تحول القمامة إلى محركات اقتصادية خضراء من أفضل الممارسات العالمية في التعامل مع النفايات وإعادة تدويرها كأولوية بيئية وتطويرها لتصبح محركات اقتصادية تعود بالنفع عليها على أصعدة البيئة والصحة وحتى الاستثمار.
مصدر مربح
خطة فريدة أقدمت عليها جمعية بنك إعادة التدوير (ريسايكل بنك) عندما أقنعت سكان فيلادلفيا بمنحهم كوبونات لصرفها في الخدمات العامة مقابل فصل القمامة القابلة لإعادة التدوير عن تلك التي يتعين التخلص منها فعلاً. وكانت النتيجة زيادة كبيرة في معدلات اعادة التدوير وهذا النجاح أدى إلى توسيع رقعة الممارسة إلى ولايات أميركية أخرى كنيوجيرزي وديلاوير والعديد من ولايات نيوانجلاند، كما أثارت التجربة اهتمام أوروبا والسعودية.
وقالت كريستين ناب من جمعية مواطنون من أجل مستقبل بنسلفانيا المدافعة عن البيئة: “هذا كان أكثر الأمور إثارة في ما بين 15 و20 عاماً” في مجال اعادة التدوير. ويعمل ريسايكل بنك في اثنين من أحياء فيلادلفيا وبعض المناطق في الضواحي، ويشمل برنامجه نحو خمسة آلاف منزل منذ يناير عام 2005 مما حسن واحداً من أسوأ سجلات إعادة التدوير في الولايات المتحدة.
واجتذب البرنامج الناس بالسماح لهم بجمع كل مخلفات الزجاج والبلاستيك والألمنيوم والورق المقوى والصحف في صندوق قمامة واحد بدلاً من وضع كل عنصر من هذه في صندوق خاص. والصندوق المجمع يفرغه جامع قمامة محلي.
وقال رون جونين المشارك في تأسيس ريسايكل بنك إنه في حي تشيستنات هيل أحد احياء فيلادلفيا الغنية ارتفعت نسبة إعادة تدوير القمامة بالفعل إلى 50 % من أقل من عشرة بالمئة منذ أن بدأ البرنامج. وأكثر من 90 % من الأسر في المناطق التي بدأت فيها هذه التجربة الرائدة تعيد تدوير قمامتها ارتفاعاً من أقل من 25 بالمئة في بداية عام 2005.
وتحصل الأسر المشاركة على “دولارات ريسايكل بنك” التي تقدر حسب وزن صندوق القمامة. و”الدولارات” التي تصل قيمتها الشرائية الى 400 دولار سنوياً للأسرة تتبرع بها نحو 150 شركة محلية تسعى إلى اجتذاب المشترين بالنوايا الطيبة وتشجيعهم بتخفيضات تتراوح بين عشرة و20 في المئة. وقالت الين هاس وهي من سكان تشيستنات: “إنها فكرة عبقرية… 50 % من كل شيء يعاد تدويره لأنه يمكن إعادة تدويره”.
وتستفيد مدينة فيلادلفيا من خفض كميات القمامة التي يتعين عليها التخلص منها وتدفع نصف ما توفره من ذلك لريسايكل بنك. ومع ذلك مازالت فيلادلفيا هي صاحبة ثاني أقل معدل إعادة تدوير وهو خمسة بالمئة من بين المدن الأميركية التي يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة.
وقال جونين” ان فيلادلفيا يمكنها خفض فاتورة التخلص من القمامة بنحو 17 مليون دولار سنوياً على الأقل إذا حققت المستوى الذي تستهدفه لإعادة التدوير وهو 35 %. ويكلف البرنامج المدينة ما بين 12 و18 مليون دولار سنوياً. وقال كارلتون وليامز نائب رئيس إدارة الطرق بالمدينة إن المدينة تجري محادثات مع ريسايكل بنك لمد البرنامج ليشمل 7600 أسرة إضافية حتى تتمكن الجمعية من إثبات أن بإمكانها التغلب على “عيوب التشغيل”.
في عام 2012 أعاد الأميركيون تدوير 50 % في المائة من زجاجات البلاستيك الخاصة بالصودا والماء والمشروبات الأخرى مقارنة بنسبة 37 في المائة عام 1995. ويقول خبراء إعادة التدوير: إن الناس صاروا يشربون هذه المشروبات بعيداً عن منازلهم، والملتزمون وحدهم هم الذين يعودون بهذه الزجاجات إلى منازلهم، أما الآخرون فإنهم يلقون بها كيفما اتفق.
وقال ريشارم ليو، مدير أحد برامج الإرشاد: بصرف النظر عن جودة برامج التوعية التي تنشرها بين الناس، فإنك ستجد بعض المواد القابلة لإعادة التدوير في قمامتهم، فأنت لا يمكن أن تتوقع معدلات تصل إلى 100 % عندما تتعامل مع الجمهور.
