بلغ حجم التداول في سوق الخوارزميات العالمي نحو 11.7 مليار دولار أميركي في عام 2020، ومن المتوقع أن يصل إلى زهاء 26.3 مليار دولار أميركي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 10.7% خلال هذه الفترة، وفق ما ذكرته منصة “فيرفايد ماركت ريسيرش” (Verified Market Research) مؤخرا.
وتعتبر الخوارزميات العصب الأساسي للثورة التكنولوجية التي نشاهدها الآن عموما والذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص.
وتعتبر الخوارزميات أيضا العصب الأساس الذي بنيت عليه منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وهي بمثابة منجم الذهب الذي لا ينضب بالنسبة لهذه المنصات لما تدره من أرباح خيالية بسبب حجم المعلومات والبيانات التي تجمعها عن مستخدمي هذه المنصات وروادها، حيث يعاد بيع هذه البيانات واستغلالها في سوق التجارة الإلكترونية العالمي الذي يقدر بمليارات الدولارات.
وتقييم سوق منصات شبكات التواصل الاجتماعي العالمي يبلغ يقارب 193 مليار دولار أميركي عام 2019، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب قدره 25.4% ليصل إلى نحو 940 مليار دولار أميركي بحلول عام 2026، وذلك وفق ما ذكرته منصة “غلوب نيوز واير” (GlobeNewsWire) في تقرير لها مؤخرا.
ولا تفرض عليك منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من “تيك توك” (TikTok) إلى “تويتر” (Twitter) مرورا بـ”فيسبوك” (Facebook) و”إنستغرام” (Instagram) و”يوتيوب” (YouTube) أي شروط لاستخدامها، حيث تستطيع أن تبحر في هذا المنصات وتتفاعل معها بدون أن تدفع مقابل مالي، ولكن تذكر ما يقوله المثل الإنجليزي “إذا كان المنتَج مجانا فأنت هو المنتَج”.
وهو بالضبط ما تفعله هذه المنصات، فهي في مقابل خدماتها “المجانية” تريد أن تعرف كل شيء عنك، وتستخدمك لهذا الغرض الخوارزميات كجزء من برمجتها لجمع البيانات، وهذه الخوارزميات هي التي تحدد مسبقا نوع المحتوى الذي سيظهر لك بناء على استخدامك السابق، والمعلومات التي تجمعها عنك بدون توقف.
وتذكر أن هذه الخوارزميات تُقيّم بشكل مستمر طريقة تصرفك ومعلوماتك وتقدم لك المحتوى الذي تعتقد أنك سترغب في رؤيته، وكيف تتعامل وتتفاعل معه، وتعلم هذه الخوارزميات المزيد عنك وعن رغباتك، وهي تقوم بتغيير المحتوى المقدم لك بناء على هذا التعلم والمعلومات الجديدة التي تجمعها بشكل مستمر وبدون انقطاع عنك.
كما تعد الخوارزميات وسيلة لإبقائك على اتصال بمنصات وسائل التواصل الاجتماعي لفترات طويلة من الوقت (إدمان)، وتساعد أيضا شركات التواصل الاجتماعي في إنشاء ملفات تعريف أفضل عن اهتماماتك، فهم يراقبون كل تصرف لك بما في ذلك المعلومات التي تنشرها عن نفسك وعائلتك وأصدقائك، وكذلك المعلومات التي تنشرها عن الخدمات التي يقدمونها لك، والمواقع التي تزورها.
وبكل بساطة بإمكانك تخيل هذه الخوارزميات كأنها العين التي تراقبك وتتجسس على أدق خصوصياتك.
ولكن هل يمكن التغلب على هذه الخوارزميات؟
الإجابة نعم، وإليك الطريقة وفق ما ذكرته منصة “لايف هاكر” (lifehacker) في تقرير لها مؤخرا:
من الشائع أن تقترح منصات التواصل الاجتماعي محتوى معينا لك، بدلا من أن تجد الأشياء التي تحبها بنفسك، فستقدم لك هذه المنصات آخر الأخبار المحببة لك، وهكذا، أما إذا كنت من مشجعي الرياضة على سبيل المثال، وفتحت يوتيوب فستجد الصفحة ممتلئة باقتراحات لآخر فيديوهات هذا اللاعبين، وذلك بناء على سجل المشاهدة السابق لك، نعم، يمكن أن يكون ذلك مفيدا ويريحك من عناء البحث، ولكنك ستصبح في هذه اللحظة بالضبط في قبضة الخوارزميات، التي ستبقيك على المنصة أطول بكثير مما كنت تقصده في الأصل، وفي هذه الأثناء ستغذيك بالإعلانات التي تجني الشركات مبالغ طائلة مقابلها.
