قال-ﷺ-: «أَعْذَرَ اللَّهُ إلى امْرِئٍ أخَّرَ أجَلَهُ، حتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً» صحيح الجامع
عمرُ الإنسان له أجَلٌ مُحَدَّدٌ عند الله تعالى، ولا يعلَمُه غيرُه سُبحانَه، ومن سعادة الإنسان طُولُ العُمُر وحُسنُ العمل، ومن أمارات الشَّقاء أن يَطُولَ العُمُرُ ويزداد نهمُ الإنسان للشهوات مع انغماسه في المعاصي والملذات و والانشغال بكثرة المُلهيات.
النَّبيُّ -ﷺ- يُخبِرُنا أنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- أَعذر إلى امرئٍ؛ أي: قطَعَ عُذْرَه في ارتكابِ المعاصي، وعلامةُ هذا الإعذار أن أطال الله عمر هذا الإنسان حتَّى بلَغ ستِّين عامًا، لم يَبْقَ له عُذرٌ في اقْترافِ الخَطايا؛ لأنَّه يَجِبُ عليه أن يَستعِدَّ للقاء الله -عزَّ وجلَّ- ؛ لأنَّه بلَغَ سِنَّ الإنابة والرُّجوع، وترقب الموت، وهي مظنة انقِضاءِ الأجل؛ فلا ينبغي له حينَئِذٍ إلَّا كثرة الاستغفار ولزوم الطَّاعات، والإقبال على الآخرة. والعاقل الموفق هو الذي يجِدُّ ويجتهد فيما بقي من عُمُرِه ليُرضِيَ الله سُبحانه ويزرعُ الخير لنفسه في الدُّنيا، ولا يُلهِيه الأمَل عن العَمَلِ حتى يباغته اليقين (الموتُ).
وفي الحديث أنَّ الشَّيخوخةَ نَذيرُ الموتِ والرَّحيلِ عن الدُّنيا؛ ولهذا يَنْبغي لِمَن بلَغ السِّتِّين الاستعدادُ للقاء الله، لأنَّ استكمال الستِّين مَظِنَّةُ انقضاءِ الأجل
يقول الشاطبي-رحمه الله-:
وهذا زمان الصبر من لك بالتي … كقبض على جمر فتنجو من البلا
ولو أن عينا ساعدت لتوكفت … سحائبها بالدمع ديما وهطلا
ولكنها عن قسوة القلب قحطها … فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا
فيا من بلغتم أو تجاوزتم الستِّين؛ لا تضيعون ما تبقى من أوقاتكم فيما لا ينفع أُخراكم، فإنما هو عداد؛ إما حسنات أو سيئات؛ زيدوا سجل حسناتكم فلا تندمون عندما يحط الرحال بكم إلى أولى عتبات الآخرة أنكم ضيعتم لحظات في جنب الله.
اللهمَّ وفقنا للاستعداد ليوم الرحيل، وارزقنا حُسن الختام، وأحسِن عاقِبتَنا في الأمورِ كلِّها وأجِرْنا مِن خِزي الدُّنيا وعذاب الآخرة. آمين