خطَّ رسولُ اللهِ ﷺ خطًّا بيدِه ثم قال : هذا سبيلُ اللهِ مستقيمًا، وخطَّ خطوطًا عن يمينِه وشمالِه، ثم قال : هذه السبلُ ليس منها سبيلٌ إلا عليه شيطانٌ يدعو إليه، ثم قرأ : ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكم عَنْ سَبِيلِهِ﴾
طريق اللهِ طريق مُسْتقيمٌ واضِحٌ لا اعْوِجاجَ فيه، وقد بيَّن الحق سبحانه مَعالِمَ الطريق للناس، وأوضح تفاصيله النَّبيُّ ﷺ، وحذَّر الناس من سُبُلِ الشياطين، وفي هذا الحديث جانب من جوانب التَّعْليمِ النَّبويِّ، وأسلوب من أَساليبه الفريدة باسْتخدام الرَّمْزِ والرسم التَّوضيحيِّ؛ لتوصيل المعاني إلى الأفْهامِ؛ فيَرْوي عبدالله بن مسعود-رضِي الله عنه-: “أنَّ النَّبيَّ ﷺ خطَّ خطًّا مُسْتقيمًا”، أي: رَسَمَ خطًّا على الأرض، “فقال: هذا سَبيلُ الله” وهو الدِّينُ القويم والطَّريقُ المُسْتقيمُ، “ثم خطَّ خُطوطًا عن يَمينِه وشِمالِه”، أي: رَسَمَ على جانبي الخطِّ؛ خُطوطًا تتفرَّعُ عنه، “وقال: هذه السُّبُلُ على كُلِّ سَبيلٍ منها شَيْطانٌ يَدْعو إليه”، أي: يُغْوي ويُبعِدُ عن صراط الله المُسْتقيمِ، وهي طُرُقٌ مُتشعِّبَةٌ مُتفرِّقَةٌ كُلُّها تُبعِدُ عن الحق، ثم تلا النَّبيُّ ﷺ قول الحَقِّ تَعالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] إشارة إلى القَصْدِ والتَّوسُّطِ بين الإفْراطِ والتَّفْريطِ، وأُضيفَ الصِّراطُ إلى رَبِّ العِزَّةِ والجلالة؛ تَفْخيمًا وتَعْظيمًا لشأْنِه، وهذا الصِّراطُ المُسْتقيمُ هو ما لَمَّحَ إليه رسولُ الله ﷺ في حديث عبدالله بن عمرٍو بقوله:«ما أنا عليه وأصْحابي» أخْرجَه التِّرمذيُّ، وفي حَديثِ مُعاويَةَ بقَوْلِه:«وهي الجَماعَةُ» أخْرجَه أحْمَدُ.
وفي الحديث: بَيانُ حرص النَّبيِّ ﷺ على توضيح الحَقِّ لأُمَّتِه.
وفيه: بَيانُ بأنَّ اتِّباعَ صِراطِ الله المُسْتقيمِ يكون باتِّباع صحيح الدين.
وفيه: أنَّ الشَّياطينَ يُغْوونَ الناسَ، ويُضِلونَهم عن الحَقِّ، ويَقِفونَ لهم في طريق الله المُسْتقيمِ. وأن المعصوم من عصمه.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.