وذلك، لا تقبل ما تعرضه هذه المنصات من مواقع وأخبار، بل ابحث عما تريده وليس ما تريدك هي أن تشاهده، أو تقرأه، وإذا وجدت شيئا مثيرا للاهتمام في الاقتراحات، فابحث عنه يدويا وشاهده من هناك، نعم، ستستمر الخوارزمية في التعلم من سلوكك، لكنك لن تجعل الأشياء سهلة عليها وعلى من يقف خلفها.
كذلك، تغيير الاهتمامات مع تقديم أقل المعلومات في ملفك الشخصي
هذا يقودنا إلى التالي، إذا كان بإمكانك، فغيّر جدول الاهتمامات الخاصة بك من وقت لآخر، بدلا من تصنيفها وفق ما تعتقد الخوارزمية أنه الأكثر أهمية بالنسبة لك.
مثلا، إذا كنت معتادا على متابعة آخر مواقع معينة، فغيّر القائمة من الاهتمامات، ولا تقبل ما تعرضه الخوارزمية من خلال تفاعلك المباشر مع ما تقدمه لك، لا تدرب الخوارزمية بعد الآن، دعهم يتعبون خلفك، ولا تجعل الأشياء سهلة عليهم من خلال قبولك بما يقدمون لك من محتوى والتفاعل معه فور ظهوره.
كما ينصح بعدم عرض الكثير من المعلومات عنك في ملفك على المنصة، لا داعي لمعرفة عمرك أو مكان سكنك بالضبط على سبيل المثال، أو المطاعم التي تتردد عليها، أو نوع الطعام المفضل لديك، هذه أشياء خاصة بك، لماذا يجب عليك أن تخبر هذه الخوارزميات بكل شيء عنك؟
ايضاً استخدم المنصات بدون تسجيل الدخول عندما يكون ذلك ممكنا، لا تدع شبكة التواصل الاجتماعي المعنية تعلم أنك تستخدم خدماتها، مثلا تستطيع مشاهدة كل ما تريد من فيديوهات على يوتيوب بدون أن تسجل دخولك على المنصة، ولن يكون لدى يوتيوب وسيلة لربط نشاطك هذا بحسابك في غوغل.
نفس الشيء ينطبق على منصة “ريديت” (Reddit) تقريبا، حيث بإمكانك تصفح هذه المنصة بدون أن تضطر لتسجيل الدخول إلى حسابك فيها، والجوانب السلبية هنا أنك تفقد قدرتك على التعليق والتصويت على المنشورات، ولكن إذا كنت تعرف التعامل جيدا مع الإعدادات الافتراضية للمنصة، فإن التصفح بعد تسجيل الخروج يعمل بشكل جيد.
لكن هذا لا ينطبق على جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مثلا من المستحيل تقريبا استخدام فيسبوك وتويتر بدون تسجيل الدخول إلى حسابك، لذلك استخدم حسابا وهميا
يعد استخدام حساب “وهمي”، بدون أي من معلوماتك الحقيقية طريقة رائعة لجني فوائد هذه المنصات بدون الحاجة إلى القلق بشأن قيام الشركات الأم ببناء ملف تعريف دقيق عنك.
بالتأكيد، أن هذه الشركات لا تزال تطارد وتتابع كل ما تفعله على أنظمتها الأساسية، ولكن إذا لم تمنحهم المعلومات الأكثر أهمية عنك مثل اسمك وبريدك الإلكتروني وتاريخ ميلادك، وما إلى ذلك من معلومات، فسيكون من الصعب عليهم معرفة هويتك حقا، وتستطيع الاستمتاع بخدماتهم بدون أن تدفع الثمن من حياتك وخصوصيتك.
المصدر : مواقع إلكترونية