“الأشخاص الذين يعرفون ما يريدون قوله، لا يحتاجون إلى البوربوينت PowerPoint.” ستيف جوبز
قال وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس James Mattis ان “تطبيقات البوربوينت تجعلنا نبدو كالأغبياء”. وكغيره من كبار القادة العسكريين اليوم، يرى ماتيس أن إدماننا على العروض التقديمية (بوربوينت) يشكل تهديدًا لكفاءة وفعالية قواتنا المسلحة، وهناك العديد من الرؤساء التنفيذيين للشركات العملاقة منعوا استخدام البوربوينت في اجتماعاتهم، بما في ذلك جيف بيزوس Bezos Jeff مالك شركة أمازون Amazon وجاك دورسي Jack Dorsey مبتكر موقع تويتر Twitter وجيف وينر Jeff Weiner الرئيس التنفيذي لشركة لينكدن LinkedIn، وستيف بالمر Steve Ballmer الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت والراحل ستيف جوبز Steve Jobs.
فالقادة الأذكياء لا يحبون استخدام “البوربوينت” لأن العروض التقديمية تقيد الاجتماعات في اتجاه خطي بطيء الحركة، وهذا لا يشجع على المحادثة والمناقشة، ويحول بقية الحضور إلى مجرد دمى سلبية لا تحرك ساكناً، كما أن البوربوينت – عند استخدامه كتصميم – يحد من درجة الانتباه والفهم، والأهم من ذلك كله، لا يساعد على الحفظ.
وتكون عروض بوربوينت التقديمية في أسوأ تجلياتها عندما يحاول مقدمو العروض جعل عرضهم التقديمي الممل، يبدو ممتعًا من خلال إضافة الأجراس والصفارات وبعض الصور والرسوم المتحركة الرخيصة ومختلف أنواع الوسائط المتعددة، بيد أن الافتراض المهين الذي يعبر عنه هذا الوضع يوحي بأن زملائك في العمل هم مثل الأطفال الصغار الذين لا يمكن لفت انتباههم إلا من خلال هذه الأشياء البراقة المتدلية.
لقد آن الأوان لنحذو حذو أولئك الجنرالات والرؤساء التنفيذيين، والخروج من مصيدة هذا البوربوينت، ولكن كيف؟ فقد أصبحت تطبيقات البوربوينت أداة متأصلة في أنشطتنا التجارية اليومية بحيث يبدو من المستحيل التخلي عنها أو العمل بدونها.
في واقع الأمر، لم يكن الناس قبل عام 1990 يستخدمون عروض البوربوينت، وكانت العروض التجارية نادرة أو غير موجودة، ونتيجة لذلك، كانت الاجتماعات أقصر وأكثر تركيزاً على موضوعاتها، وكانت تتخللها المزيد من المناقشات، وكانت تخرج بقرارات أفضل.
ولعل هناك سؤال يطرح نفسه وهو: كيف تتعايش الشركات مع هذا البوربوينت؟
وللإجابة على هذا السؤال، استخدموا ثلاث أدوات مختلفة للاجتماعات مبنية على أنواع اجتماعات العمل: 1) القرارات/المناقشات 2) الدورات التدريبية-الورش 3) الخطب العامة.
وإليكم بعض الأساليب الأكثر نجاعة وهي أفضل من عروض البوربوينت PowerPoint لكل نوع من الأنواع الثلاثة التي أشرنا إليها أعلاه.
الأول : إذا كان الغرض من الاجتماع هو المناقشة واتخاذ القرار، يمكنك استخدم ورقة تتضمن ملخصاً للموضوع.
ومن خلال هذه الورقة حاول أن تعبر عن أفكارك بوضوح، واحرص على تبسيط رسالتك التي تريد إيصالها عبر الاجتماع، ولتكن في نسخة ورقية، ثم قم بتوزيع النسخ الورقية في بداية الاجتماع واطلب من الجميع قراءة الملخص، وبعد ذلك افتح لهم باب النقاش.
هذه الورقة التي تلخص الموضوع هي عادة أفضل من العروض التقديمية إذا كان غرضك هو دفع المجتمعين إلى اتخاذ القرار أو الإجماع، وذلك لأن هذه الورقة الملخصة تتمتع بالميزات التالية:
- تجبر مقدمي العروض على توصيل أفكارهم بشكل كامل، بدلاً من مجرد تحديد الخطوط العريضة لهذه الأفكار.
- يمكنك التأكد من أن جميع المشاركين في الاجتماع يتابعونك حرفيًا من خلال نفس الورقة أثناء مناقشة الأفكار التي لخصتها لهم في الورقة.
