《حُسن كلام رسول الله وفصاحته ﷺ》

  • — الجمعة أبريل 02, 2021

من أجمل ما أنت قارئ .. في وصف كلام رسولنا عليه الصلاة و السلام، وجميل خطابه، وظهور حُجّته وبيانه، ما قال الجاحظ – في البيان التبيين – وهو يصف حُسن كلام رسول الله ﷺ وفصاحته:  ” وأنا ذاكرٌ بعد هذا فنًّا آخر من كلامه ﷺ .. وهو الكلام الذي قلَّ عدد حروفه، وكثرت معانيه، وجلَّ عن الصنعة، ونزّه عن التكلُّف، وكان كما قال تبارك وتعالى: قُل يا محمد: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} فكيف وقد عاب التشديق، وجانب أصحاب التقعيب – وهو الكلام بأقصى قعر الفم -! واستَعمل المبسوط في موضع البسط، والمقصور في موضع القصر.. وهجَر الغريب الوحشيّ، ورَغِب عن الهجين السُّوقيّ، فلم يَنطق إلا عن ميراث حكمة، ولم يتكلم إلا بكلامٍ قد حُفَّ بالعصمة، وشُيِّد بالتأييد، ويُسِّر بالتوفيق.

وهو الكلام الذي ألقى اللهُ عليه المحبة، وغشاه بالقبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة، وبين حسن الإفهام، وقلة عدد الكلام، مع استغنائه عن إعادته، وقلة حاجة السامع إلى مُعاودته .. ! لم تسقط له كلمة، ولا زلَّت به قدَم، ولا بارت له حُجة، ولم يَقم له خصم، ولا أفحمه خطيب، بل يبذّ الخُطب الطوال بالكلام القصار ! ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم، ولا يحتجّ إلا بالصدق، ولا يطلب الفلج – الفوز والظفر – إلا بالحق، ولا يستعين بالخلابة، ولا يَستعمل المُواربة، ولا يَهمز ولا يلمز، ولا يُبطىء ولا يَعجل، ولا يُسهب ولا يحصر.

ثم لم يسمع الناس بكلامٍ قط؛ أعمَّ نفعًا، ولا أقصد لفظًا، ولا أعدل وزنًا، ولا أجمل مذهبًا، ولا أكرم مطلبًا، ولا أحسن موقعًا، ولا أسهل مخرجًا، ولا أفصح معنًى، ولا أبيَن في فحوى؛ من كلامه ﷺ كثيرًا”

صلَّى الله عليه وسلَّم في الآخرة والأُولى، ما نطق عن هوَى، وأُوتي جوامع الحِجَى!

 ياربّ لا تحرمنا مرافقته في الجنة!