يقول أحدُ الموظفين: عندما الْتَحَقْتُ بالعمل كان مديري يَصِفني بالْحُلم الذي تحقَّق، وأنني أفضلُ مَن عَمِل لَدَيه، وبالَغ حتى صدَّقْتُ كلماته وانتشيْتُ لها، وكان قبلي موظفٌ ينظِّم جميع الأعمال، ويعتمد المدير عليه كثيرًا، فصوَّر لي مديري مَدَى ما يُعَانيه من هذا الموظف، وبأنه، وأنه، وأنه.
ونحن بحاجة لشخص مثل شخْصك، وفِكْرٍ مثل فكرك، ينقلُنا بل يَقفز بنا مسافات إلى الأمام بما تَمتلك من قُدرات ومواهب وخِبرات.
فتصدرت نفسي بزَهْو قائلةً: لا عليك، أنا من سيُنهي كلَّ ما تُعَانيه، وسأفعل، وأفعل.
وفي الحقيقة رُبَّما أوعزتُ له أن أبعده فقط عن هذا المكان، وسترى ما سأفعله.
وكان حقًّا أنْ أبعَدَه وبقيتُ أنا في الصدارة؛ أعمل وأجتهد وأتعب، ولا يَعلم أحدٌ بأني مَن قام بالعمل، فالأوراق لا تُذَيَّل ولا توقَّع باسمي، بل باسم المدير، والأعمال يُقَدِّمها المدير، وأنا أعمل في الظلام، لا يعلم بعملي وكَدِّي وتَعبي أحدٌ.
ثم وجدتُ أعمالاً ليستْ من مهامي تُسْنَدُ إليّ، وبدأتْ نفسي تَضيق بالمكان، فبدأ مديري يُبدي ملاحظاته حول خمولي وتَبَدُّل نشاطي، وأنِّي بدأتُ أرْكَنُ للكسل وغيرها من الصفات التي كانتْ تتردَّد حول ذلك الموظَّف السابق!
فعلمتُ أنَّني أُكِلتُ يومَ أُكِل ذلك الموظف، وأنِّي وقعتُ في الفخِّ، وكأني بالمدير وقد كشَّر عن أنيابه لي، وتنبَّأْتُ بما سيؤول إليه مصيري، فآثرتُ الفِرار بجلدي قبل أن ألحقَ بصاحبي.
والعِبَرة.. إنَّ مَن ينتشي فرحًا لاستبدال غيره به يجبُ عليه الحذرُ من عاقبة فِعْله، فرُبَّما دارتِ الأيَّام وانقلبتِ الحال.
الشِّقاق -الذي مارسه المدير ابتداء – والتحاسد -الذي مارسه الموظف- من الأمورٌ المَنْهيٌّ عنها وهي شرٌّ يؤدي إلى التباغُض والتنافر والتناحر ويُضْعِفُ الأفراد (الموظفين) وقد يكسِرهم، والجماعة (المنظمة) وقد يفككها، والخير كلُّ الخير في التعاون والتكامل لصالح الجميع دون أكل أي “موظف”!