يعرف البنك الدولي المسؤولية الاجتماعية للشركات (الخاصة والعامة) على أنها “التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام بالتنمية المستدامة من خلال العمل مع المجتمع المحلي، بهدف تحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الاقتصاد، ويخدم التنمية في آن واحد”.
ويعرف مجلس الأعمال العالمي المسؤولية الاجتماعية للشركات (الخاصة والعامة) على أنها الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقيا والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل.
لم يعد تقييم شركات القطاع الخاص والعام يعتمد على ربحيتها فحسب، ولم تعد تلك الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والإدارية، وكان من أبرز هذه المفاهيم : مفهوم “المسؤولية الاجتماعية “.
لقد أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص والعام محورياً في عملية التنمية، وهو ما أثبتته النجاحات التي حققتها الاقتصادات المتقدمة في هذا المجال، ومؤسسات القطاع الخاص والعام غير معزولة عن المجتمع، واصبح ضروري توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية، مثل هموم المجتمع والبيئة، والأخذ بعين الاعتبار الأضلاع الثلاثة التي عرّفها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة وهي: النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.
إن قيام القطاع الخاص أو العام بالمسؤولية الاجتماعية يضمن _إلى حد ما_ دعم جميع أفراد المجتمع وكذلك الجهات الرسمية لأهدافها ورسالتها التنموية والاعتراف بوجودها، والمساهمة في إنجاح أهدافها وفق ما خطط له مسبقاً، علاوة على المساهمة في سدّ احتياجات المجتمع ومتطلباته الحياتية والمعيشية الضرورية، بالإضافةً إلى خلق فرص عمل جديدة من خلال إقامة مشاريع خيرية واجتماعية ذات طابع تنموي.
في دراسة لجامعة هارفارد أثبتت أن الشركات التي تطبق مبادئ المسؤولية الاجتماعية نمت بمعدل أربعة أضعاف عن التي لم تتبنى هذا المجال.
إن البيئة التنافسية الناجحة تحتاج إلى شركات ناجحة والعكس صحيح إن المسؤولية الاجتماعية لا يمكن أن تقوم على قرارات أو قوانين ولكنها شعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، وقد أكدت الدراسات أن هناك ارتباطاً طردياً بين تطبيقات المسئولية الاجتماعية للشركات وتعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد، وغير خافٍ على أحد التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي يستلزم تكاتف وتعاضد كل القطاعات لمواجهة تحديات التنمية لا سيما والبلاد تشهد تحولات جذرية تهدف من خلالها إلى مواكبة المتغيرات والدخول في تكتلات والانضمام إلى منظمات واتفاقيات تفترض جميعها شراكة حقيقية تجمع القطاع الخاص والعام والمجتمع المحلي.
وغني عن القول ونحن نعيش في مجتمع مسلم أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية مرتبط بقيمنا الإسلامية بل وحتى عاداتنا الاجتماعية، وهو ارتباط وثيق يعزز مفاهيم التعاون على البر والتقوى ومد يد العون والتراحم والمنفعة المتعدية.
ومن هنا كان نشر مثل هذه المفاهيم وتطبيقها تعتبر خدمة جليله وشراكة مجتمعية حقيقية تقدم للوطن والمواطنين.