أين نحن الآن، والى اين نتجه؟
الحاجة الى خطة إستراتيجية بعيدة المدى لتطوير العمل والخدمات الحكومية
سليمان بن حمد البطحي
يعيش قطاع الخدمات في المملكة العربية السعودية نموا غير مسبوق، وحراكاً تطويرياً يتسم بسرعة التغير، نتج عنه تحديات محلية، لعل من أهمها: ضعف البنى التحتية وعدم مواكبتها للتوجهات الحديثة، وتطبيق المعايير الدولية، وتبني الأفكار التطويرية، وتأهيل الكوادر البشرية تأهيلاً حقيقياً – ليس أرقام – على كافة المستويات.
من هذا المنطلق تبرز أهمية رسم خطة استراتيجية حقيقية تُحدّد فيها الرؤية والأهداف بشكل دقيق، وتُنفذ وفق معايير الجودة والمهنية المتعارف عليها عالميا، تُقيّم (تُشخّص) فيها الأوضاع الراهنة للتعرف على مواطن الضعف ومواطن القوة في العمل الحكومي، وتستكشف الفرص المتاحة والتحديات الحالية والمستقبلية، وتدرس وتقارن التجارب الإقليمية والعالمية الناجحة، ثَم يرسم مستقبل العمل الحكومي الذي نتطلع إليه من خلال برامج ومشاريع وأنشطة تنفيذية، يشارك في صياغتها وتنفيذها ذوي العلاقة والمعنيين بأداء وتقديم الخدمات الحكومية، سواءً كانوا من داخل القطاع الحكومي أو من خارجه.
من المهم أن تُعد خُطة استراتيجية مركزية بعيدة المدى ترتكز على التحديات الحالية والمتغيرات الإقليمية والعالمية، وتساعد في إيجاد آليه واضحة لصنع القرار، وبناء للبرامج والمشاريع التطويرية والتنموية وفق أُطر زمنية محددة، بحيث تُمّكنٍ القطاع الحكومي في المرحلة اللاحقة من القيام بمراجعة الخطة وتطويرها بناء على المتغيرات الجديدة بأساليب مُتطورة وإشراف مهني محترف من خلال فرق داخليه تتولى الإشراف على الخطة ومتابعة التنفيذ.
ان مواكبة المتغيرات يحتاج الى ان يدرك الجميع بأن التخطيط هو السبيل الأمثل لمواجهة جميع تلك التحديات الحالية والمستقبلية، من خلال وضع خطط محددة للتعامل مع الأحداث، وتعزيز النمو الإيجابي، والتوسع في تقديم الخدمات النوعية، واكتشاف وتعظيم القدرات التنافسية لكل قطاع حكومى للوصول الى مستوى من القيمة المضافة فى الخدمة الحكومية المقدمة تماثل نفس المستوى المقدم من مثيلاتها فى العالم، واضافة برنامج عمل مستمر فى كل قطاع يقيس مستوى الاداء المقدم والمستوى المقارن، وتخطط وتنفذ مشروعات للتحسين المستمر، ومجابهة المعضلات والمخاطر، وتحقيق المرونة في التعامل مع المتغيرات المتسارعة والنمو الطبيعي لقطاع الخدمات الحكومية .
إن التخطيط بمفهومه الشامل يكمْن في جوهره نموذج التخطيط المناسب، وما يحققه من نتائج، ودوره وأهميته في تحقيق النجاح للخدمات الحكومية وغيرها، ذلك أن جوهر التخطيط الاستراتيجي يدور حول تحديد الإتجاه الإستراتيجي الذي ينبغي ان تقصده الدولة (الحكومة) لتحقق ما خُطط له خلال السنوات القادمة من خلال الإجابة على عدة تساؤلات، منها :
- أين نحن الآن ، وأين نريد أن نكون في نهاية فترة الخطة؟
- كيف ينظر المستفيدون إلينا؟ أو ما هو أفضل وضع ممكن أن نكون عليه في نهاية الخطة الإستراتيجية ؟.
- ما هي رسالتنا وسبب وجودنا؟ ماذا نقدم من خدمات وأعمال؟ ولمن؟ وكيف نقدمها؟
- ما هي قيمنا المؤسسية التي ستحكم أداءنا خلال فترة العمل بالخطة الإستراتيجية؟.
- ما هي الموارد المالية اللازمة التي ستوصِلنا الى حيث نريد ؟
- من سيكون المسؤول عن اتخاذ القرارات ؟
- كيف نقيس مستوى الإنجاز ونحدد مؤشرات النجاح؟
وعلى الرغم من أهمية وجود خطة استراتيجية واضحة تمكن الحكومة من البدأ الحقيقى لجعل الاداء الخدمي نموذجاً للجودة، وأساس لجميع برامج ومشاريع وأنشطة الجهات الخدمية، إلا أن ذلك لا يعنى نهاية المطاف وتحقيق المراد، فالخطة تُعزز الخطوات العملية للتنفيذ والمتابعة والتقييم والتطوير المستمر، بالاضافة الى أن متغيرات القطاعات الداخلية وتغير الظروف الخارجية والتي ستعمل من خلالها قد تتطلب القيام – من وقت الى آخر – بعملية إعادة تقييم وتصحيح للخطة، ومدى استجابتها للمتغيرات والمستجدات، لذلك فلابد من إيجاد جهه موحدة تستطيع قيادة الخطة الاستراتيجية بعيدة المدى على مستوى الدولة بكل فعالية واقتدار.
والله من وراء القصد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المقال نشر في صحيفة مال الإقتصادية الإلكترونية بتاريخ : 2013/12/22