«التركيز جوهر الإنجاز المتميِّز»

  • — الخميس مايو 15, 2025

تمرّ بالمرء أوقات يكاد يشتعل فيها نشاطاً وحماسةً وتوثّباً، ويتعجب من أين يأتيه كل هذا الوقود المشع، والمزاج المبتهج.

فليعضّ على هذه الأوقات بالنواجذ، وليضاعف فيها العمل إلى أقصى الطاقة، لأنها لا تدوم، وسيعود لحال من السكون، والبرود. وهذا معنى شائع، ومعروف، ولكن الذي ينبغي إلحاقه بهذا المعنى، أن يسعى المرء لتوفير البيئة المناسبة للظفر بهذا المزاج المتوقد، والذهن المستعد للتركيز.

وهكذا، فلو تستخلص من وقتك بضع ساعات كل أسبوع -مثلاً- للقيام بعمل محدد ومفيد، لكن بتركيز، وتفرغ ذهني ونفسي ومادي كامل، سترى كيف تصنع تلك الساعات المركزة الفارق في تحقيق الإنجاز المتميِّز.

إن من جملة الضعف المستولي على البشر التفاوت الشديد في العزيمة، وانحلال عرى الإرادة في وسط العمل، أو قبله، وفي بعض الأحيان لا تجد لتحول الإرادة وتبدلها وانفساخ الهمم؛ علة معقولة، ولا سبباً ظاهراً، سوى التشتت، وعدم الاستعانة بالله.

ولهذا قيل لأعرابي: بِمَ عَرَفْتَ ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم؛ بنقض العزائم، يعني: الإنسان يعزم على الشيء عزمًا مؤكَّدًا وإذا به ينتقض!! مَن نقض عزيمته؟ لا يشعر، ما يشعر أن هناك مُرَجِّحًا أوجب أن يعدل عن العزيمة الأولى، بل بمحض إرادة الله، صرف الهمم؛ يهم الإنسان بالشيء ويتجه إليه تمامًا، وإذا به يجد نفسه منصرفًا عنه، سواء كان الصارف مانعًا حِسٍّيًّا، أو كان الصارف مجرد اختيار، اختار الإنسان أن ينصرف، كل هذا من الله عز وجل، الذي يعلم ما خانت أعين عباده، وما أخفته صدورهم.

اللهمَّ يسِّرْنا لليُسرى، وجنِّبْنا العُسرى، واغفِرْ لنا في الآخرةِ والأولى. أَنْتَ المُسْتعانُ، وعليك التُّكْلاَن، ولا حوْل ولا قُوَّةَ لنا إِلَّا بِك.