هل كل الموجودات تُدرك بالحواس؟

  • — الخميس يوليو 06, 2023

يسأل أحدهم، أين الله؟!
ويقول الاخر، الطبيعة أبدعت، والكون تصرف؟!

لقد أثنى الله-جل وعلا- على الذين يؤمنون بالغيب في غير آية بالقرآن العظيم، قال تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} لإن الإيمان بالغيب هو سمة مميزة للمسلم وركن من أركان الإيمان.

أما الذي لا يؤمن إلا بما يرى ويدرك بحواسه فنقول له: إن الحواس قد تُضلَّل بالسحر أو المرض وغيرهما من الأسباب، فيكون إدراك كاذب كما قال القائل:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد.. وينكر الفم طعم الماء من سقم

وبالتالي فليس بالضرورة أن كل الموجودات تُدرك بالحواس.

كتب الإلحاد الموجودة بالأكوام في المعارض والمكتبات، وما تحويه وسائل التواصل والمنتديات والمنصات والغرف الخاصة -والله يعلم مَنْ يقف وراءها- لتدمير العقول وخاصة اليافعة بقضية الوجود، تجدها تنتهي الى سؤالا واحدا للتشكيك في قضية الإيمان بوجود الخالق : أين الله؟!!

إن الإيمان بالله عز وجل ضرورة عقلية ووجدانية ونفسية واجتماعية وسياسية، ولذلك على المرء تعلم فوائد العقائد والأدلة العلمية على الإيمان بالله، لتحصين نفسه ومن حوله، والتي يمكن تبسيطها فيما يلي:

أولا: العدم لا يخلق شيئا.
العدم الذي لا وجود له لا يستطيع ان يصنع شيئاً لأنه غير موجود، قال تعالى:{أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون}[الطور: 35 – 36].

ثانيا: التفكر في المخلوق (المصنوع) يدل على بعض صفات الخالق (الصانع).
إن كل شيء يوجد في المصنوع يدل على قدرة أو صفة عند الصانع، فلا يمكن أن يوجد شيء في المصنوع إذا كان الصانع لا يملك القدرة أو صفة مكّنته من فعل ذلك الشيء في المصنوع.
قال تعالى:{أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون}[الأعراف: 185]. وقال تعالى:{قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}[يونس: 101].

ثالثا: فاقد الشيء لا يعطيه
إن الذي لا يملك مالاً لا يطلب الناس منه المال، والجاهل لا يأتي منه العلم، ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه، وبالتفكر والتدبر رأينا علامات الله في المخلوق والعلامات التي تعرفنا بالخالق سبحانه.
فالذين يزعمون أن الطبيعة خلقتهم خالفوا العقل وحاربوا الحق، لأن الكون كله يشهد أن خالقه حكيم، عليما، هادٍ، رزاق، حافظ، رحيم، واحد أحد. والطبيعة الجامدة لا تمتلك علماً ولا حكمة ولا حياة ولا رحمة ولا إرادة، فكيف ظنّ الجاهلون هذا الظن وفاقد الشيء لا يعطيه؟!

قال الشاعر :
هل في عيون الملحدين عماء.. أم في عقول الملحدين غباء؟
أيجوز عقلا أن عقلا مبدعا.. قد ابدعته طبيعة بلهاء؟
فإن الطبيعة أدركت وتصرفت.. قلنا: الطبيعة والإله سواء!
الله أحيا الكائنات بسرّه.. وبسرّه تتفاعل الأشياء

فما تدركه بحسّك لا شكَّ في أنه موجود، وأمور كثيرة لم نشاهدها ولكن نحسّها ونوقن بوجودها، انه «اليقين» بالحسّ والمشاهدة، وهي دليل أن الإنسان الصادق مُصدَّق من الآخرين، أليس كذلك؟

أحيانا تشفق على هؤلاء الذين اصابتهم لوثة الإلحاد والوجودية، من الذين ووسوس الشيطان وعبث  في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم فأضلهم عن سواء السبيل، فظنّ هؤلاء الملاحدة انهم تحرروا من كل عبودية، وأنهم نبذوا الخضوع للإله ووضعوا الايمان بالرب وراء ظهورهم وكذبوا على أنفسهم، ففي حقيقة الأمر هم استبدلوا العبودية للخالق بالعبودية للمخلوق، واستبدلوا الواحد الأحد بآلهة شتى واتخذ بعضهم أرباباً من دون الله، وهم بذلك هبطوا من اعلى مراقي الحرية الى حضيض درجات العبودية حين عطّلوا عقولهم وضمائرهم عن العمل والبحث السليم للوصول إلى الإيمان الصحيح!

دعوة للآباء والأمهات بأن يستعدوا لأسئلة أولادهم (الأبناء والبنات)، ومناقشتهم بهدوء، فقد كثُر الخبث و ظهرت الفتن وما بطن منها.

ودعوة للدعاة والمقتدرين من المسلمين للمشاركة، فلا يجدي السكوت عن نشر الإلحاد؛ اكتب وشارك برأيك لعلك تضيف ما يفيد وتكون سبب في إنقاذ هؤلاء الضحايا، فيهديهم الله من ضلالهم فلا يكونوا وقودا لنار جهنم، وبئس المصير.

اللهم إنا نشهد انك انت الله لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ له كفُوًا أحدٌ ، الحي القيوم، الرحمن الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، العزيز، الحكيم، رب السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن، عالم الغيب والشهادة،

هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد و آله وصحبة أجمعين.