مع أن الاقتصاد الربوي قد أنشب أنيابه بقوة في كل أنحاء الجسد البشري على المستوى العالمي مبتلعاً في طياته الأفراد والشعوب، سواء منها الإسلامية وغير الإسلامية، إلا أن بعض الجهود – ولو على نحو ضئيل – للتخلص شيئاً فشيئاً من براثن بعض تلك الأنياب الحادة، من خلال المصارف الإسلامية وبعض المؤسسات الاقتصادية القائمة على المنهج الإسلامي في المعاملات المالية، باعتبار أن التوازن الاقتصادي في المجتمع الإسلامي هو أحد المقاصد التي رمت الشريعة إلى تحقيقها.
فالمصارف الإسلامية في ظل إستراتيجياتها السابقة؛ متفردة بهويتها، لا تصدر الأزمات الاقتصادية، بل تقدم منهجاً متفرداً، وتصدر الحلول للمشكلات، حيث تستطيع في ظل إستراتيجية واضحة أن تستأثر وتستأسد بحصة من السوق المصرفية لا يستطيع غيرها ينافسها فيها، وهي:
- شريحة الذين لا يرغبون في التعامل بسعر الفائدة.
- شريحة الذين يرعبون في الحصول على مزايا العمل المصرفي الإسلامي.
- شريحة الذين ينادون بتنمية حقيقية مستمرة تقوم على بناء اقتصاد إنتاجي حقيقي.
إن التحدي الاقتصادي الذي يواجه العالم الإسلامي ذو طابع فريد وحاسم وقوي، وعلى المخططين الاقتصاديين الإستراتيجيين في حكومات هذه الدول أن يجيل النظر جيداً في الأرقام الاقتصادية التي تدق بعنف ناقوس الخطر للزمن القادم، ومن تلك الأرقام على سبيل المثال – ما جاء في بحث بعنوان (العولمة مفاهيم ومقارنة)، حيث ذكر أن:
- 500 شركة عملاقة عابرة للقارات تسيطر على 70% من حركة التجارة العالمية.
- 350% شركة استأثرت بـ 40% من التجارة العالمية.
- 6 شركات تسيطر على 85% من تجارة الحبوب.
- 3 شركات تسيطر على 83% من تجارة الكاكاو.
- 7 شركات تسيطر على 90% من تجارة الشاي.
- 3 شركات تسيطر على 80% من تجارة الموز.
- 358 فرداً يملك الواحد منهم مليار دولار على الأقل ؛ بما يضاهي ما يملكه 2,5 مليار نسمة.
- يوجد في الدول النامية 1,3مليار شخص يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، و11% من سكان الدول الصناعية يعيشون بأقل من 11,4دولار.
- يمتلك أغنى ثلاثة أشخاص في العالم أكثر من مجموع الناتج الإجمالي الداخلي للدول الـ48 الأكثر فقراُ في العالم، فيما يمتلك أغنى 15شخص في العالم أكثر من مجموع الناتج الإجمالي الداخلي لدول إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء، ويمتلك أغنى 32 شخصاً في العالم أكثر من الناتج الإجمالي الداخلي لدول آسيا الجنوبية.
- 20% من قوة العمل ستكفي حالياً لإنتاج كل السلع التي يحتاج إليها المجتمع العالمي، 80% ستواجه شيئاً آخر.
- تكلف تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية لسكان العالم 13 مليار دولار ؛ في حين تكلف أغذية الحيوانات في أوروبا والولايات المتحدة 17مليار دولار ؛ والاستهلاك السنوي من التبغ في أوروبا 50 مليار دولار، واستهلاك المخدرات يكلف العالم 400 مليار دولار سنوياً، والإنفاق العسكري العالمي يبلغ 780 مليار دولار سنوياً.
- يستهلك كل أمريكي 119 كجم من اللحم سنوياً، والنمساوي 103 كجم سنوياً، في حين يبلغ متوسط ذلك في بنغلادش 3كجم سنوياً؛ وفي الهند 4 كجم.
لا داعي للاستطراد أكثر من ذلك، فما ذكر من أرقام كاف للدلالة على خطورة العولمة الاقتصادية وأهمية العمل الجماعي لتحقيق بركة الاقتصاد الإسلامي للجميع.