إن السلوك الأخلاقي للمستشار ليس مجرد ضرورة، بل هو عنصر أساسي في بناء الثقة، وقيمة مضافة له، وامتياز للعمل الاستشاري المؤتمن، وعموماً يجب أن يكون لدى المستشارين مجموعة من المبادئ والقيم التي توجه تصرفاتهم المهنية بعيداً عن السلوكيات اللاأخلاقية، التي غالباً ما تكون ذاتية، ومن المفيد الاطلاع على حالات تساعد على تعزيز الفهم، سواء كان المستشار خارجي أو قائد داخلي التي منها -على سبيل المثال لا الحصر-:
- تبنى وجهة نظر الجهة المستفيدة (العميل) مباشرة دون إبداء أي خلاف (الأمانة المهنية)، مما يعد نوع من التواطؤ، وعدم العدل.
- تقديم إرشادات تتجاوز خبرة المستشار، مما يؤدي إلى نتائج خاطئة، وقد تكون مدمرة للجهة.
- عدم إجراء ما يكفي من الاكتشاف (أو “التشخيص”)، مما يؤدي إلى خطط عمل غير مكتملة أو فاشلة.
- الدفع بوجهة نظر متحيزة “التحيز التأكيدي” أبعد مما كشفته أدلة التشخيص.
- الجهة المستفيدة لم تخبر “القصة كاملة”، ومع ذلك يجري تقديم التوصيات التي تكون قاصرة وخاطئة.
- عدم إنهاء المشروع بعد تحقيق النتائج المطلوبة، وتقديم توصيات للاستمرار (توليد عمل).
- الكشف عن معلومات سرية لأطراف أخرى دون أخذ الموافقة من المسؤولين في الجهة.
- ترتيب اجتماعًا ولقاءات مع أشخاص خارجيين دون إخبار الجهة المستفيدة.
- محاولات الإقناع بمشكلة معينة من أجل تطبيق تعلم جديد (تجريب).
- المشاركة بانطباعات سرية مع أحد الموظفين حول الجهة أو المدير.
معضلات المبادئ الأخلاقية ومعضلاتها والمعالجة
يجب أن يكون المستشارون قادرين على التعرف إلى المعضلات الأخلاقية، وأن يكون لديهم أداة واحدة على الأقل لاستخدامها في معالجتها، توثق كمدونة خاصة للأخلاق الاستشارية، وفيما يلي بعض المعلومات التي تساعد التعرف إلى المعضلات الأخلاقية وكيفية معالجتها (حلها)؛
أولاً: الأهمية المهنية
الأخلاق هي البوصلة التي ترشد المستشار عبر المتاهة المعقدة للأعمال (قطاع خاص أو عام)؛ فالالتزام بالأمانة والصدق، والشفافية، والرضا هو ما يميز المستشارين المتميزين عن غيرهم؛ فهي تبني الثقة والمصداقية، وتعزز السمعة، وتقوي العلاقات، وتشكل أساسًا للامتثال القانوني والتنظيمي؛ باعتبارك مستشار، فإن سلوكك الأخلاقي لا يحدد سمعتك المهنية فحسب، بل يشكل أيضاً تأثيرك على المنظمات والمجتمع ككل؛ فهي مهنة مبنية على الثقة والخبرة، والأخلاق المهنية فيها كالعمود الفقري الذي يجمع كل شيء معاً، ويضمن الاستمرار بكونهم مستشارين موثوقين في عالم الأعمال دائم التطور والتغير المضطرب.
ثانياً: المبادئ الأخلاقية
- الصراحة (الشفافية): كن صريحاً وصادقاً بشأن قدراتك، وتضارب المصالح المحتمل؛ فهي تبني الثقة، وتحدد توقعات واضحة للجهة التي تقدم لها خدماتك.
- السرية في جميع الأوقات: احرص على حماية المعلومات الحساسة، واستوثق من عدم الكشف عنها دون موافقة صريحة موثقة، وحافظ على سرية وخصوصية معلومات حتى بعد انتهاء عملك.
- الاستقلالية والموضوعية في التوصيات: تجنب أي مواقف قد تؤدي إلى المساس بالحيادية، أو خلق تضارب في المصالح -تمثيل مصلحتين متعارضتين في وقت واحد- تُلحق أي ضرر بالجهة، وتخلق اعتماداً متبادلًا.
- الخبرة والكفاءة: لا تتجاوز حدود خبرتك؛ قدم الخدمات في المجالات التي تمتلك فيها الخبرة فقط؛ التعلم المستمر والتطوير المهني ضروريان للحفاظ على الكفاءة.
- المساءلة: في حالة حدوث أخطاء، تحمل المسؤولية عن عملك ونتائجه؛ قم بالمعالجة مباشرة والعمل على تصحيح الوضع.
- الاحترام والتقدير للجميع: تعامل مع جميع الأفراد باحترام وتقدير؛ التنوع والشمولية مهم في الممارسة الاستشارية.
- التأثير طويل المدى (الاستدامة): فكر في التأثير طويل المدى للتوصيات على أعمال الجهة والمجتمع ككل؛ احرص على تعزيز الممارسات المسؤولة.
ثالثاُ: معالجة التحديات والمعضلات الأخلاقية
أحياناً يواجه المستشار تضارباً في المصالح، أو ضغوطاً للتنازل عن نزاهتك، أو مناطق رمادية لا أخلاقية في العمل الاستشاري؛ من المهم جداً عند مواجهة تحديات أخلاقية القيام بالآتي:
- طلب المشورة والتوجيه ممن تثق برأيه من الزملاء أو الموجهين للحصول على وجهات نظر مختلفة.
- أعط الأولوية إلى مصالح الجهة التي تعمل معها على أي مكاسب قصيرة أو مصالح شخصية، وتوضيح ذلك جيداً.
- راجع مدونة الأخلاق والمبادئ التوجيهية، والتدرب عليها للتعامل على نحو أفضل مع المواقف المعقدة.
- تجنب السلوكيات غير أخلاقية: يجب عليك تطوير وعيك الذاتي بما في ذلك ميولك وتحيزاتك وحدود خبرتك الخاصة؛
تذكر دائماً عند إقامة علاقة عمل مع جهة أو مؤسسة أو مسؤول لأول مرة، فيجب عليك بذل الجهد اللازم للتعرف إلى شخصيتهم وثقافتهم لكي تعلم هل تتوافق (أو تتعارض) مع قيم تلك الثقافة، والقيم والمبادئ والسلوكيات الأخلاقية والمهنية كمستشار!
[عدة مصادر]