أزمة أسعار البيض و أزمة أسعار البصل و أزمة أسعار الأعلاف و المواشي، عدة أزمات زراعية-تجارية تقودنا إلى التفكير في الحاجة لإيجاد حلول دائمة تضمن ضبط أسعار المحاصيل الزراعية والمنتجات والمواد الغذائية واستقرارها وليس “الوفرة” فقط.
تحتاج الأسوق المحلية إلى “بورصة وطنية للمنتجات الزراعية والسلع الغذائية” تضبط الأسعار وتضمن السعر العادل لجميع الأطراف، وتدعم استدامة سلاسل الإمداد وتدفق العمليات اليومية للمنتجات الزراعية للأسواق (الجملة والتجزئة)، وتساعد في ضبط خطط إنتاج المحاصيل المحلية وكمياته وجودته والتزام المزارعين والمنتجين بالتوريد طويل الأمد ومؤشرات للمستهلكين مبنية على حساب التكاليف والأرباح.
البورصة عبارة عن كيان نظامي يُحدّد وينفذ القواعد والإجراءات الخاصة بالعقود المعيارية للسلع والمنتجات الاستثمارية ذات الصلة، تتم فيه عملية التبادل التجاري للسلع الغذائية والمنتجات الزراعية، حيث يسمح للمزارعين بتثبيت أسعار بيع محاصيلهم على مدار العام من خلال عقود آجلة فيحصل المزارع على الحماية ضد تقلبات الأسعار التي عادة ما تكون منخفضة وقت الحصاد، كما تضمن هامش ربحي عادل للمزارع والمستهلك ولباقي أطراف سلاسل التوريد.
ومن إيجابيات البورصة تحفيز المستثمرين على ضخ الأموال، بالتعاقد على شراء محصول معين قبل زراعته لعدد من السنوات، ويتداول بيعا وشراء من خلال حركة التداول في البورصة، احتكار السلع من جانب التجار لأنها ستساهم في خفض أسعار الخضراوات والفاكهة، وزيادة الرقابة على الأسعار، والحد من مخاطر المنتجين والمستهلكين، من خلال إبرام المنتجين عقودا مستقبلية لمواد الإنتاج بما يساهم في تثبيت التكلفة، وتحديد نسبة هامش ربح مبيعات السلع من خلال تحديد أسعار السلع قبل وبعد البيع البورصة ستهدف كذلك إلى توفير فرص العمل للمواطنين.
وهناك عدة تجارب دولية ناجحة ، وتنحصر أهم متطلباتها، في:
أولاً: معيار جودة المحاصيل
صفقات العقود الآجلة تتطلب مواصفات معلومة (متفق عليها مسبقا) وتطبيق معايير ثابتة للمحاصيل يلتزم بها المزارع (شهادة جودة) تساعد على تحسين الممارسات الزراعية السليمة وطمأنة المشتري/المستهلك حول كيفية إنتاج الغذاء من خلال تقليل الآثار البيئية الضارة للعمليات الزراعية، والحد من استخدام المواد الكيميائية مع ضمان نهج سلامة وصحة العمال وجودة المحاصيل.
ثانياً: آلية التسعير عادلة
آلية التسعير السائدة في بورصة السلع تكون عادة مبنية على العرض والطلب، وتكون محدودة بالسوق المحلي فتستفيد من تكلفة الإنتاج -شبه الثابتة- وتضمن الهامش الربحي العادل للمزارع والمستهلك ولباقي أطراف سلاسل التوريد.
ثالثاً: بعض طرق التداول السلع في البورصات :
بورصات السلع تتداول المنتجات الزراعية والمواد الغذائية، وتُتاجر بالمحاصيل بأنواعها ويستخدمها المنتجون والمستثمرون والسماسرة وتجار الجملة والتجزئة، وهناك بورصات إلكترونية لتداول السلع من دون وجود مكان فعلي بحيث تربط المزارع والأسواق ومراكز التوزيع، والصوامع، المخازن الكبرى عبر منصة خاصة، وهذ النموذج هو الأكثر انتشارا ويتميز بتوفير بيئة تنافسية عالية، ومن أشهرها بورصة “انتركونتيننتال” الأوروبية.
وهناك عدة طرق للتداول في البورصات:
- العقود الآجلة: الطريقة الأكثر شيوعًا للتداول؛ هي شراء وبيع العقود الآجلة عبر الاتفاق على سعر مستقبلي.
- مشتريات السلع المعروضة : ويمكن حتى للمستثمرين الأفراد الشراء بأنفسهم.
- مخزون السلع : شراء مخزون من الجهة التي تكون السلعة في حيازتها (ملكيتها).
- السلع مقابل تداول الأسهم: وهي أن تضع نسبة مئوية للاستثمار في التداول.
- صناديق الاستثمار المتداولة، وصناديق الاستثمار المشتركة : جميعها صناديق تجمع عدد من المستثمرين الصغار لبناء محفظة كبيرة تحاول تتبع سعر سلعة أو سلة من السلع؛ مثلا قد يشتري الصندوق عقودًا مستقبلية ، أو قد يستثمر في أسهم مختلفة.
ختاماً .. إن أهمية وجود بورصة وطنية لتداول المحاصيل الزراعية والغذائية على مستوى المملكة لها الشخصية المعنوية الخاصة -شركة خدمات زراعية مساهمة- تضبط جودة -الغذاء- من خلال ما يفحص في معامل بالبورصة قبل نزولها للعرض، بجانب تقليل حلقات التداول على السلعة الواحدة ما سيؤدي إلى ضبط أسعار السلع الغذائية والمحاصيل الزراعية؛ فهي مشروع متكامل به جزء زراعي-غذائي، وجزء صناعي-تحويلي، وآخر تجاري-استثماري!