الهدف من الرضا الوظيفي هو كسب الولاء (والانتماء)، والهدف من الولاء (والانتماء) هو تحقيق أهداف المنظمة وتحسين أدائها!
الأفراد في أي منظمة لديهم أهداف وقيم خاصة بهم قد لا تتفق -أحياناً- مع أهداف وقيم المنظمة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى وقوع الأفراد من جهة والمنظمة من جهة أخرى كطرفي نقيض تتعارض مصالحهما ويدخلان في حالة صراع يحاول كل منهما تسجيل أكبر قدر من النقاط إن لم تكن هناك هزيمة الطرف الآخر، وبذلك يرجح كل منهما مصلحته على حساب الطرف الآخر لتكون المحصلة النهائية خسارة كلا الطرفين؟!!
ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الانتماء التنظيمي والولاء التنظيمي اللذين غالبا ما يشيران إلى نفس المعنى ووجودهما من شأنه رأب الصدع في العلاقة القائمة بين العاملين ومنظمتهم والتوفيق فيما بينهم بحيث يسود العلاقة الوظيفية جو من التعاون والألفة والتكامل بدلا من التنافر والتناحر والتنافس السلبي.
فما هو الفرق بين الانتماء والولاء وعلاقتهما بالرضا الوظيفي؟
أولا: الانتماء التنظيمي
الانتماء التنظيمي يعبر عن استثمار متبادل بين الفرد والمنظمة باستمرار العلاقة التعاقدية، ويترتب عليه أن يسلك الفرد سلوكا يفوق السلوك الرسمي المتوقع منه والمرغوب فيه من جانب المنظمة، ورغبة الفرد في إعطاء جزء من نفسه من أجل الإسهام في نجاح واستمرارية المنظمة كالاستعداد لبذل مجهود أكبر والقيام بأعمال تطوعية وتحمل مسؤوليات إضافية.
ثانيـا: الـولاء التنظيمـي
الولاء أعمق من الانتماء، ويمكن أن يقال عنه أنه أعظم درجات الانتماء؛ ويمكن أيضاً تعريفه على أنه العملية التي يحدث فيها تطابق بين أهداف الفرد وأهداف المنظمة؛ بمعنى أنه اعتقاد قوي وقبول من جانب الفرد لأهداف المنظمة ورغبة في بذل أكبر عطاء ممكن لصالحها، والرغبة في الاستمرار بالعمل فيها. وبالتالي تحاول كثير من المنظمات والمؤسسات لكسب ولاء أفرادها والمحافظة على هذا الولاء وبذل المساعي لزيادته لديهم.
إن عملية بث الولاء وزراعته في نفوس الأفراد هي مهارة يمكن تعلمها واكتسابها وبمقدور المسؤولين في أية مؤسسة تنميتها وتطويرها حتى تغدو أمر طبيعي يمارسه جميع أفراد المؤسسة بشكل عفوي وتلقائي دون تكلف.
فالحقيقة التي ينبغي أن يعيها المسؤولين في أي منظمة هو أنه يصعب إرغام الفرد على إظهار الولاء للمؤسسة، ولكن يمكن كسب ولاء الفرد بتهيئة الجو في بيئة عمله والذي من خلاله يظهر الفرد ولائه، وهناك أربعة عوامل يمكن التركيز عليها وهي كفيلة لتهيئة الأجواء أمام الأفراد في بيئات أعمالهم المختلفة لكي يظهر ولائهم المؤسسي :
العامل الأول: يتعلق بالمبادئ التي تعتقدها وترفعها المؤسسة لأفرادها، ومن خلالها تتميز عن باقي المؤسسات الأخرى، والتي تجعل الأفراد يشعرون بالفخر في انتمائهم .
العامل الثاني: هو إيجاد نماذج قيادية ومؤثرة ومحركة داخل المؤسسة، والتي ينظر إليها الأفراد كنماذج يقتدي بها، ورموز يدور حولها الولاء المؤسسي.
العامل الثالث: فهو توفير الحوافز المعنوية والمادية للأفراد في المؤسسة، والتي تهدف إلى دفع المضرات عن الأفراد قبل جلبها لهم.
العامل الرابع: متعلق بإيجاد جو تنافسي شريف يمكن لأي فرد أن يعيش فيه داخل المؤسسة، والذي من خلاله تزداد نسبة الولاء المؤسسي، ويتم المحافظة عليه.
ثالثاً: العلاقـة بيـن الرضـا الوظيفي والانتمـاء التنظيمـي والـولاء التنظيمـي
يختلف الرضا عن العمل في أنه عامل متغير حركي يتغير بتغير خبرات الفرد في العمل، وبتغير خصائصه الذاتية، أما الانتماء التنظيمي فيعبر عن الاستجابة الإيجابية تجاه المنظمة بصفة عامة و الارتباط بها ككل؛ فالمشاعر الخاصة بالانتماء التنظيمي تنمو ببطيء ولكن بثبات مع مرور الوقت بالنسبة لعلاقة الفرد بالمنظمة، بينما الرضا عن العمل يعتبر مقياسا أقل ثباتا يعكس رد الفعل السريع لجوانب معينة في بيئة العمل.
ولكن ما الذي يسبق الآخر؟ هل مشاعر الرضا تسبق مشاعر الانتماء أم العكـس؟
اختلفت آراء الباحثين في ذلك، فالبعض يرى أن الانتماء التنظيمي يحدث بعد فترة زمنية نتيجة شعور الفرد بالرضا عن العمل، ويرى باحثون آخرون أن شعور الفرد بالانتماء التنظيمي ينشأ قبل تكوين اتجاهات الرضا عن العمل وقبل الالتحاق بالعمل ويستمر باستمرار عمل الفرد، وذلك كلما ساعدت المنظمة الأفراد على إشباع حاجاتهم، وبالتالي يعتبر الانتماء التنظيمي سببا للرضا عن العمل وليس نتيجة له.
ونفس الشيء بالنسبة للولاء التنظيمي فتؤكد الدراسات على أنه كلما ازداد الولاء التنظيمي قل معدل دوران العمل، وتعتبر دراسات أخرى إلى أن الولاء يساعد إلى حد كبير في انخفاض نسبة الغياب، والحد من مشكلة التأخير عن الدوام، ويعزز الرضا الوظيفي؛ أي أن الولاء هو مسبب للرضا.
وهناك وجهة نظر ترى أن العلاقة بين الرضا والولاء هي في اتجاهين، وأن الرضا مسبب للولاء أكثر منه نتيجة له وذلك كون أن المدير أو القائد بمفهوم أدق مهما كان اهتمامه بالأفراد ومهما كان توجيهه بالعلاقات الإنسانية يبقى هدفه الأسمى هو تحقيق أهداف المنظمة، وتحقيق الرضا لدى العاملين وسيلة من الوسائل المتبعة في ذلك، فالرضا غرضه كسب ود الأفراد وتجنب سخطهم وتوثيق العلاقة بين الأفراد والمنظمة ويضعهم في الاستعداد للبذل نيابة عنها، ورغم هذا فإن الولاء ليس هدف بحد ذاته، وإنما هو وسيلة لتحقيق أهداف المنظمة وتحسين أدائها.
الخلاصة .. الهدف من الرضا الوظيفي هو كسب الولاء (والانتماء)، والهدف من الولاء (والانتماء) هو تحقيق أهداف المنظمة وتحسين أدائها!
[بتصرف من (hrdiscussion.com)]