حذرت الأمم المتحدة من أن التوجه نحو الاقتصاد الرقمي يأتي بتكلفة بيئية، إذ تستهلك مراكز البيانات الضخمة كميات هائلة من المياه والطاقة، ودعت الوكالة إلى استراتيجيات مستدامة لمواجهة الخسائر البيئية المتزايدة.
وقالت وكالة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة “أونكتاد” في تقرير لها إن الرقمنة تغذي النمو الاقتصادي العالمي، لكن تداعياتها البيئية أصبحت «شديدة بشكل متزايد».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” في التقرير «تستمر الرقمنة في التحرك بسرعة هائلة وتحسين سبل العيش، وفي الوقت نفسه تخاطر الرقمنة غير المنظمة بترك الناس خلفها وتفاقم التحديات البيئية والمناخية». وحذر من أن الاعتماد المتزايد على الأدوات الرقمية يؤثر بشكل مباشر على البيئة من استنفاد المواد الخام واستهلاك المياه والطاقة وتلوث الهواء وتوليد النفايات، وقال «تتفاقم هذه الأمور بسبب التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي».
شركات التقنية والبيئة
أعلنت شركة غوغل مؤخراً عن زيادة بنسبة 48 في المئة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي على مدى السنوات الخمس حتى عام 2023، ونُسبت إلى تشغيل مراكز البيانات التي تدعم عمليات الذكاء الاصطناعي.
وبالمثل أظهر أحدث تقرير استدامة لشركة مايكروسوفت زيادة بنسبة 29 في المئة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي العام الماضي مقارنة بعام 2020.
تعهدت كل من غوغل ومايكروسوفت بأن تصبحا محايدتين للكربون بحلول نهاية هذا العقد.
قالت مديرة التكنولوجيا والخدمات اللوجستية في “الأونكتاد”، إن السؤال إزاء ما ينبغي استخدام الذكاء الاصطناعي من أجله -سواء للصالح العام أو لمحركات البحث أو التسويق أو بيع القمصان- «لم يحدث بعد».
وأضافت «ولكن قبل فوات الأوان نحتاج إلى الشروع في مناقشة هذه القضية».
وفي تقريرها عن الاقتصاد الرقمي لعام 2024، قدمت “الأونكتاد” بعض الأمثلة على تأثيرات الاقتصاد الرقمي على البيئة؛ وجاء في التقرير “إن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات انبعث منه ما بين 0.69 و1.6 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2020، ويمثل ذلك ما بين 1.5 و3.2 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، وهو نفس ما يحدث تقريباً في النقل الجوي أو الشحن”.
وأضافت أن إنتاج جهاز كمبيوتر يزن كيلوغرامين يتطلب ما يقرب من 800 كيلوغرام من المواد الخام، إن الطلب على المعادن الحيوية مثل الجرافيت والليثيوم والكوبالت قد يرتفع بنسبة 500 في المئة بحلول عام 2050.
مراكز البيانات واستهلاك الطاقة
استهلكت مراكز البيانات 460 تيراواط ساعة من الكهرباء في عام 2022، ومن المتوقع أن يتضاعف الاستهلاك بحلول عام 2026.
وأشار التقرير إلى أن استخدام مراكز البيانات للكهرباء في دولة مصل “أيرلندا” تضاعف أكثر من أربعة أضعاف بين عامي 2015 و2022، ويمثل الآن 18 في المئة من استهلاك الكهرباء في البلاد بالكامل – وهو رقم قد يرتفع إلى 28 في المئة بحلول عام 2031.
ارتفع استهلاك الطاقة العالمي لتعدين “البيتكوين” -العملة المشفرة الأكثر شهرة- بنحو 34 ضعفاً بين عامي 2015 و2023 ليصل إلى ما يقدر بنحو 121 تيراواط ساعة.
وقالت رئيسة “الأونكتاد” إن هذا يضع تعدين “البيتكوين” في مرتبة متقدمة على دول بأكملها مثل بلجيكا وفنلندا، أن هذا «ليس شيئاً يمكننا اعتباره هامشياً»، وتابعت «التحول الرقمي هو محرك مرحب به وضروري للنمو الاقتصادي العالمي، لكننا بحاجة إلى القيام بذلك بطريقة شاملة ومستدامة».
واختتمت «مع تفاقم المخاوف البيئية بسبب التحول الرقمي السريع، أصبح من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى وضع السياسات الصحيحة حتى نتمكن من إدارة التأثير على البيئة بشكل صحيح».