في صناعة “الذكاء الاصطناعي التوليدي” المبالغ فيها، يصعب معرفة ما هو صحيح وقابل للإثبات بالدليل؟ وما هو مجرد ضجة فارغة؟ فهي أمور لا تسمح الشركات، أو وسائل الإعلام الموجه والدعائية برؤية الصورة بشكلٍ كامل، لهذا يمر هذا النوع من المحتوى بترويج كبير جداً؛ حيث تحتاج هذه المختبرات والشركات إلى أن يعتقد الجميع أن الذكاء الاصطناعي “ذكي جداً كمن يحصل على درجة الأستاذية”، بينما ببساطة هي مجرد كذب ونوع من الغش!!!
ولذلك من المهم معرفة الأشياء التي لا تفعلها، أكثر من الأشياء التي تعمل؛ فبعد أن دخلت صناعة “الذكاء الاصطناعي التوليدي” في وضع “الضجيج الكامل”، مع إصدار شركة “أوبن أيه أي OpenAI” أحدث سلسلة من الموديلات اللغوية الكبيرة التي أصدرته نماذج ” o1″ المعروف سابقاً باسم “الفراولة” ؛ وهي جزء من منصة ” ChatGPT ” التي يُزعم أنها تتفوق في التفكير المنطقي؛ فقد بدأت تظهر النتائج الأولى القائمة على البحث الموضوعي؛ إنها مجرد حقيبة مليئة بالانفعالات المختلطة؛ إحدى الميزات الرئيسة التي كان من المفترض التغلب عليها في النموذج الجديد، وهي التخطيط، فإن النتيجة الواضحة، أنه لا يزال “الذكاء الاصطناعي” غير قادر على التخطيط على نحو سليم؛ بل العملية، بدائية ومكلفة ومخادعة، الأمر الذي يقودنا إلى السؤال الذي تبلغ قيمته تريليون دولار: هل تستحق هذه النماذج كل هذا العناء بالفعل؟
الواقع أن الذكاء الاصطناعي أداة مذهلة تتمتع بالقدرة على إحداث تحسين في صناعات مختلفة، وتسهل حياتنا، ولكنها أيضاً بعيدة كل البعد عن الإتقان والكمال -كما يُصوَّر لإيهامنا- بل إنه محدود الإمكانيات من حيث الافتقار إلى الفطرة السليمة، إلى حل المشكلات المتعلقة بالتحيز والذكاء العاطفي، إلى استهلاك الطاقة والمياه وأثرها البيئي، التي جميعها تسلط الضوء على أن “الذكاء الاصطناعي” ليس الحل الأمثل لجودة الحياة.
لقد كشف التطبيق على أرض الواقع -حتى الآن- بوضوح جحم “الذكاء الاصطناعي” لمن يريد أن يرى الحقيقة، ولا يعني، ولا يُفهم ذلك أنه يجب التخلي عن تقنية الذكاء الاصطناعي، لكن يجب تعديل توقعاتنا، وعدم المبالغة والاندفاع نحوه، والاستثمار في الأساليب التعاونية (البشر والآلة يعملون معًا)، من خلال الاستمرار في العمل على حل التحديات، فهناك فوائد كبيرة لاستخدامه من خلال التعامل الواقعي مع تعقيداته وعيوبه، وطالما نواصل تحسينه وتجويده، فإنه سيظل جزءًا -وليس كل- مهمًا من المستقبل!