطفولة أبدًا، ولا تلبث أن تخرج من السوق سريعًا، ومع الأسف أن هذا هو واقع كثير من الأعمال الناشئة، وهي ما يحاول مؤلف الكتاب تعلمينا دروس الريادة من خلال أخطائها.

ويشدد المؤلف على نظام التشغيل وأن طريقة إنتاج المنتج أهم من إنتاج المنتج ذاته، هذا من جهة، ويؤكد، من ناحية أخرى أنك عندما تشتري نظام تشغيل ما فأنت تشتري المشروع برمته، ويقوده ذلك إلى الحديث عن نظام الامتياز التجاري وأهميته، ومدى الفوائد التي يمكن أن يحققها رواد الأعمال من خلاله. وبمجرد بدء عمل تجاري، فإن صاحب العمل لن يكون الشخص الذي يقوم بالأعمال الفنية فقط، بل يصبح فجأة الرئيس التنفيذي والمدير المالي ومدير قسم التسويق والمدير التنفيذي لمجموعة كبيرة من الأشياء الأخرى، إلا أن ذلك قد يؤدي إلى فشل المشروع، لأنه يجب الاستعانة بمصادر خارجية لأداء المهام المختلفة وتنمية العمل.

واليكم هذا العرض المبسط للكتاب باستخدام تقنية السبورة البيضاء من موقع “خير جليس”.
https://www.youtube.com/watch?v=uLsTvXeW0ek