«حماية الأطفال من المحتويات الضارة على الشبكة العنكبوتية»

  • — الثلاثاء يوليو 16, 2024

يقضي الأطفال وقتًا طويلًا على الإنترنت، حيث يدخل طفل إلى الإنترنت لأول مرة كل نصف ثانية، بحسب اليونيسف، التي أوضحت أنه “مع الفرص والفوائد التي تتيحها إمكانية الوصول الرقمية للأطفال، إلا أنّ الإنترنت يعرّضهم أيضًا للأخطار والأضرار”.

وتقول “المفوضية الأوروبية” (European Commission) إنّ واحدًا من كل 3 مستخدمين للإنترنت هو طفل، أي نحو 33% من مستخدمي الإنترنت في العالم أطفال، وهؤلاء الأطفال يدخلون إلى الإنترنت في سن صغير عبر مجموعة متنوعة من الأجهزة، ويقضون وقتهم على الإنترنت، ويتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي (تيك توك، انستجرام، اكس، فيسبوك، يوتيوب)، ويلعبون الألعاب، ويستخدمون تطبيقات الهاتف المحمول، ويحدث هذا -في كثير من الأحيان- من دون إشراف الكبار.

ويشبّه المدير التنفيذي لمركز محو الأمية الإخبارية في جامعة “ستوني بروك، هوارد شنايدر”، منح الأطفال إمكانية الوصول إلى الإنترنت من دون الأدوات اللازمة لتدقيق موثوقية المعلومات وما قد يكون ضارًا، بأنه مثل “إعطاء الطفل ذي الـ 11 عاماً مفاتيح سيارتك وإخباره بالقيادة إلى البقالة لجلب بعض الحاجات؛ فهل ستخشى أن يلحق طفلك الأذى بنفسه؟ بالتأكيد لن تفعل خشية على سلامته وسلامة الآخرين؛ ولكن هذا بالضبط ما قد نفعله من خلال منح الأطفال والمراهقين إمكانية الوصول إلى الإنترنت من دون إشراف ووجود الأدوات اللازمة لتنقية المعلومات الجديرة بالثقة من ما قد يكون ضارًا عليهم ويعرضهم للأخطار”.

أهمية حماية الأطفال من المحتوى الضار والمعلومات المضللة على الإنترنت

الهدف وراء بعض المحتويات المضللة للأطفال والمراهقين هو تعزيز المشاركة، مما يسهم في انتشار المعلومات الخاطئة، ويفقد الأشخاص الثقة في المحتوى الذي يقرؤونه أو يشاهدونه؛ والأفضل الحد من استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي في سن مبكرة، نظراً لافتقارهم إلى المهارات اللازمة للتمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وفي حال لم نستطع الحد من ذلك فلا أقل من مراقبة استخدامهم لهذه المواقع في حال سمحنا لهم باستخدامها، إلى جانب توعيتهم بأخطار التعرض للمعلومات المضللة والمحتوى الضار على الشبكة، ولا سيما مع التقدم اللاواعي في مجال الذكاء الاصطناعي الذي جعل من الصعب التحقق من صحة المحتوى؛ أنّ ما يُرى أو يُسمع قد يكون مفبركًا أو مختلقًا تمامًا عن الواقع.

ويمكن تلخيص أبرز الأخطار التي قد يتعرض لها الأطفال من المحتوى المضلل في النقاط التالية:

  • التأثير في الصحة النفسية: قد يتعرض الأطفال للتنمر الإلكتروني أو لأحاسيس القلق والاكتئاب، بسبب التعرض للمحتوى السلبي.
  • التأثير في السلوك: قد يتأثر سلوك الأطفال سلباً، بسبب التعرض للمحتوى الذي يعزز العنف أو الكراهية.
  • التأثير في الفهم: قد يواجه الأطفال صعوبةً في تمييز المعلومات الصحيحة من المضللة، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة.

هناك تجارب في بعض الدول الغربية (مثل فنلندا وألمانيا) لدمج مفاهيم التربية الإعلامية في المناهج الدراسية، وكتنظيم دورات للأطفال تتضمن برامج تدريبية على مهارات البحث عن المعلومات عبر الإنترنت، وفهم الأخبار، والتمييز بين الأخبار الصحيحة والمضللة، واستخدام أدوات البحث العكسي عن الصور مثل Google Image. مع ضرورة تعريف الأطفال بالأضرار الناجمة عن استهلاك الأخبار المضللة، وأشكال الأخبار المزيفة، وتدريبهم على التمييز بينها من خلال نماذج متنوعة. ولعلنا نرى المزيد من تطبيق تجارب عملية في هذا المجال.

