” أنا ” تدل على الفردية و” نحن ” تدل على الجماعة، وقد اشتقوا من ” أنا ” الأنانية بمعنى حب الذات والاستئثار بمصالحها الشخصية، ولا أدري لماذا لم ينسبوا إلى ” نحن ” فيقولوا : ” النحنية ” للدلالة على شعور الشخص نحو مجتمعه.
وكل إنسان عنده الشعوران معاً: الشعور ” بأنا ” والشعور ” بنحن “، وتختلف الأفراد في ذلك اختلافاً كبيراً فنرى بعض الناس يشعرون شعوراً قوياً ” بنحن ”، فهو دائماً يعمل الخير ويسعى في إيصال الخير الى الناس، ودفع الشر عنهم ، ويجد لذته في ذلك ، عكس من يقوى عندهم الشعور ” بأنا ” ويوجهون عملهم وتفكيرهم نحو مصالحهم الشخصية. وهناك من هو بين بين.
إن الشعور ” بنحن ” هو شعور الفرد بالمجموع البشري الذي ينتسب وينتمي إليه، وبأنه جزء من هذا المجتمع ، وأنه مسؤول عن كل شيء قد يصيب أمته، وفي حديث السفينة لو تركوا الذين يريدون خرق السفينة -بحسن نية- هَلكُوا جميعاً، لكنهم أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم فنَجَوْا جَمِيعًا، فالجاهل والسيئ العمل الأناني لا تعود نتيجة عملهم على أنفسهم فقط، بل تتعدى إلى جميعهم ومن يشاركونهم.
لقد علّم محمد ﷺ صحابته- رضوان الله عليهم أجمعين- تعظيم الشعور“ بنحن ”عندما يحتاجهم المجتمع، وأن «يد الله مع الجماعة» فنجحوا نجاحاً باهراً وقدموا أمثلة كثيرة للتجرد من“ الأنا ” و “الإيثار” من أجل الجماعة و المصلحة العامة.
وفي الأزمات (والكوارث) يحتاج الجميع- سواء كان مسؤولاً أم سائلاً، مخدوماً أم مقدماً للخدمة- إلى أن يضع كل واحد منا ”نحن ”موضع ”أنا ”والتفكير في كيفية القيام بالعمل الجماعي والتعاون- بصمت دون منة- لتجاوز الخطر المشترك، وتبني ذلك وإدمانه حتى يصبح أمراً يعتاده أفراد المجتمع في الأزمات وغيرها من المواقف التي تحتاجه الجماعة، على أساس أن الجميع رابح ولا خاسر بيننا.
#كلكم_راعٍ_ومَسؤولٌ_عَنْ_رَعِيَّتِهِ
(*) بعض الاقتباسات بتصرف من كتاب فيض الخاطر