“إنتاج القيمة في إحدى مراحل دورة الابتكار يسهم في خلق قيم وفرص في بقية المراحل”
الكاتب: “كيفن رايلي”-23 سبتمبر 2014م
لقد عملت في وظيفة المدير التنفيذي للابتكار Chief Innovation Officer (CINO) لشركة رأسمالها 8 مليارات دولار، ودوري كأعلى مسؤول في الشركة كان يتركز على الابتكار، وهو دور في جزء منه داعم، وفي جزء منه مشرف، وفي جزء منه مفتش.
والوظيفة الأساسية للمدير المسؤول عن الابتكار CINO هي خلق الابتكار، وهذا لا يعني أنك المصدر الوحيد للأفكار، ولست أنت وحدك من يقرر مصير الأفكار العظيمة أو من يصدر أحكامه عليها. بل إن دورك هو ضمان عمل “النظام” الذي تعمل به؛ كالمحرك الذي يخلق الاكتفاء الذاتي.
إذا كيف يمكنك إنشاء محرك يصنع الاكتفاء الذاتي من المواد الخام التي ليست ملائمة بالضرورة لعملية الابتكار؟ ومن هنا يبدأ دور فكرة الابتكار باعتبارها دورة حميدة. ودورة الابتكار هي سلسلة معقدة من الأحداث التي تعزز نفسها من خلال حلقة التغذية الراجعة، وتنتج نتائج إيجابية. وعكس ذلك الحلقة المفرغة. كل جزء من أجزاء الحلقة الحميدة يخلق قيمة فردية، بالإضافة إلى قيمة مشتركة مع النظام البيئي برمته.
وهكذا؛ يصبح مجموع الأجزاء أكبر إلى حد ما من النظام ككل. الجزء الإيجابي هو الذي ينجح في إنتاج القيمة في خطوة واحدة من الدورة، لتؤدي هذه الخطوة إلى قيمة وفرصة في الخطوات الأخرى. وإذا ما تم تنفيذه بالطريقة المثلى؛ فإن فكرة الابتكار كحلقة إيجابية تحفز الأفكار “المناسبة” المقبلة.
والخطوات التالية توضح مراحل دورة الابتكار الإيجابية :
أولا : مصدر الفكرة
الفكرة مصدرها الناس -الزبائن والموردون والمنافسون، والموظفون- هم الذين يخلقون الأفكار. بالنسبة للبعض منهم؛ توليد الفكرة ينبع في الأصل من طريقتهم في العمل والتفكير، وبالنسبة للبعض الآخر؛ فالأمر مختلف. لكن أكثر من ذلك؛ الثقافة السائدة في مؤسستك قد تكون واحدة من الحلقات التي تعزز السلبية (أو الحلقة المفرغة)، وهي الثقافة التي تميل إلى معاقبة أي تفكير يحاول الخروج عن القواعد السائدة. تقول الحكمة: إن أردت أن تصنع شريحة لحم جيدة؛ عليك أن تبدأ بقطعة جيدة من اللحم ثم تصنع منها ما تريد. وبالمثل في مجال الابتكار؛ خط الإنتاج الجيد أو نموذج الأعمال الجيد هو دائما ثمرة فكرة عظيمة.
إذا كيف يمكنك أن تزرع الأفكار العظيمة فقط؟ عليك أن تبحث عن البذور الجيدة فقط.
ودورك بصفتك المدير المسؤول عن الابتكار CINO في هذا هو إيقاظ مصادر أفكارك حتى يدركوا أن لديهم دورا حيويا في عملية الابتكار، وأن تدافع عن حقهم في الحصول عليه؛ وبقوة. وهنا تكمن أهمية دورك كمؤيد. والبعض الآخر سيحترم ما تتفحصه أنت بنفسك. كن الرئيس الذي يبشر بفكرة خلق الأفكار الجديدة، ولا تجعل من نفسك المبتكر الرئيس/الأساس للأفكار. بصفتك المدير المسؤول عن الابتكار؛ يجب أن تنفق جهدك ووقتك في إزالة الجمود من مصادر فكرتك، وفي تشجيعهم على التفاعل والمشاركة عن طيب خاطر وبشكل تدريجي. لا يمكنك أن تفعل هذا إذا كنت مشغولا بإطلاق أفكارك الخاصة.