ومن الضروري لفت انتباه الأطفال والمراهقين لمنصات التحقق من صحة الأخبار المتوفرة على الإنترنت، وتعريفهم بكيفية العمل الذي تقوم به هذه المنصات في التصدي للأخبار الزائفة.

وهناك تجربة وكالة “كونا” الكويتية حيث أطلقت برنامج التدريب الإعلامي الصيفي للأطفال بعنوان “نادي كونا الصغير” وأوضحت أن هذا البرنامج يهدف إلى زيادة الوعي الإعلامي لدى الأطفال وتأهيل جيل قادر على التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة والتحقق من مصادر المعلومات.

إلى ذلك يعد مراقبون أنّ الحل في قضية دعم الأطفال لمكافحة المحتوى المضلل بالحوارات المفتوحة معهم التي تمكنهم من تقييم ما يتعرضون له من معلومات والحكم عليها إن كانت صحيحة أم زائفة.

وبحسب دراسة منشورة بجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة، فإنّ الأطفال يميلون إلى التركيز على محتوى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من التركيز على مصادر أخرى، مشيرة إلى أنه للتقليل من خطر الأخبار المزيفة على الأطفال، لا بد أن يكتسبوا مهارات التنقل عبر مساحات المجال الرقمي من دون أن يقعوا ضحيةً للتضليل. ولبدء حوار معهم حول هذه المشكلة يمكن البحث عن خبر مزيف على الإنترنت ليكون موضوع النقاش، ثم يمكن طرح أسئلة لتحفيز الطفل على التقصي ومعرفة الحقيقة، كـ”من كتب هذا؟ من يستفيد من نشره، ومن يتضرر؟ وهل استُبعدت أي معلومات مهمة من الخبر؟ هل سنجد المعلومة أو الخبر في مصدر آخر غير المنشور؟، هل اسم الموقع مألوف، أم غريب، هل محتواه يتضمن أخطاء؟ هل مرفق بصورة تثير الشكوك؟”.

تضافر الجهود حماية الأطفال والمراهقين

تأتي مسؤولية حماية الأطفال والمراهقين من المعلومات المضللة والمحتوى الضار على شبكة الإنترنت على العائلة والمدرسة والمجتمع والحكومات وضرورة تضافر الجهود لجميع لتحقيق الحماية والأمان للأطفال الأبرياء.

أما عن الجهود من قبل العائلة والمدرسة والمجتمع ، فيمكن تفعيلها من خلال:

  1. الحوار مع الأطفال: يجب على الآباء والأمهات الحوار مع أطفالهم حول أخطار الإنترنت عموماً ومواقع التواصل الاجتماعي على نحو خاص.
  2. تدريس التربية الإعلامية: يجب دمج التربية الإعلامية في المناهج الدراسية لتعليم الأطفال مهارات التعامل مع المعلومات على الإنترنت.
  3. نشر الوعي: يجب نشر الوعي حول أخطار المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حملات توعوية تستهدف مختلف أفراد المجتمع.
  4. وهذه بعض الأدوات التي تساعد في تعليم الأطفال التحقق من المعلومات:
  • موقع “ويكي هاو” لكيفية التحقق من المعلومات المضللة باللغة العربية.
  • لعبة “محقق الأخبار“، وهي لعبة تفاعلية تعلم الأطفال كيفية التحقق من صحة الأخبار.
  • موقع “أبطال الإنترنت“، موقع لمساعدة الأطفال على استكشاف عالم الإنترنت بأمان وثقة.
  • موقع “Common Sense Media” منظمة غير ربحية تقدم نصائح وأدوات للآباء حول كيفية مساعدة أطفالهم على فهم الأخبار المضللة وتجنبها.

وأخيراً .. الرقابة الأبوية تلعب دورًا محورياً مهمًا في توجيه الأطفال والمراهقين نحو الاستخدام الرشيد لشبكة الإنترنت، والاستفادة من وقت الأطفال بدلاً من إضاعته أمام شبكات التواصل والألعاب الجماعية، التي تجذبهم بهدف استغلالهم وتحقيق الأرباح؛ حيث إن الأطفال غالبًا ما يفتقرون إلى الدراية الكافية لتدقيق المعلومات، مما يجعلهم عرضة للمحتوى الضار، فيؤثر على فهمهم وسلوكهم وصحتهم النفسية.

اللهم احفظ أطفالنا بحفظك واكلأهم برعايتك، واحرسهم واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار.