جاء في سير أعلام النبلاء للذهبي أن الإمام مالك -رحمه الله- جلس في المسجد النبوي كعادته يروي أحاديث رسول الله -ﷺ- والطلاب حوله يستمعون، فصاح صائح : جاء للمدينة فيل عظيم، فهرع الطلبة كلهم ليروْا الفيل وتركوا الإمام… إلَّا الطالب يحيى بن يحيى…
️فقال له الإمام مالك :
لِمَ لَمْ تخرج معهم
هل رأيت الفيل من قبل؟
️قال يحيى : إنَّما قدمت المدينة لأرى مالكاً لا لأرى الفيل!
لو تأمَّلنا هذه القصة .. لوجدنا أنَّ واحداً هو من عَلِمَ لماذا أتى؟
لم يتشتت ويبدد طاقاته يمنة ويسرة وكيفما اتفق… وانظر لعِظَمْ الفرق في العزيمة والهمة بينه وبين الآخرين؛ فلقد حفظ لنا التاريخ أن الإمام يحي بن يحي بن كثير الليثي -رحمه الله- خرج برواية عن مالك هي الكتاب المعتمد المسمى “موطأ مالك”! ا. ه.
وفي حياتنا تتكرر في مشاهد الفِيَلة المشتتة، ولكن بصور مختلفة، وطرائق شتَّى، والناس صنفين: صنف حدد هدفه وماذا يريد في حياته، والثاني، مشتَّتُ العزَمات ينفق عمره، حيران لا ظفرٌ ولا إخفاق؛ وشتنان بين الثرى والثريا، وهيهات أن يتساوى السفح مع القمة.
فاحذر تشتيت الفِيَلة وبريقها، فإنها تجعلك موزع الهموم، مشتَّتَ الأفكار والاتجاه، وتسلب منك العزيمة والهمة لتحقيق أي إنجاز!
يقول سعد بن ناشب التميمي:
إذا هَمَّ لم تُردع عزيمةُ هَمِّهِ.. ولم يأت ما يأتي من الأمرِ هائبا؛
إذا هَمَّ ألقى بين عينيه عزمَهُ.. ونَكَّبَ عن ذكر العواقب جانبا.