||العدل واجب لكل أحد وعلى كل أحد، في كل حال، والظلم مُحرَّم مطلقا لا يباح قط بحال||

  • — الثلاثاء فبراير 18, 2025
جاء في الحديث القدسي عن النبي -ﷺ- فيما روى عن الله تبارك وتعالى، أنه قال: {يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا،،، } الحديث.
فقوله سبحانه وتعالى: «يا عبادي» فخاطب عباده من الثقلين الإنس والجن، «إني حرمت» أي: منعت «الظلم على نفسي»، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وقد تقدس الله سبحانه عن ذلك وتعالى عليه، فهو في حقه مستحيل، «وجعلته بينكم محرما» أي: حكمت بتحريمه فيما بينكم وألزمته إياكم، فإذا علمتم ذلك فلا يظلم بعضكم بعضا، وهذا توكيد لقوله تعالى: «وجعلته بينكم محرما» وزيادة تغليظ في تحريمه.
والظلم أنواع، أعظمها الشرك بالله تعالى؛ قال الله سبحانه: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13]، ومنها: ظلم العبد لنفسه بفعل المعاصي والآثام، ومنها: ظلم العبد لغيره بالتعدي على ماله أو دمه أو عرضه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “ومعلوم أننا إذا تكلمنا فيمن هو دون الصحابة، مثل الملوك المختلفين على الملك والعلماء والمشايخ المختلفين في العلم والدين، وجب أن يكون الكلام بعلم وعدل، لا بجهل وظلم، فإنّ العدل واجب لكل أحد وعلى كل أحد، في كل حال، والظلم مُحرَّم مطلقا لا يباح قط بحال؛ قال -تعالى-: {ولا يجرمنّكم شَنَآنُ قوم على ألا تعدِلُوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}. [المائدة:8]. وهذه الآية نزلت بسبب بغضهم للكفار، وهو بغضٌ مأمورٌ به، فإذا كان البغض الذي أمر الله به قد نهى صاحبه أن يظلم من أبغضه، فكيف في بغض مسلم بتأويل أو شبهة أو بهوى نفس؟! فهو أحق أن لا يُظلم، بل يعدل عليه” أ.هـ. [منهاج السنة (5/126)].
إنّ من يتعود على الظلم، قد لا يستطيع أن يفهم العدل؛ ولا يوجد أقوى من ذاكرة المظلوم، ولا أضعف من ذاكرة الظالم، قال الناظم:
وما مِن يدٍ إِلا يدُ اللهِ فوقها … ولا ظالم إلا سيُبلى بأظلمِ
لا تظلمنّ اذا ما كنت مقتدراً … فالظلم آخره يفضي الى الندمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبه … يدعو عليك وعين الله لا تنمِ.
والظلم قبيح وعاقبته وخيمة، فلا ينبغي للعبد أن يغتر بحلم الله عليه؛ فقد يكون ما عليه من الأمن في المعصية والظلم لنفسه ولغيره، إنما هو استدراج من الله تعالى له، حتى إذا سبق الكتاب أخذه الله بما قدم من عمل، فلا يجد له من دونه وليا ولا نصيرا.
اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بكَ من أن نزلَّ أو نضلَّ أو نظلمَ أو نظلمَ أو نجهلَ أو يجهلَ عَلينا.