- تساعد على تقليص الوقت الإجمالي الذي يستغرقه الاجتماع بنسبة تتراوح بين 50 و80 في المئة.
- وهي أيضاً تمثل الأساس للبريد الإلكتروني الذي يتم تحريره بعد ذلك لوصف الاجتماع ونتائجه.
يقول السيد جيف وينر Jeff Weiner الرئيس التنفيذي لموقع لينكدن LinkedIn:
إذا كانت فكرة بدء اجتماع مدته 10 دقائق من الصمت تثير غضبك، فأنت لست وحدك. ففي المرة الأولى التي قرأت فيها عن هذه الممارسة، استحضرت على الفور صوراً لمكتبة أو قاعة دراسية، وهما من المنتديات الأخيرة التي كنت استخدمها كمعيار لتقدير إنتاجية الاجتماع، ومع ذلك، بعد المرات القليلة الأولى التي تجرب فيها ذلك، لن يكون الأمر محرجًا بالنسبة لك، ليس هذا فحسب – بل سيكون موضع ترحيب. وهذا أمر سليم خاصة عندما تنتهي الاجتماعات في وقت مبكر مع موافقة المشاركين على أن الوقت قد إنفق بشكل جيد.
نصيحة : ورقة تلخيص الأفكار هي صفحة واحدة، تعتبر عمليات البيع وإعلانات المستثمرين حالة خاصة لأنك لا تتحكم في تنسيق الاجتماع، فعند الترويج، ستحتاج على الأرجح إلى التواصل بأي طريقة يراها المتعامل مناسبة، ولكن إذا لم يتمكن المستفيد من فهم الفكرة الملخصة في الورقة، فلا تستخدم هذه الفكرة.
أما إذا كان المستفيد يتوقع منك عرضًا تقديميًا، فقم بتوزيع اقتراح المبيعات قبل الاجتماع، ثم اجعل تركيز الشرائح في لب الموضوع قدر الإمكان، وعبر عن أفكارك بأسلوب مبسط: 1) “قل له أين هو الآن،” 2) “قل له أين يجب أن يكون،” 3) “قل له كيف يمكنه الوصول إلى هناك” و4) “حدثه عن الخطوات التالية”. وكلما قللت من تأثيرات العروض التقديمية وبهاراتها، كلما زادت فرص نجاحك في الإقناع بعملية التسويق والبيع.
الثاني : إذا أردت أن تقوم بالتوجيه أو التدريب، فيمكنك إنشاء تجارب تفاعلية.
فبدلاً من مجرد عرضك لمخطط تفصيلي، قم بإنشاء تجربة تسمح لجمهورك بالمشاركة في عملية التعلم، وبالرغم من أنه من الممكن بالتأكيد استخدام برنامج العرض التقديمي لعرض المواد، إلا أن العروض التقديمية القياسية مملة ويمكن نسيانها.
فإذا كنت تريد أن يتذكر الناس ما تعلموه منك، فسيكون من الأفضل بكثير أن تقدم أفكارك باستخدام المواد التقليدية للصفوف الدراسية – الدفاتر، السبورة.. إلخ، لضمان أن يتعلم جمهورك ويحتفظ بما سمعه منك، ويجب أن يكون حديثك جاذباً لمن يستمعون إليك بدلا من أن تجعل منهم مجرد مشاهدين سلبيين لا يتفاعلون.
بيد أن الأهم من ذلك كله، أنك تريد من الجمهور تدوين الملاحظات بالقلم والورقة، لأن فعل الكتابة الجسدية لشيء ما، يمكن أن يغير بنية دماغك بحيث تتذكر ما تعلمته، وبدون تدوين الملاحظات، فمعظم التعليمات ستدخل من إحدى أذنيك وستخرج من الأذن الأخرى، لأن المستمعون لا يحفظون أي شيء عند يستمعون إلى شخص يتحدث فقط، خاصةً عندما يقوم المتحدث بحشر الكلمات على الشاشة التي خلفهم، فالعروض التقديمية ليست أدوات تعليمية؛ بل هي من المؤثرات التي تساعد على النوم.
