قال -ﷺ-: «ما من عبدٍ مؤمِنٍ إلَّا وله ذنبٌ ، يعتادُهُ الفينَةَ بعدَ الفينَةِ ، أوْ ذنبٌ هو مقيمٌ عليه لا يفارِقُهُ ، حتى يفارِقَ الدنيا ، إِنَّ المؤمِنَ خُلِقَ مُفَتَّنًا ، توَّابًا ، نَسِيًّا ، إذا ذُكِّرَ ذكَرَ»
في هذا الحديث بين لنا النبي -ﷺ- أحوال المؤمنين مع الله، وأوضح أن المؤمن بشر يصيب ويخطئ، ولكنه يعود إلى الله سبحانه، فقول -ﷺ-:
«ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب»، والمعنى: أن كل مؤمن لا محالة واقع في الأمر، وهذا من باب النقص الإنساني الذي يعتري كل البشر، “يعتاده الفينة بعد الفينة”، أي: يقلع عن الذنب، ثم يعاوده، فيقع فيه حينا بعد آخر، ويفعله على سبيل العادة المتقطعة، “أو ذنب هو مقيم عليه، لا يفارقه”، فهو دائم الوقوع فيه، وهذا من باب الغفلة،
«حتى يفارق الدنيا»، أي: يكون على تلك الحال حتى يأتيه الموت؛
و «إن المؤمن خلق مفتنا»، “أي: ممتحنًا يمتحنه الله بالبلاء والذنوب والفتن، والمفتنُ: “الممتحن الذي فتن كثيرًا”، فكثيرًا ما يكون هذا حاله، وهو مع هذا كله من الفتن التي تعصف بقلبه، وتتكرر عليه، وترد واحدة بعد الأخرى، إلا أنه مؤمن، «توابا»، يكثر من التوبة إلى الله بعد كل ذنب، «نسيا»، أي: أنه ينسى بعض ما يجب فعله كما نسي أبوه آدم من قبل، ولكنه مع ذلك، «إذا ذكر؛ ذكر!»، والمراد أنه إذا ذكر بالله وعقابه؛ تذكر فيرجع عن ذنبه، فيكون المعنى: أنه يتوب، ثم ينسى فيعود، ثم يتذكر فيتوب، فكلما وقع في الذنب؛ لم ييأس، بل يسرع الرجوع بالتوبة إلى الله.
والحديث فيه إخبار عن حال العبد وضعفه؛ ليعرف أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله، وعليه أن يجدد التوبة إلى الله، ويتبرأ من الحول والقوة البشر، إلى الدخول في حول الله وقوة خالق البشر .
نسأل الله – عز وجل – أن يجعلنا وإياكم ممّن إذا ذُكِّر ذَكَر، وإذا أذنب تاب واستغفر.