يشهد العالم تطورات سريعة في مجال الذكاء الاصطناعي وتقنياته المختلفة في السنوات الأخيرة. ومع هذا التقدم السريع ، بدأت تظهر مخاوف من إمكانية استخدام هذه التقنيات في ارتكاب جرائم وأنشطة غير مشروعة.
ونظرًا لطبيعة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على خوارزميات وبرمجة، فإنه من الصعب التنبؤ بالأضرار التي يمكن أن تحدثها أنظمة الذكاء الاصطناعي إذا أسيء استخدامها.
لهذا السبب ، بدأت بعض الدول في وضع تشريعات وقوانين تحظر استخدام الذكاء الاصطناعي في ارتكاب جرائم معينة أو تفرض عقوبات صارمة على من يقوم بذلك. فعلى سبيل المثال ، أصدرت ماليزيا قانونًا يحظر استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لإنتاج أو نشر محتوى إباحي أو تحريضي. كما حظرت تايوان استخدام تقنيات التعرف على الوجه باستخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض المراقبة الجماعية. وفرضت أستراليا عقوبات جنائية على انتحال الهوية باستخدام الذكاء الاصطناعي ونشر المعلومات المضللة أو المحظورة.
إن معالجة جرائم الذكاء الاصطناعي يتطلب وضع قوانين وتشريعات شاملة ومتكاملة تأخذ في الاعتبار الطبيعة المعقدة لهذه التقنيات.
فالقوانين يجب أن تحدد بوضوح الأنشطة المحظورة المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وأن تفرض عقوبات رادعة على مرتكبي هذه الجرائم.
كما يجب وضع آليات للرقابة والإشراف على أنظمة الذكاء الاصطناعي والتحقق من الالتزام بهذه القوانين.
إن معالجة هذه القضايا بشكل منهجي وشامل سيساعد على ضمان استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة وقانونية دون المساس بالخصوصية أو الإضرار بالأفراد والمجتمع.
ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد حتى الآن قوانين متخصصة لتنظيم الذكاء الاصطناعي في معظم الدول العربية. ومع ذلك ، هناك بعض التشريعات ذات الصلة التي يمكن أن تنطبق على تطبيقات الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال:
• قوانين حماية البيانات والخصوصية: تفرض هذه القوانين قيوداً على جمع واستخدام البيانات الشخصية التي تعتمد عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي. ولكنها لا تغطي جميع جوانب الذكاء الاصطناعي مثل الشفافية والمساءلة.
• قوانين مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال: تفرض قيوداً على استخدام التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي في أنشطة غير مشروعة مثل غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
• قوانين الملكية الفكرية: تحمي قوانين براءات الاختراع وحقوق الطبع والنشر التقنيات والخوارزميات الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
• قوانين أخرى مثل قوانين المنافسة وقانون العقوبات: يمكن تطبيق بعض أحكامها على تطبيقات الذكاء الاصطناعي حسب الحالة.
لذا ، من الواضح أن هناك حاجة ملحة لسن قوانين متخصصة تنظم استخدام وتطبيق الذكاء الاصطناعي في الدول العربية بما يضمن حماية المستهلك والمجتمع مع دعم الابتكار.
الكاتب : د. يحيى إبراهيم دهشان yahyadhshan.com