قال رسولُ الله ﷺ: المؤمن يألَفُ، ولا خير فيمن لا يألَف ولا يُؤلَف» [رواه الإمام أحمد، والحاكم في المستدرك]. فالمؤمن يألف الناسَ؛ لحُسْن أخلاقه، وسهولة طباعه، ولِين جانبه، وهو يألف الخيرَ وأهله، ويألفُه أهل الخير، ولا خير فيمن لا يألَف ولا يؤلَفُ؛ لعُسْر أخلاقِه، وسوء طباعه.
وفيما يلي على سبيل الإيجاز خمسَ عشرة قاعدةً تساعد في اللياقة الاجتماعية :
- تجنَّب توجيهَ اللوم إلى الناس؛ لأنه لا يجدي؛ فجُلُّ الناس أهل عواطفَ وأهواء، واللوم شرارة خطيرة تُضرِم النارَ في وقود الكبرياء، وهو عقيمٌ؛ لأنه يضع الإنسانَ في موضع الدفاعِ عن نفسه، وتسويغ موقفِه، والدفاع عن كرامتِه وعزَّة نفسه؛ قال أنس بن مالك رضي الله عنه: “خدمتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عشرَ سنين فما قال لي: أفٍّ قطُّ، وما قال لشيء صنعته: لم صنعتَه؟ ولا لشيء تركته: لم تركتَه؟” .
- قدِّر الآخرين، أَثْنِ عليهم من غير تملُّق ولا مبالغة، أبدِ اهتمامًا بهم، قدِّر أقلَّ إجادةٍ تصدُرُ منهم، تكسِبْ قلوبَهم.
- كلِّمِ الناسَ عما يحبون، لا عما تحب، حدِّثْهم عن أنفسهم، تذكَّرْ أنك لا تضعُ للسمكة التي تريد اصطيادها قطعةً من (الجبن) الفاخر الذي تحبُّه أنت، بل تضعُ لها (الدودةَ) التي تحبُّها هي.
- ابتسِمْ؛ إن التعبير الذي يرتسم على وجهك أهمُّ من الثيابِ التي ترتديها، إن في ابتسامتِك سِحرًا تتأثر به أنت أولًا، ثم ينتقلُ منك إلى الآخرين، إن الابتسامة كهرباء من نوع خاص، تضيء جوانبَ النفس، فلا تستغنِ عنها، ولك فيها كسبانِ: دُنيوي وأخروي؛ ففي الحديث: «تبسُّمُك في وجه أخيك صدقةٌ» (الترمذي).
- تذكَّرْ أسماءَ الناس؛ إن اسمَ المرء هو أحبُّ الأسماء إليه، ومخاطبتك له باسمِه تقرِّبُك من قلبِه، ونسيانُك اسمَه قد يكون دليلًا على عدمِ الاهتمام به.
- أصغِ إلى محدِّثِك باهتمام؛ فأكثرُ الناس يفضِّلون المستمعين الجيِّدين على المتكلِّمين الجيِّدين، وأكثر الناس كذلك لا يُصغون باهتمامٍ لِما يقال، بل يفكِّرون فيما سيقولونه إذا انتهى المحدِّثُ من حديثه.
- لا تجادِلْ، ولا يكن همُّك دائمًا الانتصارَ في المناقشات، وإثباتَ خطأ الطَّرفِ الآخر؛ فأنت قد تكسِبُ المواقف، ولكنك تخسَرُ القلوب.
- كن لطيفًا، فإذا تأكدتَ من خطأ الطرفِ الآخر، فقل له ذلك بأسلوبٍ لطيف، وبشكل غير مباشر، ولا تُهِنْه وأنت تنصحُه، أو تنتقِدْه، ودَعْه يحتفظ بماء وجهه.
- سلِّمْ بخطئِك؛ فهذا يرفعُك عند نفسك، ويدعو الآخرين إلى احترامِكَ، إن شجاعةَ التسليم بالخطأ وسامٌ لا يحملُه على صدورِهم إلا أصحابُ النفوسِ القوية.
- عليك بالرِّفقِ واللِّين، ودعِ العنفَ والشدة، يقول مَثَلٌ قديم: إن نقطةً واحدة من العسل تصيدُ من الذباب أكثَرَ مما يَصيدُ برميل من العَلْقم، وكذلك الحال مع البشَر؛ فالكلمة الحُلْوة تَصيد القلوب.
- ضَعْ نفسَك مكانه: حاوِلْ مخلصًا أن ترى الأمورَ من وجهة نظرِ الشَّخص الآخَر، فربما يكون مُصِيبًا، وربما تكونان أنتما الاثنانِ مخطِئَين!
- أيقظِ الدوافعَ النَّبيلةَ في الإنسان؛ فأغلبُ الناس فيهم جوانبُ كثيرةٌ من الخير، والمشاكس العنيد يستحيل إلى مخلِصٍ منصِفٍ إذا أنت عامَلْتَه على أنه منصِفٌ مخلص: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34].
- قدِّمِ اقتراحات مهذَّبة، لا أوامر خشنة، استعمِلْ كلمات اللُّطف: حبَّذا لو، أرجو أن، من فضلك، إذا تكرَّمْتَ.. فلا أحدَ يحبُّ أن يتلقَّى الأوامر.
- حبِّبِ الآخَرين في العملِ الذي تريدُهم أن يقوموا به، واذكُرْ منافعَه لهم.
- وأخيراً، قل: (نَعم) للحِكمة، و(لا) للمنطق؛ فالحكمةُ تحتوي المنطقَ وتَزيدُ عليه؛ إذ قد يقتضي المنطقُ أن تعاقبَ مخطئًا على خطَئِه، لكن الحكمة تدعوك أن تعفوَ عنه، وهذه القاعدة مِن أهم القواعدِ للنجاح في العلاقاتِ الإنسانية، وخاصة في العلاقاتِ الزَّوجية، وداخل أفراد الأسرة الواحدة.
[من كتاب اللياقات الست – د. أحمد الأميري]