جميع الأعمال تسعى الى تحقيق المكاسب المالية، لكن المؤسسات التي تعمل بخط الأساس الثلاثي (اضافة القيم الاجتماعية والبيئية الى المالية/الاقتصادية) تدرك أنه باستطاعتها تحقيق المزيد من المكاسب، وهذه الفكرة لم تجد الاهتمام الذي تستحقه إلا في الآونة الأخيرة وأصبحت هي التي تستند إليها عملية اتخاذ القرار في أفضل العلامات التجارية في العالم.
ما هي نظرية خط الأساس الثلاثي؟
يشغل قادة الأعمال في الأحوال التقليدية أنفسهم بأرباحهم النهائية، أو بالأرباح النقدية التي حققتها شركاتهم، بيد أنه بدأ الكثير من القادة بالتفكير على نحو مستدام. نظرية خط الأساس الثلاثي تقوم على توسيع الإطار المحاسبي التقليدي ليشمل مجالين آخرين للأداء: الآثار الاجتماعية والبيئية لأعمالهم، وغالبًا ما يشار إلى هذه العناصر الثلاثة بأنها: الناس People ، والأرض Planet ، والأرباح Profit ، ويرمز لها بـ (3 P’s) باللغة الإنجليزية.
وفيما يلي سنتناول كل عنصر على حدة بالمزيد من التفصيل.
الناس People
تعبر هذه القاعدة “الناس” عن الموظفين والعمال في الشركة، والمجتمع الأوسع الذي تعمل فيه، وهناك طريقة أخرى ينظر بها إلى هذه القاعدة وهي: إلى أي مدى تعد الشركة مفيدة بالنسبة للمجتمع؟ فالشركة التي تعمل بنظرية خط الأساس الثلاثي تدفع أجور عادلة وتتخذ الخطوات اللازمة لضمان ظروف العمل الإنسانية في مصانع الموردين، وتبذل جهدها “لخدمة” المجتمع.
على سبيل المثال، تشارك كل من شركة 3M و يونايتد واي United Way في تمويل مبادرة تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM Education ) في جميع أنحاء العالم، وتعتبر هذه المبادرة مثالاً على المصلحة الذاتية المستنيرة “enlightened selfinterest” الأمر الذي يعزز مصالح الآخرين، وفي نهاية المطاف، يخدم مصلحة الفرد الذاتية، حيث يستفيد المجتمع وتحقق الشركات لنفسها مصدرًا جيدًا من العلماء والمبتكرين للأجيال القادمة.
كوكب الأرض Planet
كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في عام 2016 أن 64 في المائة من الأمريكيين قلقون بشأن الاحتباس الحراري العالمي، وقد أملى الرأي العام على الشركات التي تضر بالبيئة أن تتحمل أيضاً تكلفة هذا الاحتباس الحراري الذي يعاني منه العالم، ويمكنك المراهنة على أن الرسالة وصلت هذه الشركات، جزئية “كوكب الأرض” تتعلق بأن تحاول الشركة التقليل من الآثار البيئية لأعمالها قدر الإمكان، وقد تتمثل هذه الجهود في الحد من النفايات، والاستثمار في الطاقة المتجددة، وإدارة الموارد الطبيعية بشكل أكثر كفاءة، وتحسين الخدمات اللوجستية.
شركة Apple على سبيل المثال ، استثمرت بكثافة في الاستدامة البيئية، حيث أن مراكز البيانات الضخمة التي تملكها الشركة في الولايات المتحدة حاصلة على شهادة الاعتماد من نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة والمعروف اختصارا بـ ((LEED، حيث أعلنت الشركة في عام 2016 ، أن 93 في المئة من طاقتها تأتي من مصادر الطاقة المتجددة، هذه الإجراءات، دفعت الشركات العملاقة الأخرى العاملة في مجالات التقنية مثل Facebook و Google نحو استخدام المزيد من مصادر الطاقة المتجددة لمرافق الطاقة.
الربح Profit
بينما تسعى جميع الشركات إلى تحقيق الربحية المالية، فان الشركات التي تعمل بنظرية خط الأساس الثلاثي تنظر إلى الأرباح على أنها جزء من خطة العمل، كما تدرك المنظمات المستدامة أن “الربح” لا يتعارض تماما مع القاعدتين الأخريين “الناس” أو “الكوكب”.
لقد أفادت شركة ايكيا IKEA السويدية العملاقة للأثاث عن مبيعات بلغت 37.6 مليار دولار في عام 2016، وحققت الشركة في العام نفسه، أرباحا عن طريق إعادة تدوير النفايات في بعض المنتجات التي تبيعها لعملائها، حيث أن هذه النفايات كانت قبل ذلك تكلف الشركة أكثر من واحد مليون دولار في السنة، وشركة إيكيا IKEA الآن في طريقها لإرسال صفر نفايات إلى مكبات النفايات “zero waste to landfill” في جميع أنحاء العالم، وتقول السيدة جوانا يارو Joanna Yarrow ، مديرة الاستدامة بفرع شركة ايكيا IKEA في بريطانيا: “نحن لا نفعل ذلك لأننا من معجبي الأشجار، بل نفعل ذلك لأنه فعال جدًا من حيث التكلفة”.
(مقطع توضيحي باللغة الإنجليزية Whiteboard )
فوائد خط الأساس الثلاثي Benefits of the Triple Bottom Line
بالرغم من وجود نظرية خط الأساس الثلاثي منذ عقود، إلا أن بعض الأحداث التي وقعت مثل الأزمة المالية لعام 2008، وكارثة التسرب النفطي التي حدثت لشركة بريتيش بتروليوم BP، وكذلك التغير المناخي، ألقت الضوء دائما على أخلاقيات الشركات والمسؤولية الاجتماعية لها حيث أن الطريقة المعتادة للأعمال أصبحت الآن لها معنى مختلف تماماً.
بالنسبة للشركات العالمية Global companies، فإن تغيير العمليات بحيث يمكن فيها التقليل من المخاطر ومكافحة التغير المناخي يتطلب الكثير من الوقت والمال. لكن الاستثمار المسبق في استدامة الشركات يمكن أن يؤتي ثماره، فقد وجدت الدراسة التي أجراها معهد ماساتشوستس للتقنية MIT أن الشركات التي عالجت الاستدامة وأخذته على محمل الجد – من خلال إعداد دراسة جدوى لها ووضع أهداف ملموسة – هي الشركات التي استفادت من الأنشطة المستدامة.
ويعتمد نجاح وربحية مبادرات استدامة الشركات على شيء واحد: موظف موهوب يعرف كيف يمكنه نقل نظرية خط الأساس الثلاثي من نظرية إلى واقع ملموس.
يجب أن يكون لدى هذا الموظف معرفة متخصصة في العلوم البيئية والمحاسبة والاقتصاد بالإضافة إلى المهارات القيادية والقدرة على التفكير المنظومي Systems Thinking في اتخاذ القرارات الاستراتيجية للأعمال.
الاستدامة هي المستقبل. ومع هذا المزيج الفريد من الخبرة والمهارات، يمكن لمتخصصي الإدارة المستدامة بناء بعض الشركات التي تعمل بخط أساس ثلاثي أكثر ازدهاراً في العالم.
المصدر: https://sustain.wisconsin.edu
1
Comments are closed.