المديرون المستبدون، لا يعرفون قيمة التواضع في العمل [الأنا تكون مرتفعة جداً]، بل يتفاخرون بذلك ويرون أنهم يسيطرون بقبضة من حديد منظماتهم، وإما أن تتّبع طريقتهم، وفكرتهم، واتجاههم – أو لا شيء على الإطلاق؛ إذا لم تفعل الأشياء بطريقتي التي أرغب بها أو أطلبها فغادر أو لا تشترك، بمعنى آخر “نفِّذ أو افرنقع” [!!!]
فهل يمكن تخليص هذه “الفئة” من هذا الأسلوب؟
وهل هناك أي وسيلة للتعامل مع مثل هذه الشخصيات؟
ربما؟!
يذكر “دانيال جولمان”، المدير المشارك لاتحاد أبحاث الذكاء العاطفي في المنظمات، والمؤسس لجمعية التعاون من أجل التعلم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي، قصة مدير اسمه “ألن”، كان موظفوه في غيابه يطلقون عليه لقب “مستر طريقي أو الطريق السريع Mr. my way or the highway … [بالعامية “يا كلامي، يا أرني عرض أكتافك]”، لقد كان” ألن” يدير الإدارة التي كان مسؤولاً عنها بقبضة من حديد، حيث كان يتخذ أي قرار كبيراً أو صغيراً دون أي مشورة تذكر؛ ” أحد موظفيه لم يملك الجرأة لتقديم اقتراحاته لهذا المدير المستبد برأيه، فكتب العبارة التالية في اللوحة التي على مكتبه: كيف تدرب مديراً مستبداً؟
ومع وجود الكثير من الأدلة التي تبين أن المدرين المستبدين يؤثرون سلبا على أداء الفريق، فهي ليست مجرد مشكلة شخصية، ويقول التنفيذيون إن المديرين المستبدين يمكن ترويضهم في بعض الأحيان!
ويعتقد الكاتب “دانيال سيجل”، مؤلف كتاب:” Mindsight” والمدرب التنفيذي والمتحدث المفوه الذي يحاول أن يفهم الأسباب التي تجعل من الشخص مديراً مستبداً: الأشخاص يحتاجون لثلاثة أشياء: أن يُنظر اليه To be seen، وأن يكون هادئ To be soothed، وسالم To be safe، وعندها يحصل على الأمان security.
هؤولاء الأشخاص عندما لا يجدون هذه الأشياء الثلاث، فسيفتقرون حينئذ إلى الشعور بالأمن، وهي حالة ذهنية يمكن أن تجعل أحدهم عرضة للتصرف كمستبد في العمل، ولكن تغيير أسلوب المستبد يبدأ من فهم الأسباب التي تجعله يتصرف بهذه الطريقة.
ويطرح “جولمان” سؤالين على المدير المستبد: الأول: هل يهتم لما يجري حوله؟ والثاني: هل يريد أن يتغير؟
ويجيب: إذا أراد المديرين المستبدون أن يتغيروا.. فعليهم أن ينظروا إلى أنفسهم من ذات الزاوية التي ينظر إليهم من خلالها الآخرون، فهناك تقرير المراجعة-٣٦٠ المخيف the dreaded 360-review حيث يطلب من زملاء الموظف تقديم رأيهم عنه أو عنها، يمكن أن يكون أداة مفيدة لمعرفة ذلك. وبعد ذلك ابحث عن شخص يصلح قدوة ونموذج مهني إيجابي لمديرك المستبد، وهذا يمكن أن يكون شخص ما في حياته الخاصة يكون قد أحبه كقائد؛ نموذجا إيجابيا للغاية وليس شبيها بالحالة التي هو عليها، ثم من بعد ذلك مساعدته على ممارسة الخطوات التي يمكن أن تجعل منه مثل ذلك النموذج… حيث يمكنهم من رؤية قيمة هذا النموذج المختلف للقيادة.
ويتساءل “بيل جورج”، المدير التنفيذي السابق في “ميدترونيك” والأستاذ في كلية “هارفارد” للأعمال : ما الذي حدث للتواضع كفضيلة بالنسبة للمديرين والقادة؟ فمن يستمع إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي قد يعتقد أنهم قد فقدوا كل إحساس بالتواضع؛ هذا إذا كان لديهم خُلق التواضع في أي وقت مضى؟
كلمة التواضع غالبا ما يساء فهمها، فالقواميس تعرفها بأنها تعني رأيا متواضعا للشخص حول أهميته، وكونك لا تعتقد أن أنك أفضل من الآخرين، و تضبط نفسك من الغرور المفرط، والأهم من ذلك هو أن التواضع مستمد من الشعور الداخلي من الذات بأن القيادة تعني خدمة الناس والموظفين، والمستثمرين، والمجتمعات المحلية والمجتمع ككل في نهاية المطاف من خلال عملهم.
إن خيرة المديرين هم الذين يدركون محدودية قدراتهم مهما بلغت، ومدى أهمية فرق العمل التي من حولهم في خلق النجاح الذي ينسب إليهم، ويعرفون أيضاً أنهم يقفون على أكتاف العمالقة الذين بنوا مؤسساتهم، كما أنهم يعلون من قيمة التواضع ليس فقط في تفاعلاتهم مع الموظفين، ولكن أيضا في تصرفهم العادي الذي يمكن أن يراه أي شخص.
يقول “جورج”: لكن القادة الذين يفتقرون إلى التواضع لا يبدو أن لديهم ذلك الشعور بقيمة الذات؛ الذين يتباهون ويروجون لإنجازاتهم في كثير من الأحيان، يفعلون ذلك نتيجة لشعور عميق بانعدام الأمن، حيث أنهم ظاهريا، يتصرفون مثل الفتوات ويحاولون تخويف الناس، ولكن في دواخلهم يعرفون بأنهم مدعين، وانه يمكن أن يُكشف عنهم القناع في أي وقت!
ويتسأل” جولمان”: هل أنت على استعداد للتخلي عن مديرك الذي لا يتخلى عن نهجه لأنك تعتقد أنه لا فائدة من تغيير شخص لا يتخلى عن أسلوبه المستبد؟
ويجيب : لا .. ليس الأمر كذلك. “لم يفت الاوان بعد” حاول.
[مختصر من مقال بعنوان: .Can the “my way or the highway” attitude be coached out of the boss? Maybe so]