كنوز القمامة
يحتل الألمان المرتبة الأولى في العالم بالفصل بين أنواع النفايات، فبينما يعاد تصنيع 40 % من النفايات في الدول الأوروبية، تبلغ النسبة في ألمانيا أكثر من 60 %. ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة بفضل قانون جديد. تعالج الصناعات الألمانية سنوياً ما قيمته 500 مليار يورو من المواد الخام. ويشكل هذا المبلغ 45 % من تكاليف الإنتاج، في حين تشكل الأجور 18 % فقط.
لذلك تعتقد كاتارينا رايشه، سكرتيرة الدولة في وزارة البيئة، أن كفاءة الموارد والمواد الخام باتت ضرورة ملحة لضمان الرخاء الاقتصادي والحفاظ على البيئة، وتقول: “أحد العوامل الأساسية في المنافسة والسلطة والثروة في القرن الواحد والعشرين سيكون القدرة على التعامل بذكاء مع المواد الخام والإنتاج بأسعار قادرة على المنافسة”. وتضيف بأن ألمانيا قررت كسب هذا التحدي، خاصة وأن الكثير من المواد الخام ستصبح نادرة وأسعارها سترتفع.
ولأجل كسب هذا التحدي، تراهن ألمانيا على تدوير النفايات وإعادة تصنيعها. وتعتبر أجهزة التليفون المحمول مثالاً جيداً على الكنوز المدفونة في النفايات: إذ يوجد في أدراج البيوت الألمانية حوالي 100 مليون هاتف محمول غير مستعملة، وكمية الذهب الموجودة في كل طن من الهواتف المحمولة تساوي 60 ضعفاً كمية الذهب الموجودة في طن من خام الذهب.
عمال تنظيف
ابتكرت إحدى المدن البلجيكية طريقة جديدة لمكافحة النفايات عن طريق تقديم الدجاج لسكان البلدة كجزء من حملة للحد من النفايات المنزلية. وستوزع مدينة موسكرون 50 زوجاً من طيور الدجاج على الأسر التي لديها منازل ذات مساحات كبيرة لتقوم هذه الطيور بالتهام بقايا الطعام الفائض عن حاجة الأسر.
ولكن يجب على السكان المشاركين في هذه الحملة التعهد بعدم أكل الدجاج الذي سيتم توزيعه لمدة سنتين على الأقل أو التخلص منه. وأوضح مسؤولون محليون أن المتقدمين سيحصلون من خلال مشاركتهم في البرنامج على إمدادات من البيض الطازج بدون مقابل. ويهدف المشروع إلى نشر طرق وأساليب بديلة لإعادة تدوير النفايات.
من جانبها قالت إدارة البيئة بمجلس المدينة مؤخراً: إنها تأمل في نجاح هذه التجربة بناء على تجربة سابقة مشابهة قام بها مجلس المدينة عن طريق توزيع الدجاج.وسيتلقى السكان المشاركون في التجربة تعليمات وإرشادات عن كيفية تربية الدجاج ورعايته. من جهته اكتشف فريق من العلماء الأميركيين في جمعية البحار التعليمية الأميركية، قارة من نفايات البلاستيك في شمال المحيط الأطلنطي على مساحه تعادل مساحة ولاية تكساس الأميركية، وهي شبيهة بتلك التي عثر عليها فى المحيط الهادئ في عام 1997.
مدافع عطور
وتشن بكين حرباً على الرائحة الكريهة لأكوام القمامة المتنامية فيها فقد نشرت أكثر من 100 مدفع لرش مواد معطرة على مقالب القمامة بها، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم مشكلة تعفن القمامة.
ومدافع المواد المزيلة للروائح الكريهة هي ابتكار لموظفي محطة جاوانتون لطمر النفايات في ضواحي بكين بعد ان اعتذر المسؤولون المحليون عن الروائح النفاذة الصادرة عن مكب القمامة ووعدوا بحل المشكلة. بحسب رويترز. واستخدم المسؤولون وسائل أخرى مثل أغطية تمتص الروائح وماكينة تستخرج الغازات كريهة الرائحة وتستخدمها في توليد الكهرباء.
وينتج سكان بكين الذين يزيد عددهم على 17 مليون نسمة 18400 طن من النفايات المنزلية يومياً. وتقول وكالة شينخوا الرسمية للأنباء: إن 90 % من هذه النفايات تذهب إلى 13 مكباً موزعة في المدينة. وتطلق المدافع سائلاً أنتج من مستخلص نباتي على القمامة الواردة إلى المكب. ويقول منتجو المركب الحيوي: إنه يقوم بمعادلة الرائحة ثم تدفن القمامة تحت أغطية تمتص الروائح الكريهة قبل رش المزيد من المواد المعطرة عليها.
السويد تستورد النفايات لتأمين الوقود المنتج للطاقة
تستثمر محطات التدفئة السويدية مليارات الكرونات لإنشاء محطات حرق النفايات بالرغم من النقص الذي تعرفه السويد في المواد الخام من النفايات. وأمام هذا النقص تفضل السويد استيراد الفضلات من البلدان الأخرى على مدى عقود، لكن السويد تفكر أيضاً بمخاطر حرق النفايات وآثارها السلبية على الصحة والعامة والبيئة.
فقد وجهت العديد من الجهات العاملة في مجال البيئة انتقادات شديدة لهذا المخطط. وقالت كاتارينا أوستلوند عن مصلحة حماية البيئة: “إن هذه الإجراءات تخرق بشكل واضح مخططات حماية البيئة في السويد. ولا تساهم على الإطلاق في تنمية الخطة الوطنية لإدارة وإعادة استعمال النفايات المتفق عليها”.
لكن لفيني فيكفيست رئيس اتحاد صناعة النفايات في السويد، يقول “لدينا فائض من الطاقة، ورغم ذلك فالشركات تسعى للمزيد، لهذا لا بد من استيراد الشركات للنفايات، لتأمين الوقود المنتج للطاقة. وللقيام بمثل هذه الإجراءات يجب الاعتماد بالأساس على النفايات المستوردة من الخارج”.
وتتوفر السويد على ثلاثين منشأة متخصصة في هذا المجال، تقوم بحرق ما يقارب خمس ملايين ونصف المليون طن من النفايات سنوياً. ويعتقد العاملون في هذا المجال أن مشروع بناء المزيد من المحطات لحرق النفايات يعتبر أمراً مهماً. وفي حالة إنجازه ستستطيع السويد حرق ما يزيد عن 30% من النفايات الإضافية، وذلك في غضون ست أو ثماني سنوات على أبعد تقدير.
ولتحقيق هذا الهدف تتوقع مصلحة النفايات، أن تقوم تلك الشركات باستيراد ما يقارب مليون طن ونصف المليون من الفضلات، على مدار سنوات طويلة، وهو ما يتعارض مع مخططات السويد والاتحاد الأوروبي في مجال التخلص من النفايات بطريقة تخضع لمعايير الحفاظ على البيئة.
هذا وأبدت كاتارينا أوستلوند تخوفها من خطة شركات حرق النفايات، خصوصاً أن الأمر يتعلق بمواد تعتبر عديمة الفائدة، وعند حرقها من طبيعة الحال يتم الحصول على الكهرباء والطاقة المزودة للتدفئة، مع العلم أن المنشآت الكبيرة تحتاج إلى تكاليف باهضة ووقت طويل للقيام بعمليات حرق الفضلات”.
فرز إلكتروني للنفايات بدل اليدوي
استعرضت شركة ترينيكنز Trinckens الألمانية المختصة بتقنية التخلص من النفايات، منشأة جديدة لفرز وتدوير الورق المستعمل الكترونياً محل الفرز اليدوي، وقالت إنها تضمن رفع حصة الورق المدور من الورق القديم بنسبة 15ـ20%.
وذكر فيلهلم تيرهورست، عضو مجلس الشركة التي تتخذ من كولون مقراً لها، أن النموذج الأصلي من المنشأة يجرى تجريبه بنجاح في الولايات المتحدة منذ شهر مارس الماضي وأنه يضمن رفع نوعية الورق المنتج كما يضمن خفض نسبة المواد غير الورقية والمضرة (الدبابيس والمشابك والمواد الملونة… إلخ) إلى أقل من 2.5% من مجموع الورق المدور.
وتتمثل أهم ميزات المنشأة الجديدة في قابليتها على الاستفادة القصوى من «الورق الحقيقي» الذي يعاد استخدامه في صناعة ورق الكتب والمجلات والصحف والذي يشكل عادة 40% من مجموع أطنان الورق القديم في ألمانيا.
المنشأة قادرة على فرز هذا الورق، الذي يعتبر «قلب الورق المدور»، عن الكرتون وعلب حفظ البيض والزجاج والدبابيس والأجزاء البلاستيكية في الأغلفة… إلخ. بمعنى آخر أنها تضمن، قياساً بظروف ألمانيا، الاستفادة القصوى من «قلب ورق» يشكل 8 ملايين طن من مجموع 13 مليون طن هي مجموع الورق القديم الذي يذهب إلى منشآت تدوير الورق في ألمانيا سنوياً.
حرق
84 % من النفايات مواد خام وشكاوى من البلديات
يقول إيريك شفايتزر: إن نسبة المواد الخام الثانوية في عام 1995 كانت تساوي 2 إلى 3 % من مجموع المواد الخام المستهلكة في ألمانيا. وفي عام 2011 ارتفعت هذه النسبة إلى 13 %. ويضيف شفايتزر: “إذا فحصنا حاوية نفايات في ألمانيا، سنجد أن 44 % من محتواها عبارة عن مواد عضوية و20 % عبارة عن معادن وبلاستيك وأخشاب، و20 % ورق وزجاج، وفقط 16 % نفايات لا يمكن إعادة تصنيعها”.
لكن إيريك شفايتزر وغيره من المسؤولين في شركات القطاع الخاص يشكون من أن البلديات تقوم بحرق جميع النفايات لتوليد الطاقة الكهربائية بأسعار رخيصة، من دون فصل النفايات الثمينة والمواد الخام. وهذا الأمر سوف يتغير ابتداء من عام 2015، بعد إدخال تعديلات على القوانين تجبر البلديات على عدم حرق النفايات قبل استخلاص المواد الخام الثانوية منها.
المصدر : مجلة البيان