«القائمون على “الذكاء الاصطناعي” أمام مسؤولية أخلاقية لضمان سلامة الأطفال وحمايتهم من الاستخدامات الشريرة»

  • — السبت أغسطس 26, 2023

أحدثت تطبيقات الذكاء الاصطناعي ثورة في المحتوى البصري والسمعي والمحاكاة، استغلت في ممارسات لا أخلاقية وضيعة أدت إلى بعض السلوكيات الحقيرة والبغيضة والمشينة في حق فئة بريئة في المجتمعات؛ هم الأطفال [!!!]

ترافق نمو القدرات الضخمة التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحرير وتوليد الصور والفيديوهات، بزيادة غير مسبوقة في المحتوى الإباحي -عالمياً- المرتبط بالأطفال على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، الأمر الذي يمثل تهديدا خطيرا لسلامة هذه الفئة البريئة والضعيفة في المجتمع، كما يعيق الجهود التي تبذلها السلطات في مكافحة الانتهاكات التي تطالها، وتتبعها في العالم الحقيقي.

لقد دخلت العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية ضمن ما يمكن أن نصفه بـترسانة “أسلحة افتراس الأطفال”، التي تُستخدم في “الويب المظلم” والذي يسمح بإصدار المواقع الإلكترونية ونشر المعلومات دون الكشف عن هوية الناشر أو موقعه، ويمكن الوصول إليه خلال خدمات معينة مثل ” تور Tor”، حيث تنتج خلال زمن قصير موادا تصنف على أنها “إباحية”.

ورصد عدد المؤسسات معنية بحماية الأطفال على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) مؤخرا، آلاف الصور “غير اللائقة” لأطفال، أنتجت بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وعكست الدور الخطير للاستخدامات الشريرة لهذه التقنية عندما تخدم الفكر السقيم لأشخاص غير أسوياء.

وفي هذا السياق حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي بإنه شهد زيادة في التقارير المتعلقة بالأطفال الذين غُيرت صورهم الطبيعية إلى أخرى “ذات طابع جنسي”؛ كما حذرت مجموعة “ثورن” المراقبة لنشاطات استغلال الأطفال الشبكة من زيادة شهرية في أعداد الصور الإباحية المنتجة بتطبيقات الذكاء الاصطناعية لهذه الفئة البريئة، منذ خريف العام 2022.

ومن الأدوات المستخدمة في توليد مثل هذا المحتوى المريض، تلك التي لا تتطلب سوى كتابة وصف قصير لما يريد الشخص السقيم رؤيته، ليقوم التطبيق بإنتاجه، بالاستعانة بمليات الصور البريئة المنتشرة على الإنترنت، والتي تعود لأطفال حقيقيين في مواقف ووضعيات طبيعية، وفي زمن قصير مقارنة بالأساليب القديمة التي كانت تستغرق وقتا طويلا لتركيب وتزييف مثل هذه الصور السقيمة.

ويُخشى من دور هذه “النزعة الإجرامية” السلبي في تعقيد مهمة سلطات إنفاذ القانون في مكافحة الجريمة الإلكترونية، وتضييق الخناق على منتهكي القوانين الخاصة بالإساءة للأطفال عبر الشبكة العنكبوتية؛ كما يهدد هذا التوجه الخطير بإرباك الجهات الأمنية والقضائية الذين سيعملون على تحديد الأطفال الضحايا، وسيضطرون إلى قضاء المزيد من الوقت في تحديد ما إذا كانت هذه الصور حقيقية أم مزيفة.

كذلك يؤدي تدفق مثل هذه الصور إلى إرباك أنظمة التتبع المركزية المُصممة لمنع مثل هذه المواد؛ فهي صممت فقط لالتقاط الصور المعروفة لسوء المعاملة، وليس اكتشاف الصور التي جرى توليدها حديثا باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ حيث تكمن خطورة هذا التوجه أيضا في تغذية وتدريب أدوات الذكاء الاصطناعي على توليد المزيد من هذه الصور، فضلا عن كون بعض هذه التطبيقات مفتوحة المصدر، ولجوء البعض إلى استخدام عدة لغات يقلل من فرص الكشف.

الحل؟

قد يكون الحل للتصدي لهذه الآفة الخطيرة إلى جانب سنّ قوانين وتشريعات وحوكمة صارمة لمجابهتها والتشديد في معاقبة مرتكبيها، سرعة تحديث أنظمة الكشف حتى تعرف على ما يجب إزالته، أو تطوير أنظمة رقمية تضيف رمزا أو علامة مائية تحدد منشأ الصور بحيث تكشف اللقطات التي تولدت عنها لردع عمليات إنشاء صور مزيفة لاستغلال الأطفال وإساءة الاستخدام.

ولا شك في أن توليد الصور الإباحية للأطفال بأدوات الذكاء الاصطناعي يسبب ضررا مجتمعيا كبيرا سيكتوي به الجميع؛ إذا لم يقم القائمون على “الذكاء الاصطناعي” بمسؤولياتهم النظامية والأخلاقية، والتي تتطلب وقفة حازمة من السلطات- عاجلة غير آجلة- أمام هذه السلوكيات البغيضة والمشينة، كما يجب إلزام جميع شركات التكنولوجيا المطورة لهذه التطبيقات وناشريها بالتدقيق وفحص المخرجات وسد الثغرات ونقاط الضعف التي يمكن من خلالها استغلالها في أغراض وممارسات لا أخلاقية، وتحميلهم المسؤولية وتبعاتها النظامية والأمنية والقضائية.

اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وسفاهة السفهاء، وأحفظ أطفالنا من كل سوء ومكروه. آمين