ثانياً : تركيز الفكرة
الخطوة التالية هي تركيز الفكرة. والتركيز ؛هنا وفي جميع الأشياء؛ هو المفتاح. فالتركيز يقلل من الهدر ويسمح للأفكار الجيدة بالمساهمة في القضية. كما أن التركيز يتيح لك الاستفادة من مصادر الفكرة بطريقة أفضل. أزعم أنه حتى المصادر الهزيلة يمكنها تقديم أفكار إضافية حول كيفية تغيير ظروفها الحالية إلى الأفضل. والجانب المفيد في هذه الخطوة يأتي عندما تضع حدودا لجهودك في الابتكار، وذلك من خلال ربطها وبشكل واضح مع استراتيجية المنظمة. قم بوضع هذه الحدود واطلب من مصادر الأفكار لديك المساهمة في هذا السياق فقط. حدد اتجاها نهائيا، وهذا سيساعدك على توفير المزيد من الوقت والجهد. تحديد الاتجاه النهائي سيساعد أيضاً على إلزام أي شخص في المنظمة بالتقيد به، والمساهمة فيه، وبالتالي تنفيذ الاستراتيجية.
أقترح أن تقوم كل عام بتحديد ثلاثة (فقط ثلاثة) أفكار أو مشكلات رئيسة يحتاج حلها إلى الابتكار. ومن ثم قم بدعوة مصادر الأفكار رسمياً للبحث لها عن حلول. تذكر أن ما نتحدث عنه الآن هو الابتكار في المنظمة/الشركة؛ وليس التعجيل ببدء التشغيل. الهدف هو أن تجعل المنظمة/الشركة التي تعمل بها تعمل بطريقة تتوافق مع توجهاتها الاستراتيجية. كما قلت سابقاً؛ لا يسمح للمدير المسؤول عن الابتكار أن يتعامل مع الفكرة العظيمة ببرود، والتغريد خارج السرب، هذا بالنسبة للمبتدئين. دورك هو توجيه وقيادة “النظام” لكي يستخدم الابتكار كنقطة انطلاق وكدافع للنجاح.
ثالثاً : معالجة الفكرة
من المستحيل دائماً على أي منظمة أن تتعامل مع جميع أو حتى غالبية الأفكار التي تتلقاها من صناع الابتكار؛ لأن فرق الابتكار عادة ما تكون صغيرة ويمكنها فقط معالجة مجموعة من الأفكار في وقت واحد. لذلك يجب أن تكون عملية تصفية، بتصنيف الأفكار وفصل الغث عن السمين. في ابتكار المؤسسات؛ الأفكار ليست كلها جيدة، كما أن الأفكار الجيدة لا يمكنها كلها أن تحقق التقدم.
هناك العديد من أنظمة التقنية التي تساعد على القيام بأجزاء من هذه العملية آلياً. ولكن التقنية يمكنها تحويل الجيد فقط إلى الأفضل، لا يمكنها تحويل الأشياء الجيدة إلى أشياء عظيمة. لإنشاء محرك عظيم للابتكار؛ فإن المدخلات (الأفكار من مصادر أفكارك) يجب أن تتطور إلى منبع متوافق مع استراتيجية مؤسستك (التركيز)، وكذلك الرقابة الذاتية (الكفاءة). أنا شخصياً أؤيد وجود عملية معينة لتحديد أي صلة بين الأفكار واستراتيجية المنظمة؛ والمشكلة التي يتعين حلها أو العمل الذي يراد القيام به. ومن هنا يأتي الدور الإشرافي للمسؤول عن الابتكار CINO.