ومع ذلك، عندما انصحكم بالرجوع إلى التقنية القديمة، قد يعتقد بعض التقنيين أنني مجنون: ولسان حالهم يقول: “هل تتوقع منا أن نعيد رسم كل مخطط على السبورة البيضاء؟”
حسنًا، نعم، لأن استخدام الأدوات التقليدية يجعلك معلمًا أفضل، يقول جون بول تشو John Paul Chou، أستاذ الفيزياء المساعد بجامعة روتجرز Rutgers University، الذي قدم مؤخراً عرضاً في أحد منتديات فيرميلاب Fermilab: “لعل الميزة الرئيسية للتخلي عن استخدام تطبيقات بوربوينت هي أنه يجبر كل من المتحدث والمستمع على الاهتمام، فعروض البوربوينت من الأسهل أن تدع عقلك يتجه إلى الطيار الآلي، وتبدأ في فقد التركيز بسهولة أكبر.” ويشير إلى أن الفيزيائيين غالباً ما يكون لديهم الكثير من الرسوم البيانية والبيانات لمشاركتها، وعند وصولهم إلى السبورة البيضاء فقط، يكونون أكثر انتقائية فيما يتعلق بما يجب تقديمه، ويوضح أيضًا أنه يجب عليه التأكد من أن جمهوره يتابع تسلسل أفكاره – لا يمكنه الانتقال إلى الشريحة التالية بعد الآن، ويقول: “إنه يجبرك على أن تكون معلمًا أفضل كما يجعل من مستمعيك طلابًا أفضل”.
نصيحة : ابدأ الدورة التدريبية/الورشة التي تقدمها بسؤال المشاركين عن توقعاتهم عما سيتعلمونه، وسجل هذه التوقعات على السبورة، وقم بتعليق الصفحات الموجودة في جميع أنحاء قاعة التدريب، واستخدمها كنقاط اتصال أثناء استعراضك للمادة التدريبية.
الثالث : إذا كنت ترغب في الترفيه أو الإلهام أو إلقاء الخطب.
إذا كنت تتحدث إلى جمع غفير من الناس فمن غير المتوقع أن تنخرط في مناقشات تفاعلية، وحينئذ يجب عليك إعداد (وإتقان) خطاب تلقيه عليهم، بدلاً من توجيهه لهم من خلال عرض تقديمي، والأمثلة النموذجية هنا هي الخُطب، والاجتماعات التي تخاطب فيها جميع الموظفين، والإعلانات عن المنتجات.
ولعل التحدي الرئيسي في هذه المواقف هو خلق مشاعر إيجابية في جمهورك، فأنت تريد أن يتصل جمهورك بك – وتريد أن تكون على تواصل مع جمهورك، وأي شيء تضعه على الشاشة التي خلفك (أمامهم) _بخلاف شخصك الذي يقف أمامهم_ هو إلهاء عن عملية بناء العلاقة بينك وبينهم.
وهذا لا يعني أنه لا يمكنك إطلاقًا عرض شيء على الشاشة، فإذا كانت هناك صورة يجب أن يراها الجمهور ويمكن أن تساعدهم على فهم خطابك، يمكنك عرضها، ولكن تذكر أن تشتيت انتباه الجمهور بالمعلومات المرئية قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
والإعلانات عن المنتجات، حالة خاصة، وبالرغم من أنك لا تريد تقديم عرض تقديمي (يصيب الجميع بالملل)، لعلك تحتاج إلى عرض صور للمنتج، إذ أن إعلانات المنتجات التي كان يقدمها ستيف جوبز Steve Jobs – وهي تعد المعيار الذهبي هنا – كانت تستخدم صور المنتج فقط، كان يضع بضع نقاط بجانب صور المنتج، بيد أنه لم يقدم أبدًا عرضًا تقديميًا، بل كان يلقي خطابا حول المنتجات التي كان يسلط الضوء عليها على الشاشة.
نصيحة : إذا كنت تلقي خطابًا، ابحث عن نماذج يحتذى بها في فن الخطابة، مثل الخطابات التي تقدم في منصة TED وأنواع أخرى من الخطب التي حصلت على عدد كبير من المشاهدات على اليوتيوب YouTube، وستلاحظ حينها أنهم يستخدمون الرسومات بشكل ضئيل للغاية، وليس بطريقة الأسلوب المعتاد لعرض الأعمال الذي ينحى إلى التنسيق النقطي.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أن الملخصات الموجزة والتمارين التفاعلية والخطب تتطلب المزيد من العمل من جانبك بدلاً من تجميع عرض تقديمي، فطرق الاتصال هذه تُجبرك على صقل أفكارك حتى تكون كاملة وذات مغزى ومعنى – وبالتالي تجعلك أكثر احتراماً لوقت الجمهور وطاقته الاستيعابية.
ولعل هذه هي النقطة التي أثارها ستيف جوبز عندما قال عبارته الشهيرة: “الأشخاص الذين يعرفون ما يريدون قوله، لا يحتاجون إلى تطبيقات بوربوينت” فإن كنت تعرف بالفعل ما الذي تريد قوله، فلن تختار الطريقة البطيئة وتقدم عرضًا تقديمياً، ولكن قدم فكرتك بالأسلوب الصحيح، وحينئذ سيحب جمهورك هذا الأسلوب.
المصدر: www.inc.com
1
Comments are closed.