لا ينكر أحد أن للتحفيز سُلطة في توجيه السلوك، وتستغلّ الحكومات (وحتى الآباء والأمهات) هذه الطريقة للدفع نحو سلوك يرونه مرغوبًا بالوعد بحوافز ومكافاءات، أو الوعيد في حال المخالفة.
مع هذا، فهناك لاعبٌ أساسيُّ آخر موجود في الساحة مع سياسة التحفيز، وهو مايسمى “قانون النتائج غير المقصودة” التي صاغه استاذ الاقتصاد “ستيڤين لڤيت” والصحفي “ستيفين دابنر” في كتابهما (الاقتصاد العجيب SuperFreakonomics) لتصف السلوك والتصرفات الغير مخطط لها، وتحدث كنتيجة للتحفيز الخاطئ أو غير المناسب.
ومن الأمثلة على هذا ما حدث من انتشار الفئران في المانيا عندما حاولت الحكومة تحفيز السكان على تخفيض حجم النفايات (المخلفات) التي يخرجونها بأساليب عدّة؛ منها جمع النفايات كلّ شهر، أو تصغير حجم صناديق القمامة، أو فرض رسوم تصاعديّة تزايُد مقدار القمامة.
وللأسف فشلت كلّ الحوافز في تحقيق مستهدفها، بل ترتّب على ذلك نتائج عكسيّة مخيفة، حيث لجأ النّاس إلى إلقاء مخلّفات الأطعمة في مقاعد دورات المياه (الحمّامات) لتصريفها عبر شبكة الصرف الصحي، وأدّى هذا إلى زيادة تكاثر الفئران وانتشارها بشكل كبير نتيجة زيادة المعروض من الطعام أمامهم.
القصد… أن انحراف سياسات التحفيز، تنجم عن تبني حلولًا وسياسات و استراتيجيات تنظيرية غير مدروسة بما فيه الكفاية!!
ومن أجل تجنب انحراف سياسات التحفيز -بوجهٍ عام – يجب على المسؤولين سواء في الحكومة أو في قطاع الأعمال وضع في عين الاعتبار الآثار غير المقصودة عند اعداد الخطط، وأن يكون هناك مشاهد “سيناريوهات” يمكنها التعامل بشكل صحيح مع ردود الأفعال التي قد تترتب على تطبيق هذه السياسات، والعواقب غير مقصودة التي قد تؤدي الى تفاقم المشكل وليس إلى حلها.
وهو أمر يستدعي الانتباه إلى أن أهمية مشاركة الممارسين ذوي الخبرة الميدانية في الدراسة، فضلًا عن تطوير آليات الرقابة وكيفية كشف الخلل عند وأثناء التطبيق (التنفيذ) ومحاولات أي طرف تعظيم استفادته بشكل يخالف المستهدف.