إن أهمية هذه الخطوة تأتي من إنشاء عملية واضحة وبسيطة وشفافة يمكن لأي شخص استخدامها، ومن مسؤولية الجميع المحافظة عليها. الإفراط في تعقيد العمليات يؤدي إلى عدم الاستخدام أو الحلول البديلة. عدم الالتزام لديه النتائج نفسها. وفي كلتا الحالتين؛ دورك كمشرف على العملية أمر بالغ الأهمية وضروري جداً. فكن مرناً بما فيه الكفاية لمعرفة متى تحتاج العملية نفسها إلى الابتكار.
رابعاً : نتائج الفكرة
كما قال “توماس أديسون”، قيمة الفكرة تكمن في استخدامها. ولاستخدام فكرة ما؛ يجب أولا أن تتوفر لدينا وسائل واضحة لقياس ذلك الاستخدام، ولاعتماده وتنفيذه، وتحديد مدى فائدته، وهلم جراً. فالفكرة الجيدة –التي يتم توليدها من خلال عملية سليمة– تظل لا قيمة لها ما لم تؤد إلى نتائج ذات قيمة. ولا يمكن معرفة هذه القيمة إلا إذا كانت قابلة للقياس أو أمكن نسبتها إلى جهة بعينها.
القابلية للقياس نعني بها أن الأفكار الجيدة تخلق قيمة يمكن حسابها لهدف محدد. ويمكن نسبتها إلى جهة بعينها؛ أي أن الأفكار الجيدة أيضا ينسب الفضل في إيجادها إلى المبدعين؛ الذين قاموا بابتكارها ومن قاموا بتمحيصها وقياسها.
ثم من بعد ذلك يأتي قياس مدى تقدم الفكرة والبناء عليها، ويفضل أن يكون ذلك من خلال إيجاد مصادر للأفكار من أولئك الذين يحصلون على قيمة النتائج التي تحققها الفكرة.
قيمة هذه الخطوة تأتي عندما تقوم بتوسيع حلقة الابتكار الإيجابية بإتاحة فرصة للمستخدم النهائي لكي يصبح هو الآخر مصدراً للفكرة. المتبنون الأوائل للفكرة هم على النحو التالي: الذين يتبنون القدرات الجديدة أو العمليات التجارية، أو الذين تسفر ملاحظاتهم أو اقتراحاتهم بشأن فكرة العمل عن محور من العملية، أو القدرات، أو الفكرة الأصلية.
إذا كان صناع قيمة الابتكار لديك لا يأخذون في نهاية المطاف المزيد من الأفكار من مستقبلي القيمة بدلاً ممن يقومون بتوصيل القيمة؛ فلديك مشكلة. عليك استخدام الدورة الإيجابية لتحريك مصادر الفكرة، والتركيز على الفكرة التي تنسجم مع من تُخلق القيمة من أجلهمجلأجلهم، وتحويل منظمتك/شركتك من مبتكر للفكرة إلى منفذ لها. ومن المنطقي أنه إذا كان الزبائن متفاعلين معك ويخبرونك عما يريدون؛ فكل ما تحتاجه حينئذ للحفاظ على نجاحك هو فريق من الخبراء يقوم بتسويق الأفكار.
تحقيق النتائج الباهرة على مدى فترة طويلة من الزمن علامة على وجود نظام للابتكار يتمتع بكفاءة عالية في الأداء. من الممكن تحقيق نتائج على المدى القصير دون أن تكون هناك دورة إيجابية للابتكار؛ غير أن حلقات الابتكار هي الطريقة الوحيدة حسب علمي لخلق نتائج فارقة على المدى الطويل.
المصدر: www.innovationexcellence.com
كلام جميل
ومن اعظم مصادر الابداع واهمها : التامل والصدفه