« علة كثرة الاجتماعات المهدرة للوقت والإنتاجية»

  • — الأربعاء أكتوبر 30, 2024

يقول أستاذ الإدارة والتنظيم في جامعة “فليريك” البلجيكية “رالف ويتزل”: “يبدو أن عدد الاجتماعات التي تعقد كل أسبوع، أو كل يوم، في ازدياد، ولم يعد الموظفون يطيقونها، والمشكلة هي أن المديرون لا يعرفون السبيل إلى تغيير ثقافة الاجتماعات تلك”، ويضيف: ” أن الاجتماعات المتواصلة عادة يدعو إليها المديرين والقادة غير الواثقين من إدارتهم للعمل، فالمسؤولون الذين يعتقدون أنهم فقدوا السيطرة، ولا يثقون في موظفيهم، عادة يدعون إلى اجتماعات متعددة للإشراف على كل كبيرة وصغيرة، وهكذا تصبح قاعة الاجتماعات المكان الوحيد الذي يتواصل فيه المديرين مع موظفيهم، وهو ما يعتبر طريقة بائسة خاصة في حل المشكلات.

ويقول “بلير بالمر” المدير التنفيذي لإحدى مؤسسات الاستشارات الإدارية قرب لندن: “هؤلاء المديرين الذين عادة ما ينتقلون من اجتماع لآخر، طوال اليوم، لا يقومون بشيء عملي (منتج)، نحن مدمنون تماماً على الاجتماعات، إذا لم نذهب إلى اجتماع فإننا نتساءل ماذا عسانا أن نفعل إن لم نعقد اجتماعاً”.

مسألة فكر

ويرى “مارتن ميرفي” في كتابه بعنوان: “No More Pointless Meetings” أن الاجتماعات هي “لعنه” أصابت الحياة العملية الحديثة؛ فهي تستهلك الوقت ولا تتصدى لضروريات هذا العصر المتمثل في الوصول إلى المستفيدين والابتكار، ويشير إلى أنه “بالرغم أن الكثير يتأففون من هذه الاجتماعات ونمطها، إلا أنهم لم يحاولوا تغير شيء؟!!

وأشار إلى “أن الاجتماعات ظلت كعملية أساسية للتعاون بناءً على الافتراض القائل بأن الفرد عندما يُعيّن في موقع قيادي سوف يكون على علم مسبق بكيفية رفع كفاءة رأس المال البشري، لكن الواقع لا يدعم هذه الفرضية، فمعظمنا لا يزال يقع في مصيدة الاجتماعات التي تستنزف الوقت، ولا تساعد في إيجاد حلول لتعقيدات القضايا المتسارعة”؛ إن الاجتماعات بالنسبة لمعظم المديرين والمشرفين والتنفيذين ظلت الأداة الإدارية الوحيدة التي يستخدمونها لإيجاد تنسيق وتعاون؛ فيجتمع الجميع في مكان الاجتماع، ويدير ويشترك معظم القيادات والرؤساء التنفيذيين عبر الطقوس المُهدِرة للوقت، القائمة على مفهوم “مقاس واحد يناسب الجميع”[!!!]

وسائل بديلة

في مقاله “سئمت من كثرة الاجتماعات؟ تخلص منها “Sick of meetings? Ditch themاكتشف “آيان هيوز” أن نصف الاجتماعات التي حضرها في شركة “Consumer Intelligence ” للأبحاث كانت مجرد مضيعة للوقت، وتشعر ان أغلبها بلا فائدة، وأنك أصبحت أسير لها؛ لذلك ابتكر طريقة للتخلص من علة كثرة الاجتماعات والاستمرار في تأدية العمل، فقد أعاد كتابة القواعد المتعلقة بحضوره للاجتماعات، فرتب أحد الأشخاص لعقد اجتماع في الشركة، وجعل قسم المعلومات يشرح لكل شخص يدعى لاجتماع، لماذا عليه أن يحضر؟، كما أن أي شخص يمكنه ترك الاجتماع والانسحاب منه إذا شعر بأنه غير منتج، ولا يترتب عليه نتائج عملية. فلا يوجد شيء اسمه اجتماعات إلزامية يقول “هيوز” من مكتبه في “بريستول”: “كل الاجتماعات في هذه الشركة أصبحت اختيارية”.

ويعترف” هيوز” أن هذا الانتقال إلى وضع يكون فيه يوم العمل أكثر إنتاجية لم يكن بالأمر السهل، فقد احتاج عدد من المديرين لبعض الوقت لكي يستوعبوا الخطة التي وضعها قبل ثلاث سنوات. ويقول إن خطته زادت من الإنتاجية وحسنت من الثقافة السائدة داخل مكان العمل: “هل يوجد أي فائدة لاجتماع طويل في الوقت الذي يمكن للبريد الالكتروني أن يفي بالغرض؟”

لقد كان يخوض كفاحاً ضد مشكلة تجتاح معظم مكاتب العمل، فالمديرون يقضون ثلث وقتهم في الاجتماعات، وقد أثبتت الدراسات أن كثيراً منها كان مضيعة للوقت وبلا أي فائدة.

هناك وسائل سهلة لحل هذه المشكلة، تحتاج إلى تعلم كيف تفوض غيرك، وتدع الموظفين يبتكرون حلولاً من تلقاء أنفسهم، وادعو الأشخاص المهمين الأساسيين إلى الاجتماعات المهمة فقط، وتأكد من أن جميع الحضور يفهمون الغاية من الاجتماع، ألا وهو الوصول إلى قرار بخصوص الموضوع قيد البحث في الاجتماع.

يقول “بالمر”: “نعقد الاجتماع تلو الاجتماع بحثاً عن إجابة، ثم نتخذ القرار الذي كنا نعرف سلفاً أننا سنقوم باتخاذه، وبدلاً من ذلك عليك أن توضح منذ الاجتماع الأول أنه لا بد أن يتخذ قرار في نهاية الساعة الأولى من الاجتماع”.

فيما يتعلق بالاجتماعات المنتظمة، أي تلك التي يعقدها قسمك كل يوم أو كل أسبوع، فكر فيما إذا كانت هذه الاجتماعات تضيف شيئاً ذا قيمة للشركة أو الجهة التي تعمل فيها، وفكر أنك يمكن أن تفعل الشيء ذاته بإرسال بريد إلكتروني سريع أو اتصال هاتفي، الأفضل من ذلك، فوض الموظفين لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم؛ إن فن الاجتماعات المنتجة والطريقة التي تفهم بها الاجتماعات، هي التي ينتج عنها اجتماعات أقل رسمية، وأقل حاجة لحضور المسؤولين، وتكون أسرع بشكل عام، وهنا بالضبط يكمن التعاون الحقيقي.

هذا بالضبط ما فعله “ديفيد هيل” قبل أربعة شهور في شركته التي تتخذ من “سان فرانسيسكو” مقراً لها: “اجتماعات أقل يعني أن المديرين أقل تدخلاً في تفاصيل العمل، إن ذلك يؤدي إلى الابتكار، عندما تتلقى مفاجآت إيجابية عندما يأتي إليك فريق العمل من موظفيك بأفكار جيدة لم تخطر ببالك، فمعنى ذلك أنك مدير ناجح.

والأفضل من ذلك تقليل عدد الاجتماعات لا يؤدي فقط إلى عدم شغل وقت المديرين، بل يساهم في تغيير الثقافة السائدة، حيث ينبغي ألا يضيع المديرون جهودهم في التركيز على ما يدور في غرف الاجتماعات، ويكون التركيز على إنجاز المهام والإنتاجية”!

(*) مصادر مختلفة