(الاستدامة مصطلح بيئي يصف كيف تبقى النظم الحيوية متنوعة ومنتجة لأطول فترة زمنية ممكنة، لتفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة)
استُخدم مصطلح الاستدامة منذ ثمانينيات القرن العشرين، وأول ما استخدم بمعنى الاستدامة البشرية على كوكب الأرض، وهو ما مهد إلى التعريف الأكثر شيوعا للاستدامة والتنمية المستدامة حيث عرفته مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في 20 آذار 1987 بأنه :“ التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة.”
لقد أصبح مصطلح الاستدامة واسع النطاق ويمكن تطبيقه تقريبا على كل وجه من وجوه الحياة على الأرض، بدءًا من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي وعلى مدى فترات زمنية مختلفة.
والاستدامة بالنسبة للبشر هي القدرة على حفظ نوعية الحياة التي نعيشها على المدى الطويل، وهذا بدوره يعتمد على حفظ العالم الطبيعي والاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية. والمناطق الرطبة والغابات الطبيعية (السليمة) هي أمثلة على النظم الحيوية المستدامة.
إن الدورات الكيميائية الحيوية تعيد توزيع الماء والأكسجين والنيتروجين والكربون في النظم الحية وغير الحية في انحاء العالم، وأمنت بيئة للحياة من ملايين السنين، ولكن مع ازدياد عدد سكان كوكب الأرض، انحدرت النظم البيئية الطبيعية بسبب التغيير وتدخلات الإنسان في ميزان الدورات الطبيعية الأمر الذي احدث أثر سلبي على كل من البشر والمنظومات الحية الأخرى.
وهناك أدلة علمية كثيرة على أن البشرية تعيش بطريقة غير مستدامة، وأن إعادة الاستخدام البشري للموارد الطبيعية إلى داخل الحدود المستدامة يتطلب جهدًا جَمَاعِيًّا كبيرًا.
إن سُبل العيش باستدامة يمكن أن يأخذ أنماطا عديدة، بدءًا من إعادة تنظيم الأوضاع المعيشية بمفهوم (القرى البيئية Ecovillage)، و(البلدات البيئية Eco-municipality)، و(المدن المستدامة Sustainable cities)، وكذلك إعادة تقييم القطاعات الاقتصادية (الزراعة المعمرة، والمباني الخضراء، والزراعة المستدامة)، أو ممارسات العمل (الهندسة المعمارية المستدامة)، وذلك باستخدام العلم لتطوير تقنيات جديدة (تقنية بيئية، والطاقة المتجددة وغيرها)، لإجراء تعديلات في أنماط الحياة الفردية (نمط العيش) التي تحافظ على الموارد الطبيعية.
تحقيق مفهوم الاستدامة
لتحقيق مفهوم الاستدامة يتطلب التوفيق بين المطالب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية وهي “الركائز الثلاثة للاستدامة”، ويمكن التعبير عن هذا الرأي كما في الشكل التالي باستخدام ثلاث مناطق (أركان) متداخلة مشيرة إلى أن الركائز الثلاث للاستدامة ويعزز بعضها بعضا:
و المعيشة المستدامة هي في الأساس تطبيق الاستدامة في اختيار نمط الحياة (المعيشة) والقرارات التي تتخذ في هذا المجال، وهي مفهوم واحد للمعيشة المستدامة الذي يعبر عما يعنيه الركائز الثلاثة لتلبية الاحتياجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الحالية دون المساومة على هذه العوامل للجيل القادم، ويمكن وصف المعيشة المستدامة بناء على هذا المفهوم، كالذين يعيشون داخل القدرات الفطرية التي تحددها الثلاثة عوامل
وهناك مفهوم آخر أوسع آخر للمعيشة المستدامة يربط أربعة مجالات اجتماعية : الاقتصاد والبيئة والسياسة والثقافة.
أو ما يسمى بمفهوم دوائر الاستدامة يمكن وصف المعيشة المستدامة، بمناقشة العلاقات ذات الاحتياجات ضمن حدود معينة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية الأربعة المترابطة : البيئة ، والسياسة والثقافة والاقتصاد .
كما يدخل في ذلك التصميم المستدام والتنمية المستدامة وهما عاملان مهمان المعيشة المستدامة، فالتصميم المستدام يشمل تطوير التكنولوجيا المناسبة والتي تكون مناسبة لممارسات المعيشة المستدامة، والتنمية المستدامة بدورها هي استخدام هذه التكنولوجيا في البنية التحتية، والعمارة والزراعة هي أكثر الأمثلة شيوعا لهذه الممارسة.
كيف نقيس الاستدامة؟
مقياس الاستدامة هو الأداةُ التي تستخدمُ مجموعةً من المقاسات العدديّة، والتي تساهمُ في إدارة مكوّنات الاستدامة من خلال الاعتماد على فهمِ المعرفة البشرية، ويعمل مقياس الاستدامة على قياس طبيعة الاستدامة في مختلف أشكال الحياة من خلال العمل على توفير مجموعة من المؤشرات الحيويّة، والتي تقدمُ قياسات دقيقة تساعد على تطبيق العديد من الدراسات الحيوية المرتبطة بمفهوم الاستدامة، سواء على المستوى الفردي أو التجمعات المختلفة تتطور بشكل دائم.
ومن أهمّ أنواع مقاييس الاستدامة: مقياس السكان، ومقياس التطوّر الحضاريّ، ومقياس التخطيط العمرانيّ، وغيرها من المقاييس الأخرى، كالمقاييس الرقمية المستخدمة في قياس الاستدامة في المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مؤشرات ومقاييس ومراجعة الحسابات ومعايير الاستدامة ونظم لإصدار الشهادات مثل؛ التجارة النزيهة والعضوية، والفهارس و التقييم والمحاسبة.
ومن أفضل تقارير تدابير الاستدامة المعروفة والمستخدمة على نطاق واسع هي التقارير التي تصدر عن استدامة الشركات، وتقرير خط الأساس الثلاثي، وتقرير جمعية الاستدامة العالمية،
ومن أبرز المؤشرات: مؤشر التنمية البشرية (HDI) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ؛ البصمة البيئية لشبكة البصمة العالمية والمنظمات الشريكة لها ؛ مؤشر الاستدامة البيئية (ESI) ومؤشر الأداء البيئي الرائد (EPI) المقدمين في إطار المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) ؛ أو مؤشر التقدم الحقيقي (GPI) محسوب على المستوى الوطني أو المحلي. وبالتوازي مع هذه المبادرات ، ازداد الاهتمام السياسي بإنتاج الناتج المحلي الإجمالي الأخضر الذي يأخذ على الأقل تكلفة التلوث واستنفاد رأس المال الطبيعي، حتى إذا كان التنفيذ يعوقه إحجام صناع السياسات والخدمات الإحصائية عن القلق من التحديات المفاهيمية والتقنية.